الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

3 دقات


ذاتْ يَوْم في إحدي حِصَص العُلوم ألقوا علي مسامعنا تِلْك المعلومة ، أنَ مُعَدَل دقات قلب الإنسان الطبيعي تترواح من ٦٠ إلي ٩٠ دَقَة في الدقيقة ، وذهبوا لإلقاء غيرها الذي ربما كان يتعلّق" بدورة حياة دودة القز "، لا تسعفني الذاكرة للجَزْم !

وكحال كُل ما كان يُلقي علينا من فروع العِلْم المُخْتَلِفةِ أن نحتفِظ بالمعلومة شتاءً ، ثُمَّ تذهب مَعَ الريح صيفاً،  قَبْلَ أن تذهب في رحلة أبدية إلي الجحيم بفعل عوامِل الفِكر وَالسِّن !! 

وتتماهى الأيام مستَنِدَة علي عُكازي النسيان والتناسي !! وفِي الواقِع نحن نُدين لهما بالكثير فلولاهُم ما رَكضنا في حياتنا مُختالين بحماقتنا سُعداء رُغماً عن إخفاقاتنا، لَكِن ( أوبشن ) حَذْف المعلومات في دوائر الجهاز العصبي محدود القُدرات و إن عَظُم فِعلُه ، فهو يحذِف ما لا تستطيع ذاكرتك هضمه مِن مواقِف و أحداث و معلومات ، وَلَكِنه عاجِز عَن محو أثْرُه!! 

يَذْهَبْ الفِعل إلي حال سبيله ويبقي رَد الفِعل لا سبيل لَه إلا مطاردتك وهذا مِن أجلك !! لكي تتعلَم مما يُعَلِم فيك، تُخمَدْ الحرائِق بعد بُرهة وتَظَل الندوب فترة.
لِذَا لمْ ننسي عِندما كنّا صِغَارًا كنّا نتطلع إلي كُل ما كان كبير ، ونطمَع في الكثير ، ونطمَح إلي المزيد. 

نظريات الطفولة بسيطة في تفسيرها ، صعبة في تعليلها ، مُضحِكة في مضمونها، بريئة في أغراضها، وَيَا ويلتي أن كل مآربها أن تنفي تهمة الطفولة عن حاملها!! 
الأنانية رفيق دَرْب الطفولة،  الصفة المُكتسبَة التي تنمو في البعض حتي تُصبح مكتسحة، إذا لم تروض وهي بذرة فطرية تنمو لتكوِّن شَجَرَة تضرِب بجذورها في تجاويف شخصيتك وتسيطر عليك.

وفِي الفِطرة السليمة كما تكون أنانية الأطفال " لذيذة" التخلُّص منها تدريجياً يمنحك شعوراً "ألّذ" !! شعور النضوج الذي ينمو يوماً بعد يوم  بَعْدَ كل المعارك التي تخوضها طواعية أحياناً ورُغماً عن أنفك كثيراً ! بعد أن تصل لحقيقة سَاطِعة كالشمس وهي أن الدنيا كروية الشَكل لتظل تلهث باحثاً عن نقاط البداية والنهاية فلا تَجِدها!! أما في واقِع جوهرها فهي مربعة ،يتساوي فيها الطُول والعَرْض !! 

القليل يؤدي بكفاءة ما يؤديه الكثير ، عندما تَصِل لذلك اليقين إذن مبروك لَقَد كَبِرت ، أما إذا أيقنت أن ذلك القليل أبرَع مِن الكثير فتهانينا الحارة لَقَد نضجت! 

أنظر لمقلمة طِفل ستجدها مُكدسة بالأقلام والألوان والممحاة المعطرة والمساطر علي كل لون وغالباً لا يؤدي هذا الطِفل واجبه إلا بالوعيد ولا يكتب درسه إلا بالتهديد ، بينما  إذا تحسست جيبك أو بحثتي في حقيبتك فستجد قلم علي الأكثر وبالرغم من ذَلِك تؤدي مهامَك علي تمامها. 

كنّا نتراهن كرفقاء للأيام الخوالي عن صاحب أكبر عدد دقات قلب فيكون الأوفَر حظاً لأنه الأكبر سناً أو ربما أنه لديه مِن الأسباب ما يجعله يدُق يدُق. 

أسباب بعيدة كُل البُعد عَن المرض الَّذِي كان لا يتجاوز دور البرد فكنا نتخيل أنه المرض الوحيد الذي خُلِق في الحياة !  

ولا أدري وصولنا لحقيقة أن كل ما يحتاجه المرء هو (٣ دقات ) وإيمانِنا بتلك الحقيقة القلبية الفذة التي وصل إليها العبقري ( أبو ) والجميلة ( يسرا)، يعني أننا نضجنا أم هرِمنا! 

لن أنشغل بذلك كثيراً،  فجلّ ما يعُنيني لحظِة إكتشافهم تِلْك الحقيقة!  قبل غروب الشمس في اللحظات الفاصلة لآخر خيوط النهار ، في لحظات الأستعداد لمواجهة المجهول ، ومبارزة الليل العاتم الذي لم يبزغ قمره ، بدراً كان أم هِلالاً ،  مِن رحِم لحظات اليأس توُلَد السعادة. 

إنه الأمل الذي يبرُق فجآة ولمرة واحدة لن تدري أبداً مِن أين سيطُل برأسِه،  مِن البحر كعروس البحر، أم مِن السماء كملَكٍ كريم، وربما مِن باطِن الأرض كالنبتةِ مِن قلب الحجر. 

أمتليء بالرجاء فالأمل في اللَّهِ  لا ينقطع، وأشغل تفكيرك وأشحن ذاتِك بما ستفعلُه عندما تقابل ( عروس البَحْر) !
اَي ما تتمناه مِن قولٍ أو فِعلٍ أو عَمَلْ ،و ينطبق عليه وَصْفْ الأمل، و تقيم له عُرس في  بَحْر أحلامَك ، ستشعر عِندما تجدُه بفرحة لقاء عروس البَحْر.

 علي أرصفة الأنتظار سواء علي البر أو البحر نصرِفُ ببذخٍ  أيامَ العُمر التي سريعاً ما تَمُر ، نمضيها جميعاً كما كان يمضيها ( أبو ) نحكي ونشكي ونشرَح ونعيد وغالباً ما نجود ونزِيد، ننشغل بالشكوي لدرجة أننا لا نلمَح الفُرصَة إلا قليلاً ممن طلبوا الرحمة من ربي . 

وتأتي الفُرصة تتخايل علي هودج الصِراع بين قلبك وعقلك ، و لكِن أنتبه الوقت ضيق لا يحتمِل تِلْك( الخناقة) كُن حاسماً معهما فلكلٍ دوره إذا تدخل أحدهما في عمل الآخر ستنفلت الفرصة حاملة معها آخر خيوط الأمل وستندم ما تبقي مِن عمرك لأنك لم تصرخ وتقولها أنا ( ولهان).

أوصيك وصية المحبين، بأن تقتطعَ من وقتِك خمسُ دقاءق وأسمع بأنصات لأغنيةِ (٣ دقات) أسمعها بقلبك وعقلك ثم بأذنك، جعبةُ الحياة ممتلئة بكلِ ما لايسُرك وَلَكِن كنْ علي ثقة بأن لك في ( ذِمتها) هدية تصالحك بها علي ما فات وتعينك علي ما هو آت.

 لقد ولَّ زمن السِحِر ولَم يعد بيننا مكان للسحرة، لَكِن ما نأمل أن يكون في إنتظارنا ما هو (أقوي من السِّحْر)! إنزع ثوب الشكوي و رداء الأنانية فتلك الألبسة لا تليق إلا بطفل ، فما دمت تجاوزت طور الطفولة لا تتباهي إلا  بثوب الصَّبر ، وأطمع قدر ما شئت -فقط - في الأمل المُشبّع باليقين. 

وفِي هذا اليوم أُلقي عليكم تلك المعلومة ويمكنني الجَزم بأنك ستُفكِر ملياً في ( دورة حياتك )!! وهي أنَ مُعَدَل دقات قلب الأنسان الطبيعي حوالي ٣٢ مليون دقة في السنة ! بما يعني مليار دقة في الثلاثين سنة ، لولا تِلْك الدقات المنتظمة الأيقاع ( ما عِشْنَا) ، ولولا الدقات المضطربة الثلاث ( ما حيِينا).
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط