الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

مصر تأخرت 30 عاما عن بناء العاصمة الجديدة .... اسألوا نيجيريا و كوت ديفوار


تأخرت مصر أكثر من 30 عاما عن تسليح نفسها بالعاصمة الإدارية الجديدة ، ومن يرى عكس ذلك عليه الإطلاع على تجارب بعض الدول الإفريقية التي سبقتنا في ذلك بعشرات السنين وعلى رأسها نيجيريا وكوت ديفوار.

 ولن استشهد هنا بدول أكثر تقدما منا مثل البرازيل التي استبدلت عاصمتها القديمة ريو دي جانيرو سنة 1960 بالعاصمة الجديدة برازيليا، بل سأتحدث عن كوت ديفوار التي اتخذت ياموسوكرو عاصمة سياسية و إدارية لها بدلا من العاصمة أبيدجان، و ينطبق نفس الوضع أيضا على نيجيريا التي بادرت ببناء عاصمتها الجديدة أبوجا رغم الصعوبات الإقتصادية التي تواجهها لتضاهي بها أحدث المدن العالمية بعد أن أصبحت الحياة لا تطاق في العاصمة القديمة لاجوس سواء بسبب الإزدحام المرعب أو بسبب العشوائيات أو تزايد معدلات الجريمة و الضوضاء والتلوث .

فالأمر الذي لا يعلمه الكثيرون هو أن ياموسوكرو عاصمة كوت ديفوار السياسية والإدارية الجديدة، كانت ثمرة لقاء عقد في القاهرة ،في 1978 ، بين الزعيم الإيفواري الراحل ، فليكس هوفوييه بوانيي، وبين الزعيم المصري الراحل أنور السادات حيث أطلعه السادات على أنه أصدر قرارا بإنشاء عاصمة سياسية و إدارية جديدة لمصر، تقع في منتصف المسافة بين القاهرة و الإسكندرية وسيطلق عليها اسم السادات بهدف نقل مقار الرئاسة والبرلمان
والوزارات والسفارات إليها لتخفيف التكدس السكاني الخانق الذي تعاني منه القاهرة.

وقد أعجب الزعيم الإيفواري ، بوانيي، الذي قاد كوت ديفوار للاستقلال عن فرنسا، بفكرة السادات، وأكد له أنه كان يفكر مثله في إنشاء عاصمة جديدة لكوت ديفوار، بعد أن كتظت أبيدجان هي الأخرى بسكانها، وتدهورت بنيتها التحتية ، مؤكدا له أن زيارته لمصر ستجعله يبدأ في بناء العاصمة الجديدة لكوت ديفوار فور عودته لبلاده .
وبالفعل انتهي الزعيم هوفوييه بوانيي في حياته من مشروعه بتحويل ياموسوكرو إلى عاصمة جديدة لكوت ديفوار
وبلغ قمة نجاحه في نقل مقار الرئاسة والمصالح الحكومية والسفارات إليها في 1983 في حين لم يمهل الإرهابيون السادات الوقت الكافي للانتهاء من تنفيذ مشروعه العملاق ليغتالوه ويغتالوا معه حلمه العظيم باستكمال عاصمة مصر الجديدة لتكتفي مدينة السادات بالمصانع و لمزارع التي أقيمت فيها خلال حياة السادات.

ومن جانبها لم تنتظر نيجيريا طويلا فشرعت هي الأخرى في منتصف الثمانينيات من القرن الماضي في بناء عاصمتها الجديدة وأطلقت عليها اسم "أبوجا" ، ليتم افتتاحها رسميا في 1991، لتتوج جهدها الرامي لتخفيف حدة الانفجار السكاني الذي تعاني منه لاجوس عاصمة الدولة الإفريقية الأكثر سكانا في القارة السمراء بنحو 150 مليون نسمة .

ومن يزور اليوم نيجيريا، ويعقد مقارنة بين العاصمة الجديدة، أبوجا ، وبين العاصمة القديمة، لاجوس، سيشعر باختلاف رهيب سيجعله كما لو كان قد انتقل من القرن التاسع عشر، إلى القرن الحادي والعشرين . فأبوجا أصبحت تضاهي في جمالها ، وتطورها نيويورك في جمال مبانيها ونظافة شوارعها واحترام ساكنيها لقواعد المرور.

ومثلما يوجه بعض المغرضين أو الجهلاء اليوم، الانتقادات للرئيس السيسي لقيامه بتسليح مصر بعاصمة إدارية جديدة، لتخفيف العبء عن القاهرة ، وحمايتها كمدينة تاريخية من الانفجار السكاني الرهيب ، حفاظا على تراثها
وآثارها الفرعونية والإسلامية والقبطية وإعادة توزيع سكان مصر في الصحراء لحماية الأراضي الزراعية من الزحف السكاني ، واجه زعماء كوت ديفوار ونيجيريا نفس الإنتقادات، بزعم أن الدول النامية عليها أولا القضاء على الفقر قبل الشروع في تنفيذ مشروعات قومية كبرى، متناسين أن هذه المشروعات هي التي تساهم بقوة في مكافحة الفقر وتصعد بإقتصاديات الدول النامية.

وفي واقع الأمر لم تأتي لي فكرة الكتابة عن أهمية العاصمة الإدارية الجديدة، إلا بعد أن شاهدت بالمصادفة على شبكة الإنترنت تلخيصا لمباراة القمة بين الزمالك والأهلي في موسم 1984، حيث فوجئت بمعلق المباراة، الراحل إبراهيم الجويني، يعلن أن سكان مصر البالغ عددهم 45 مليون نسمة يشاهدون الآن مباراة القمة.

ووفقا لآخر تعداد سكاني في 2017 بلغ عدد سكان مصر 104 ملايين نسمة وهذا يعني أن مصر يتضاعف سكانها كل 30 عاما فماذا يمكن أن يكون شكل القاهرة لو وصل سكان مصر إلى 200 مليون نسمة لو لم يكن السيسي قد بادر بإنشاء عاصمة جديدة لمص ؟
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط