الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

دعوة لمصالحة تاريخية بين إيران والسعودية


العالم العربي الآن بات على مشارف حرب طاحنة بدأت تدق الآن لإشعال المنطقة وإشاعة الفوضى فيها وإذكاء نيران حرب مذهبية طاحنة لإسقاط الجيوش الوطنية العربية والإسلامية لضمان أمن إسرائيل على المدى البعيد ، ولقد حذرت تحذيرًا شديد اللهجة منذ عدة شهور في عدة مقالات على صدى البلد ، وحذرت ــ أيضا ً ــ من السيناريوهات التي ستلجأ إليها الإدارة الأمريكية وإسرائيل لجرجرة السعودية في حرب طويلة الأمد مع إيران بعد تصعيد المخاوف منها ، وفتح جبهات لحرب أخرى لا تقل شراسة مع لبنان وتحديدا "حزب الله"، ويمكنكم الرجوع للسيناريوهات التي حذرت منها عبر قراءة مقالي" خدعة القمة العربية الإسلامية الأمريكية" عبرهذا الرابط : http://www.elbalad.news/2777001

، والحق أقول إن ويلات الحرب الطائفية والمذهبية التي طبخت واستوت الآن وبدأت شرارتها تنطلق ، سوف لا ترحم أحدًا ، وستطول العائلة الحاكمة في السعودية نفسها وربما تدفع بجميع أفرادها إلى خلف القضبان ، والأخطر أن السيناريو القادم الأكثر تعقيدا ً بعد تحقيق هذه الأهداف الصهيو أمريكية هو تغيير جغرافية ومسمى المملكة نفسها وهو ما حذرت منه منذ سنوات طويلة ، ولا يظن ظان أن الإدارة الأمريكية ستظل داعمة لآل سعود حتى النهاية ، لأن التاريخ يؤكد أن الإدارة الأمريكية تصنع حلفائها ثم تتخلص منهم وتطيح بهم بلا هوادة ، فهي لا يهمها السعودية ولا إيران ولا أي أحد بل يهمها فقط مصلحتها وضمان أمن إسرائيل ، وفي يد الإدارة الأمريكية كروت مرعبة للضغط على المملكة واستنزاف مواردها وثرواتها عبر جرجرتها في حروب مذهبية " سنية ـ شيعية " ، فهي البقرة الحلوب للإدارة الأمريكية وذلك بحسب وصف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نفسها وقت حملته الانتخابية.

وقد استطاع بالفعل حلب 400 مليار دولار في زيارته السابقة للملكة العربية السعودية والبقية تأتي عندما تهرول المملكة للإدارة الأمريكية طلبا للحماية إذا نجح المخطط الأمريكي في إيقاع السعودية في فخ مستنقع الحرب مع إيران وحزب الله اللبناني ، وستسعى المملكة طلبا للأسلحة بالمليارات حتى تستطيع مواجهة غريمها الشرس والمحنك والمدعوم من عدة قوى دولية وربما يكون مدعوم سرا من الإدارة الأمريكية ، وفي ظل تعدد هذه الجبهات المفتوحة أمام المملكة العربية السعودية خاصة والجبهات التي تم فتحها مؤخرا باعتقال أمراء سعوديين تحت زعم تورطهم في قضايا فساد ، ووضع رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري قيد الإقامة الجبرية في المملكة ، وبدأ التصعيد ضد حزب الله ، والجبهة المفتوحة في اليمن وسوريا.

في ظل هذه الجبهات والمستنقعات فغن ذلك سيؤثر بلا محالة على الأمن الداخلي وسيؤثر كما قلت سابقا على دخل المملكة من الحج، وستتردى الأوضاع الاقتصادية تزداد سوءا ، وهو ما يزيد حدة الغضب الشعبي ضد العائلة الحاكمة ، وفي ذروة هذه الأوضاع المرعبة ربما تلجأ الإدارة الأمريكية لحلب المملكة والإجهاز على العائلة المالكة ولإتمام مخطط التقسيم والتفتيت الموضوع من الثمانينات إلى التلويح بقانون جاستا وهو قانون العدالة في مواجهة رعاة الإرهاب والذي يسمح لأهالي ضحايا 11 سبتمبر 2001 بتعويضات طائلة ، والأخطر بل والمرعب ولسيناريو الذي ربما لا يكون متوقعا ولكنه واراد هو لجوء الإدارة الأمريكية للكشف عن بقية الأسماء المتورطة في أحداث 11 سبتمبر ورفع الحظر عنها.

حيث ذكرت تقارير أن الملك سالمان نفسه ملك السعودية متورط في هذه الأحداث لصلته بجماعات لها صلة بتنظيم القاعدة ، وهو ما يعني تقديمه للمحاكمة في حالة ثبوت صحة ما تردد من تقارير في هذا الشأن ، بجانب التلويح بجرائم الإبادة الجماعية في اليمن ودعم المملكة لجماعات تكفيرية متطرفة ، وغير هذه الكروت التي ستلعب عليها الإدارة الأمريكية ، ولذلك فليس مستغربا أن نجد المملكة الآن تهرول لتحقيق تقدم ملحوظ في مجال حقوق المرأة وتطوير الخطاب الديني وملاحقة شيوخ التطرف بل ورأينا محمد بن سلمان يتكلم عن خطورة الفكر الوهابي ووصفه بأنه فِكر مدمر ويتكلم أيضا عن الإسلام المعتدل ، وفي الحقيقة لم ولن تنجو المملكة العربية السعودية من فخ الحرب المذهبية مع إيران ولن تنجو المنطقة كلها بالتبعية من ويلات هذه الحروب التي تخدم أمن إسرائيل إلا من خلال ضرورة إعمال العقل وجوهر الإسلام الصحيح الذي يرفض المذهبية والطائفية وقتل الأبرياء بالملايين ، ولن يتأتي ذلك ــ أبدًا ــ إلا من خلال خطوة جريئة تقوم بها السعودية ومحمد بن سالمان نفسه ، كما يجب أن تسعى إليها بنفس الجرأة الجمهورية الإسلامية الإيرانية ، وهذه الخطوة تتمثل في مصالحة تاريخية بين إيران والسعودية.

وهذه المبادرة كنت أول من أطلقها منذ عدة سنوات واطلقتها أكثر من مرة خلال الثلاثة أعوام المنصرمة لتجنيب المنطقة ويلات الحرب والدمار والقتل والنحر والذبح تحت ستار الدين والدين بريء من كل هذه الجرائم ، والمصالحة التاريخية بين إيران والسعودية ليست مستحيلة متى توافرت إرادة السلام والتعايش والبناء ، ومتى توافرت في الحكام جوهر الدين الصحيح بعيدا عن الأطماع والأهواء والأغراض والإنبطاح لأعداء الأمة العربية والإسلامية ، ومن خلال هذه المصالحة يتم وضع وثيقة تاريخية لن ولن ينساها التاريخ تؤرخ لعهد جديد من السلام والأمن وتتغاضى عن مآسي الماضي وويلاته مع تقديم اعتذار من كل جانب للآخر في حالة وجود جرائم تاريخية ، وهذا الأمر ليس ببدعة بل له سوابق تاريخية حيث اعتذر بابابا الفاتيكان السابق عن الجرائم التاريخية التي ارتكبتها الكنيسة الكاثوليكية في العصور الوسطى تحت ستار ديني ومذهبي لتحقيق مكاسب سياسية.

وخرجت أوروبا من عصور الظلام بعد أن أدركت ويلات الحرب المذهبية ، وإنني من هنا اطالب الملك سلمان ملك السعودية وابن محمد كما أطالب الرئيس الإيراني حسن روحاني بضرورة تبني هذه الدعوة وهذا المطلب حقنا للدماء ونبذا للعنف ولإظهار الصورة الحقيقية الصحيحة للإسلام للعالم ، كما أطالب الأزهر الشريف برعاية هذه المبادرة وكافة الشيوخ المؤثرين في الفكر العربي واطالب ايضا منظمة المؤتمر الإسلامي بدعمها ، كما أطالب الرئيس عبد الفتاح السيسي كداعية سلام أن يكون وسيطا في هذه المبادرة مع عدد من ملوك ورؤساء العالم العربي والإسلامي لإجهاض المخطط الأمريكي لإسقاط المنطقة واستنزافها وتجويعها وإفقارها ، وإشغال العالم العربي في هذه المشكلات للتفرغ إسرائيل لإتمام بناء المستوطنات وإنفاذ مخططاتها الآثمة في المنطقة ، وللعلم الشيخ احمد الطيب كان قد حذر من خطر المذهبية وقال السنة والشيعة هما جناحا الأمة العربية كما صلى بجوار المرجعية الشيعية في العاصمة الإندونيسية جاكرتا .. فهل يستفيق العرب قبل فوات الآوان ؟
اللهم إني بلغت اللهم فأشهد
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط