الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

ناصر خليفة يكتب: كيف تنهض أمة تحركها تويتة ويربكها هاشتاج ؟!

صدى البلد

لا يخفى على أحد هذا الانتشار المخيف للتأثيرات السلبية لمواقع التواصل الاجتماعي"فيسبوك وتويتر " مما أصاب مفاصل الواقع الحقيقي بشلل نصفي "حتى الآن" فتوقف ثم تراجع للخلف، وراح من يدعون الفكر وإمتلاك العقلية الواقعية يقلبون في الماضي وينبشون في التاريخ ليبرزوا أسوأ ما فيه من اختلاف وخلافات وفتن، لندخل في حوارات وجدال عقيم لا يثمر غير مزيد من الفرقة ومزيد من العداءات بين أبناء أمة واحدة، أمة يدعي أربابها انهم ذوي أصول وجذور واحدة !.

فما يحدث كل يوم في البرامج الإخبارية والهيجان الإعلامي ما هو إلا رد فعل لهذه المواقع وليس العكس كما يقول الكثيرون ويدعون أن أحداث الواقع تنعكس على مواقع التواصل، من المؤكد أن مواقع التواصل هي الواقع الحقيقي وليس "الافتراضي" كما يسميه البعض ، فكم من مرات نجد تأثيرا مباشرا وغير مباشر للـ"تويتة" الفلانية أو "الهاشتاج والبوست "العلاني لسياسيين وقادة وصناع قرار من رؤساء حكومات ووزراء الى آخر قوائم المسؤولين في عالمنا العربي المعاصر والمحاصر، مما جعل كل حراك سياسي أو تحرك دبلوماسي يأتي طبقا لما وصلهم من تويتر وفيس ! وقد تجد حربا اندلعت نتيجة لـ "تويتة وتغريدة" .

وعن المجتمعات والشعوب حدث ولا حرج فقد تشعر وكأننا جميعا كمجتمعات عربية غرقنا في هذه البحيرة الاليكترونية من فيس لتويتر، غصنا اجتماعيا وفنيا وأدبيا واقتصاديا فقد تجد زلزالا في سوق الأسهم نتيجة لتصريح على إحدى صفحات الفيسبوك أو على موقع تويتر !! وهذا الحاصل على كافة الأصعدة في كل جوانب حياتنا العربية !

في الوقت نفسه كرس هذا التفاعل العجيب في تلك المواقع الغريبة؛ المزيد من الانفصال الاجتماعي وإن شئت قل التفسخ الاجتماعي والجفوة الأسرية ، لأنه وصل إلى عمق العلاقات الأسرية والعائلية في مؤسسة الزواج !

ولعلماء النفس والمحللين النفسيين في تلك الظاهرة أبحاث ذات نتائج مخيبة للآمال ومحبطة للغايات ! وهكذا حالنا وهكذا حياتنا ! للحد الذي تشعر فيه وكأننا قد حكم علينا بالإقامة الطوعية في هذا العالم العربي الجديد ، عالم تويتات وبوستات وهاشتاجات ! وفي المقابل عوالم أخرى تعيش واقعها الفعلي، تعمل وتنتج وتخطط لمستقبلها وتنمي أفكارها وصناعاتها وتسرع الخطى للأمام ولا تبالي لما يحدث حتى لا تتوقف عجلة إنتاجها بعد أن رأت أمة العرب غارقة في شتاتها على مواقع الإنفصال الاجتماعي والفكري وليس التواصل ! ولا أدري متى نفيق من هذا السبات والوهم الاليكتروني الذي سلبنا إرادتنا وأنهك عزيمتنا وشتت وحدتنا ، فقد تركنا إيجابياته ولم نستفد منها شيئا يذكر وتعلقنا بكل سلبياته، ومازلنا عالقين !

راقب "على سبيل المثال وليس الحصر" تطورات الأزمة اللبنانية الأخيرة كيف لعب تويتر دورا بارزا من خلال تويتات سعد الحريري وخصومه وساسة لبنان ! راقب وتابع وارصد وحلل أخبار الفضائيات عن تويتات الفنانين والإعلاميين والعسكريين والسياسيين حتى رجال الدين وعلماء الفتاوى ، وهلم جرا .

ربما لم يأت هذا المقال بجديد لكنه مجرد إشارة ولمحة لطبيعة المشهد العربي سياسيا واجتماعيا ، لا بأس أننا لدينا معوقات كثيرة في طريق التنمية والنهضة لكن ما ذكره المقال هو معوق خطير من جملة المعوقات والعراقيل ، فكيف تنهض أمة العرب وقد أصبحت التويتات والهاشتاجات زادها والتغريدات والبوستات زوادها ! .

ختام : واسأل العرب أين أمجادهم ؟!
وكل العرب في الأوهام قد غرقت كل أحلامهم !!..