قانون التأمين الصحي "اليتيم"

لازلت لم أستوعب ان قانون التأمين الصحي الذي ينتظره كل مصري بدون مبالغة سوف يطبق خلال 15 عاما من الان وسوف يبدأ في محافظتي بورسعيد والاقصر العام القادم اي ان مواطني المحافظتين سوف يستمتعون بمزايا القانون وخدماته دون غيرهم من المصريين وأن ابناء محافظة القاهرة سوف يصل اليهم قطار الخدمة بعد 15 عاما سيحرمون فيها من الاستمتاع بالخدمات.

إن هذا الامر يدعو للسخرية الشديدة .. فبعد سنوات طويلة من الانتظار والتعديلات يخرج برنامج تطبيق القانون بهذه الطريقة الكوميدية التي حتما تفتقد الي العدالة المنطقية.

وأما مسألة التكلفة فهي رقم ايضا مبالغ فيه.. فمن اين تأتي الدولة بفائض 600 مليار لتطبيق القانون وتقديم الخدمة في الوقت الذي تعاني فيه الموازنة العامة من عجز تبذل جهود كبيرة جدا لخفض نسبته عاما بعد الاخر.

إن طرح قانون التأمين الصحي بهذا الشكل امر له تفسير واحد وهو ان الحكومة لم تعطه القدر الكافي من الاهتمام فيخرج هكذا تائها يتيما ان صح التعبير، بينما المواطن المصري يستنزف اموالا طائلة سنويا حتي يحصل علي خدمة علاجية متميزة غالبا ما يكون مصدرها مؤسسات علاجية خاصة وليست حكومية.

إن مرحلة تطبيق القانون يجب ان تشمل كل المصريين في وقت واحد وفي زمن واحد ثم يتم بعد ذلك الارتقاء بها درجة تلو الاخري حتي تصل الي المستوي المنشود من الخدمة، ففكرة اختيار محافظات دون غيرها ليبدأ التطبيق فيها امر مرفوض ان تم طرحه للمناقشة المجتمعية.

التعليم والصحة هما الملفان الاكثر صعوبة في الوقت الراهن، فمحاولات تطوير التعليم الاساسي والارتقاء بمستوي الخدمات الطبية والعلاجية محاولات محمودة لكنها تحتاج الي الكثير من الجهد والفكر والاستثمار والأهم العدالة في التطبيق.