الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

عقدة النقص


عقدة النقص من العقد النفسية المعروفة على مستوى العالم، بين العامة والمتخصصين فى العلوم النفسية والسلوكية، ويستخدم هذا المصطلح بكثرة بين عامة البشر، حيث يطلقونه على الآخرين إنك تعانى من عقدة النقص، ودئمًا ما يجيب الطرف الآخر: لا بالعكس أنا متفوق فى كذا وكذا أكثر من غيرى.
 
ومن هنا نرى أنه توجد خلف جميع أنماط السلوك التى تحاول أن تظهر شعورا بالتفوق، عقدة نقص تدعوه إلى بذل مجهودات خاصة لإخفاء مشاعر النقص التى يعانى منها، فهو مثل ذلك الشخص الذى يخاف بأن يوصف بقصر القامة فيقوم بالمشى على أطراف أصابع قدميه حتى يظهر بأنه أطول من حقيقته.
 
ولايوجد شخص أيا كان يستطيع تحمل مشاعر النقص لفترة طويلة، ولو حدث وتعرض شخص لمشاعر النقص لفترة طويلة، فإنه سيعانى من ضغط عصبي شديد يتطلب رد فعل سريعًا.
 
إن هذا الشخص سيظل غير قادر على التعايش مع مشاعر النقص وسيبذل أقصى ما فى وسعه للتخلص من هذه المشاعر، لكن الطرق التى سيستخدمها مثل هذا الفرد لن تنجح، ورغم أن هدفه هو التفوق على المصاعب التى تواجهه، فإنه سيحاول إقناع نفسه، بل إجبار نفسه فى بعض الحالات، على الشعور بالتفوق دون بذل أى محاولة حقيقية للتغلب على العقبات والصعوبات التى تعترض طريقه.
 
ورغم كل هذه المحاولات والقناعات الشخصية الزائفة لإسكات جراحاته النفسية وعذاباته المستمرة، إلا أن مشاعر النقص سوف تزداد كثافة وشدة، هذا لأن تلك المشاعر مازالت موجودة، وحيث إن جذور المشكلة مازالت موجودة، فإن كل خطوة سوف تقوده إلى المزيد من خداع وتضليل النفس، كما أن كل مشكلاته سوف تضغط عليه بصورة أكثر إلحاحًا.
 
وحيث إن مشاعر النقص ينتج عنها الكثير من الضغوط، فإنه سيكون هناك دائمًا رد فعل فى محاولة لتعويض الشعور بالنقص عن طريق التظاهر بالشعور بالتفوق، ولكن رد الفعل هذا لن يكون فى اتجاه محاولة حل المشكلة ذاتها.
 
بهذا تكون الحركة نحو محاولة التظاهر بالتفوق حركة نحو الجانب عديم الفائدة من الحياة، أما المشكلة الحقيقية فإنها ستبقى مركونة دون أى محاولات حقيقية للتعامل معها.
 
ونجد أن الأفراد ممن يملكون عقدة النقص يحاولون تضييق مجال حركتهم، حيث إن همهم الأكبر هو محاولة تجنب الهزيمة بدلًا من محاولة إحراز النصر والنجاح، وسيكون الانطباع المعروف عنهم هو التردد، والجمود، والتراجع أمام الصعوبات.
 
أجد أن تلك العقدة، عقدة النقص، تنطبق تمامًا على بعض الدويلات الصغيرة، التى تتظاهر بالقوة، دون العمل على حل المشكلات الحقيقية لديها، كما تنطبق أيضًا على الدول التى تتظاهر بالقوة لاغتصاب حقوق الآخرين كرد فعل سريع لحماية نفسها من الشعور بالنقص الملازم لها طوال تاريخها.
 
علينا كمصريين فى هذا الوقت التاريخى الصعب، الحفاظ على هويتنا وحضارتنا، السعى الحقيقى لتحقيق التفوق الموضوعى المرن، تجاه التعامل مع مشاكلنا الحقيقية، بالعمل والإنتاج والعلم والمعرفة، وعلينا جميعًا أن نعى أنه كلما كانت شعوبنا بحالة جيدة من التعليم والمعرفة والصحة، فإننا سنتمكن من إيجاد طرق جديدة ومختلفة للسعى نحو تحقيق أهدافنا لتحقيق التفوق ومواجهة مشاكلنا الحقيقية.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط