الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

أمريكا تترنح.. !!


استقبل الرئيس الأمريكى ترامب اللطمة الدولية التى نجمت عن عرض قراره الخاص بنقل سفارة الولايات المتحدة الأمريكية إلى القدس ، برد فعل غاية فى التكبر ، والغرور ، والشطط ، وذلك بإعلانه أنه سوف يتخذ قرارا بوقف وقطع كافة المعونات والمساعدات للدول التى صوتت فى الجمعية العامة للأمم المتحدة ضد قراره ، وهو بالطبع رد فعل غاية فى الخطورة والأهمية ليس على المستوى المحلى المصرى فحسب ، وإنما على مستوى العالم بأسره ، لعدة اعتبارات ترتقى إلى مستوى الأسباب المؤججة فى النهاية للشعور بالكراهية والرفض للولايات المتحدة الأمريكية بسبب سلوك رئيسها، من أهم تلك الاعتبارات ، أن المساعدات والمعونات الأمريكية لا يتم منحها نزولا على سواد العيون للدول الممنوحة لها تلك المعونات، وإنما هى مقابل يقينى لمصالح مؤكدة تتحقق للولايات المتحدة الأمريكية من جراء تقرير مثل تلك المساعدات.

كما أن تلك المصالح لا يجب إطلاقا حصرها فى إطار ضيق ومادى ملموس ، وإنما يتسع نطاقها ليشمل مجموعة من التيسيرات ، والتعاملات مع الولايات المتحدة الأمريكية باعتبارها الدولة الأولى دوما بالرعاية ، وإعطاء منتجاتها خاصة فى مجال التقنية والتسليح المرتبة الأولى لدى تلك الدول ، الأمر الذى يعود بإيرادات هائلة للخزانة الأمريكية تعادل مئات المرات حجم أي من تلك المساعدات والمعونات ، وعلينا أن نعلم أن الموازنة الأمريكية لهذه المعونات يتم تغذيتها من خلال السيطرة والهيمنة الأمريكية على مناطق بذاتها يقع فى داخلها مصادر هائلة للثروة سواء التعدينية ، والطبيعية ، والإستراتيجية ، مثلما حدث فى العراق حيث مازالت تسيطر القوات الأمريكية على مناطق إنتاج النفط العراقى نزولا على حجج واهية ومبررات زائفة ، وقدر هائل من تلك المساعدات والمعونات يتم دوما بشكل مباشر وغير مباشر فى شكل عينى يعود بالنفع أولا وبالدرجة الأولى على الاقتصاد الأمريكى الذى يضمن من خلال تلك الوسيلة حسن إنعاشه ، ودفع كمية هائلة من السيولة ، والتشغيل ، فى كافة آلياته ، ومؤسساته، حيث يتم تصدير كميات هائلة من الأسلحة والمعدات وفقا لبرنامج المعونات.

وتهدف السياسة الأمريكية دائما فى مناطق العالم المختلفة إلى ضمان استمرار حالة السخونة فى تلك المناطق بشكل يحقق سياسة التفتين ، والتقسيم ، والتآمر من أجل ضمان استمرار الهيمنة الأمريكية ، وأري أن اللطمة التى تحققت سواء فى مجلس الأمن ، أو فى الجمعية العامة للأمم المتحدة ، والتى تمثلت فى التصويت لصالح القرار المصرى الرافض لأى تعديل فى هوية القدس ، والذي حصل على 14 صوتا مقابل صوت واحد يتمثل فى الفيتو الأمريكى ، فضلا عما تم فى الجمعية العامة للأمم المتحدة من التصويت لصالح القرار المصرى من خلال 128 دولة ، مقابل 9 دول ، وامتناع 35 دولة عن التصويت ، وهذه النسبة لم تكن واردة إطلاقا فى حسابات الإدارة الأمريكية المتغطرسة كما أن نتائج تلك التصويتات باتت تقطع فى رسم صورة جديدة للسياسة الأمريكية لدى شعوب العالم ، مؤداها فى النهاية الرفض الكامل لتلك السياسة ، ورد الفعل الأمريكي تجاه تلك اللطمة أصبح يعجل بضرورة التفكير والسعى ، لإيجاد وسائل أخرى بديلة لتلك المعونة المذلة للعالم بأسره ، والتى أصبح من الحتمى ضرورة البدء التدريجى والعاجل ، للاستغناء عنها ، والبحث عن بدائل أخري ، ومن ثم فإن الأمر بات يستوجب التفكير فى عدة مقترحات ، فكلما زادات البدائل لحل المشكلة الواحدة كلما تعددت سبل حلها ووقت حلها أيضًا ، ومعرفة كينونة تلك المعونة هى مفتاح الحل.

إذن فنحن أمام مقترحات عدة وأفكار عدة ، إذا كانت أموالًا مقابل برامج تنمية أو ما شابه فالحل فى يدنا وداخل حدود أرضنا ومن بين أيدى أبناء وطننا ، وإذا كان جزء منها قطع غيار أو ما شابه ذلك فنحن أمام اختيارين إما أن نبدأ فى برنامج شامل لدعم الصناعة أو نبحث عن البديل الفورى وربما كان أوفر حظًا وذا مكسب حقيقى بغض النظر عن التكلفة المادية ولكنه سيكون مكسبًا من نوع آخر يكتسب طعم الند للند وحينها سنكون نظراء دون اللجوء إلى ألعاب سياسية ربما نستخدمها بشكل آخر فى مجال آخر. 

كما يجب وعلي الفور فتح الباب لمبادرات برلمانية وحزبية ، لمناقشة هذه المشكلة التى آن الأوان أن يعاد النظر فيها ، وأن يتخذ قرار مهما كانت تبعاته برفضها ، ومن الضروري أيضا تعظيم قنوات الاتصال والتعامل مع كافة الدول الكبرى الأخرى ، وهو ما تحرص عليه القيادة السياسية فى الآونة الأخيرة ، فمن خلال الأشهر السابقة والأحداث السابقة التى مرت وتعلمنا منها الكثير أيقنت أننا على الدرب الصحيح وأن اليوم الذى ستصبح فيه المعونة غير ذات جدوى أصبح قريبًا جدا أكثر مما نتصور وننتظر ، دامت مصر بلد الخير.

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط