الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

سبحة الشهيد


مشاعر متضاربة من الحزن الشديد والفخر والحب اختلطت لدي وأنا أتسلم أغلى هدية حصلت عليها في حياتي، هدية من شهيد، تلقيتها وأنا أجلس بين أهله على أرض قرية الروضة ببئر العبد "سبحته" التي لم تكن تفارقة يسبح بها ويحمد الله طول الوقت، ولقي ربه مصليا مسبحا شاكرا حامدا وشهيدا طاهرا وهي بين يديه.

لم تكن زيارتي "للروضة" لمجرد تقديم مساعدة "ليلة القدر" 3,5 مليون جنيه بواقع 10 آلاف جنيه لأسرة الشهيد، فهي مجرد مبالغ بسيطة نتمنى أن تضمد ولو جزءا من جراح الأهالي.

ذهبت إليهم لمواساتهم وتعزيتهم في مصاب مصر الأليم، الذي هز كل بيت وفجر دموع كل أم، 300 شهيد من قبيلة واحدة تعيش مسالمة في قرية بعيدة وسط الصحراء، قتلهم من لا يملكون قلوبا، بل حجارة صلدة صلبة داخل صدورهم يقتلون من أجل القتل، لم يرحموا توسل طفل ولا شيخوخة جد، ليسوا بشرا.. صحيح أن الأهالي ما زالوا في حالة صدمة، وكل منزل به شهيد واثنين وثلاثة وربما أكثر، ولكن بقدر ما كان الإرهاب مفجعا ورخيصا قدر ما كان الصمود والصبر وعزة النفس أقوى من أي خيال.

قالت لي أم الشهيد -التي أحتفظ باسمها احتراما لرغبتها- لا نريد أي أموال فلم تعد الدنيا همنا، والحكومة تقوم بتنمية القرية وإعادة بنائها والجيش والشرطة حولنا، لكن زيارتكم تشعرنا أن هناك من يهتم بنا ويسأل عنا ويعزينا، وجودكم معنا سيبعد شبح القتل والخراب والدمار عنا، نحن بكم أقوى من أي إرهاب.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط