الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

فتحي سليمان يكتب على كوبري عباس

صدى البلد

تشير الساعة إلى الواحدة صباحًا، زخات المطر ترتطم على صفحة النيل التي تبعث نسمات ربيعية باردة، الطقس يميل إلى الصقيع، وبينما يرتكن كلانا إلى سور الكوبري الحديدي، ويرنو إلى ضوء القمر تحتضنه مياه النهر بالأسفل، جاء صوت عنيف.. مزعج للغاية من خلفنا ..انتفضنا فزعًا لنجد أحدهما نصف ثمل كان يقود سيارته بسرعه جنونية واصطدم بأخر من الخلف.

كنا واقفين على كوبري عباس، وبينما نحن كذلك، اندلع عراك قوي بين سائق تاكسي تحطم الجزء الخلفي لسيارته، والشاب الثمل الذي يقود سيارة مرسيدس "180 cla" يبدو من هيئته أنه صاحبها، وظل يوجه سبابًا ويلعن سائق التاكسي وهمّ بالاعتداء عليه وكأنه رغم ضرره ارتكب خطيئة لمجرد سيره أمامه.

تدخلت أنا وصديقي للفصل بينهما، ومحاولة تهدئة الأمر الذي أخذ يتفاقم بسرعة بعدما ارتفعت نبرة الشاب الثمل وتهديداته موجهًا كلامه للسائق ولنا أيضًا وكأن لنا يد فيما حدث بينهما قائلًا: "أنا بابا هيوديكم في داهية، أنتو مش عارفين أنا مين ياولاد ال..".

لم يمهل صديقي الصعيدي ضخم البنيان محمد كمال، ذلك الشاب الثمل وقتًا للتفوه بكلمة أخرى، ووجه له صفعة قوية أسقطته فوق سيارته، فجرى تاركًا سيارته، بموقع الحادث متوعدًا بإحضار من ينتقمون له "على طريقة شنكل ابن شناكل".

ضحكنا، وشكرنا السائق وحينما سألت صديقي عن السبب الذي دفعه للتصرف هكذا؟!، ذكرني بما حدث للشاب "محمد حسن شوقي" الشهير بـ "ماجيسكو"، أعلى كوبري استانلي، وكيف تحولت نزهة الأصدقاء الثلاثة واستمتاعهم بمنظر البحر المبهج إلى مأساة حقيقية حولت البهجة إلى ظلام والمتعة إلى ألم وفراق، بسبب رعونة شاب ثمل صعد بسيارته إلى المكان الأمن واصطدم بسور الكوبري الحديدي.

تحدثت من قبل مع صديقي الخبير بمصلحة الطب الشرعي في مسألة لجان الكشف عن السائقين الذين يقودون سياراتهم تحت تأثير المخدرات ومدى جديتها وتحقيقها الردع للمخالفين فأخبرني بأن ثغرات القانون، وإمكانية التحايل على تلك الحملات والطعن في نتائجها بتحاليل أخرى بعد تناول أشياء اعتادها ذوو الخبرات والسوابق، لإزالة آثار المادة المخدرة في الدم، لا يحقق النتائج المرجوة ويعود السائق مرة أخرى للتعاطي وتعريض حياة المواطنين للخطر.

إضافة إلى ذلك فإن بعض الفحوصات تعطي نتائج وهمية على عكس الحقيقة، بسبب عدم دقة الطرق التي يتم بها الفحص والاختبارات كونها تتم بما يسمى كارت "كيتس" يضعه المتخصص في عينة من البول وهو يحتوى على دلالات للحشيش، و"بنزوديازيبينات" و"منومات" و"مورفين"، و"ترامادول"، و"إمفيتامينات"، وهذه الكروت لا تقيس المادة المخدرة المتعاطاة، ولكنها تعتمد على إفرازات الجسم الناتجة عن التعاطي أو المقاومة له، ولا يجب أن يعتد بها لعدة أسباب أهمها أنها لا تقيس المادة المخدرة التي تتشابه مع عقاقير أخرى، من الممكن أن تؤخذ للعلاج كما أن ليست كل المنومات والمهدئات والمنشطات والحبوب المخدرة مدرجة في جداول المخدرات.

وحيث إن بعض المضادات الحيوية تعطى نتائج إيجابية مثل إمفيتامين، فإن تلك النتائج التي تعطيها التحاليل تشير إلى جزء هام فِي منتهى الخطورة، فقد يتعرض بعض السائقين للظلم ويضيع حقهم بعد ظهور إيجابية فحص الـ"كيتس" لكونه يتناول مهدئًا أو عقاقير للعلاج فتتخذ ضده الإجراءات ويتم سحب التراخيص وتحويله للنيابة العامة ويهدر حقه القانوني لذا وجب تطوير إجراءات الكشف عن المخدرات وأساليب التحاليل والاستعانة بطرق أكثر حداثة من "الكيتس" التي لا تقيس المخدر بشكل مباشر.