الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

رسالة مفتوحة للرئيس السيسي


تراثنا الحضاري والثقافي والأثري لا يقدر بثمن، خاصة وأن مصر تمتلك من التعددية الدينية والثقافية والحضارية ما يجعلها مؤهلة أن تكون في مصاف الدول الكبرى الجاذبة للسياحة بل لن أكون متجاوزا إذا قلت الأولى عالميا، كما أنها تمتلك أهم آثار العالم، كما أن 70% من آثارها لم تكتشف بعد. وفقا لتصريح لعالم الآثار د. زاهي حواس.

ومن المفجع حقًّا أنه برغم وجود هذا الكم الهائل من الكنوز الأثرية وهذا التنوع في التراث إلا أننا ما زلنا نتراجع عالميا بسبب إهمالنا. حكومة وشعبا.. في الحفاظ على تراثنا الذي يُعد ملكا للأجيال القادمة وملكا للإنسانية كلها، حيث امتدت يد الإهمال إلى بعض الآثار المهددة بالانهيار والكارثة أن من بينها مساجد، كما امتد النهب والسرقة المنظمة لكثير من آثارنا التاريخية في ظل عقوبات مضحكة ومخجلة تحرض السارقين والمحرضين والناهبين والمنقبين والسماسرة والمهربين على بيع هويتنا المصرية وتاريخنا القديم، وهذه جريمة كبرى لا يجب التغاضي عنها بل تغليظ العقوبات في كل هذه الجرائم إلى الإعدام أو السجن المؤبد وتغليظ الغرامات لتصل إلى مئات الملايين إن كنا بحق حكومات واعية ووطنية لأن من يفرط في ماضيه وتاريخه يستطيع أن يفرط في كل شيء حتى شرفه، ومن لا ماضي له فلا تنتظر منه مستقبلا أفضل، وهو ما يجعلني أتجاسر وأطالب بأن يكون الحفاظ على هويتنا المصرية وتراثنا الثقافي والحضاري والأثري والمعرفي ضمن القسم الذي يحلف به المسئول عند تقلده المسئولية بدءا من الرئيس إلى الوزير ثم المحافظ والمسئولين عن الأوقاف بكل أنواعها.

 ولا يجب أن يستغرب أحدا من هذا المطلب لأن مصر العظيمة لها خصوصية متفردة تاريخا وجغرافيا وحضارة وعلما وأثرا ، فهي التي علمت العالم التاريخ، ومن العجب العجاب أن هناك كثيرا من الدول تفوقت علينا سياحيا بسبب إداراتها الرشيدة واستغلالها الكفء للترويج لآثارها وتاريخها ومعالمها السياحية والتاريخية، في الوقت الذي ما زالت هناك كثير من آثارنا وتراثنا الحضاري والديني مهددا وطالته يد الإهمال وصمت أذان المسئولين عن الإستجابة لدعوات إنقاذ هذه الإثار من الإنهيار، وإنني أطرح لكم هنا مثلا حيا لأحد معالم مصر الدينية والتاريخية والأثرية الذي طالته يد الإهمال واللامبالاة، وهو مسجد "أحمد البجم" الأثري بإبيار التابعة لمدينة طنطا بمحافظة الغربية، وقد دفعني للكتابة في هذا الموضوع الكم الهائل من الاستغاثات للمسئولين لإنقاذ هذا المسجد الأثري من الإنهيار.

كما تابعت عدة أخبار صحفية كتبتها الصديقة العزيزة "تغريد كمال الدين نظيف" بها مطالب كثيرة تحذر من سقوط المسجد، وقد تواصلت بالفعل معها وأكدت لي أن المسجد يحتاج إلى الترميم وقد ناشدنا المسئولين والأوقاف ولا مجيب؟ كما أكدت أن الأهالي على استعداد للتبرع من جيوبهم وأموالهم الخاصة لترميم المسجد الأثري قبل أن ينهار، وأن الأهالي بالفعل جمعوا من قبل تبرعات لترميم المسجد ولكن لم تتحرك الأوقاوف والمسئولين، هذا ما قالته لي بالنص الأستاذة تغريد، وأنا شخصيا لست أعلم ما سر إهمال بعض المسئولين في وزارة الأوقاف أو هيئة الآثار أو حتى محافظ الغربية في ترميم المسجد؟ هل سيتحركون بعد وقوع الكارثة وانهيار المسجد؟؟ ولماذا لم يهتموا أو حتى يلتفتوا لاستغاثات الأهالي لإنقاذ المسجد من هذا الخطر الداهم؟ هل لا توجد ميزانية لترميمه؟

 وإن كان المسئولون يتعللون بهذه الحجة فهذه مصيبة لأن قيمة المسجد لا تقدر بثمن خاصة وأنه مسجد أثري يرجع تاريخه للعصر الأيوبي وهو يشبه الجامع الأزهر، والحق أقول أن قرية إبيار التابعة لمركز كفر الزيات بمحافظة الغربية تعتبر كنزا تاريخيا وأثريا وشاهد على تسامح مصر وتعدديتها التاريخية والحضارية والدينية، وتاريخ القرية يرجع إلى العصر الفرعوني وكتب عنها مؤرخين عظام مثل ابن بطوطة والمقريزي والإدريسي، كما تعتبر هذه القرية العظيمة مسقط رأس عبد الرحمن الجبرتي المؤرخ الكبير، في هذه القرية ترى الآثار الإسلامية مثل مسجد "أحمد البجم" الذي نتحدث عنه، ومسجد عمرو بن العاص الذي تبقت منه المئذنة فقط ويرجع تاريخه لسنة 18 هجرية، كما يوجد بها كنيسة أثرية للسيدة العذراء مريم وبها ايقونة تنضح زيتا ويأتي إليها زوار من كثير من دول العالم للتبرك بها، وبالتالي فهذه القرية يجب أن تحظ بعناية خاصة من الدولة بل والرئيس السيسي شخصيا، حيث لو تم استغلالها الاستغلال الأمثل والترويج للمعالم الأثرية الدينية بها التي تشهد على تعددية مصر الحضارية والدينية لجلبت لمصر ملايين السائحين كل عام، وإنني من هنا أطالب الرئيس السيسي شخصيا أن يصدر تعليماته بسرعة إنقاذ مسجد " أحمد البجم " من الانهيار.

 كما أطالب هيئة الآثار ووزارة الأوقاف التي أثق جيدا في أنها لا تألو جهدا في الحفاظ على التراث الإسلامي بتنوعه من الاندثار أو من أن تطوله يد العبث والإهمال، كما أطالب وزارة الآثار أيضا بالتنسيق مع وزارة الاوقاف لإنقاذ هذا الأثر، خاصة وأن حماية الآثار.. أي أثار.. يوجبه الدستور والقانون، والمسجد حاليا على وشك يتعرض لخطر داهم حيث تساقطت بعض أجزائه ودهاناته بفعل المياه الجوفية والأملاح والطحالب، كما أن المئذنة يرجع تاريخها إلى 782 سنة، فهل يعقل في مصر أن نتكلم عن آثار وسياحة في الوقت الذي يعاني فيه هذا الأثر المدرج على قوائم المزارات السياحية في العالم للإهمال والعبث والتجاهل من المسئولين.

 أطالب الرئيس وللمرة الثانية ووزارة الأوقاف والآثار ومحافظ الغربية بسرعة احتواء الازمة قبل وقوع الكارثة، لأن حماية آثارنا واجب وطني وأمن قومي، والدستور يلزم الحكومة والمسئولين بحماية الآثار حيث تنص المادة "49" من الدستور المصري على: "تلتزم الدولة بحماية الآثار والحفاظ عليها، ورعاية مناطقها، وصيانتها، وترميمها، واسترداد ما استولى عليه منها، وتنظيم التنقيب عنها والإشراف عليه. ويحظر إهداء أو مبادلة أى شيء منها. والاعتداء عليها والاتجار فيها جريمة لا تسقط بالتقادم".. فهل من مجيب؟؟

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط