الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الأخلاق الرياضية .. المستشار مرتضى منصور نموذجًا


تظل القيمة العظمى للرياضة هي ما تتركه من أثر في سلوك الممارسين لها والمتابعين كذلك، وإن كان للرياضة دور كبير في تكوين الجسم، وفي الصحة العامة للممارسين، فأية فائدة مادية للمتابعين لها؟!

لقد تربى جيلنا - الذي بلغ من العمر العقد الخامس والسادس - على صوت المعلقين الرياضيين أمثال الكابتن محمد لطيف والكابتن علي زيوار وغيرهما من أساطين التعليق الرياضي؛ وما زالت تلك الجملة الشهيرة - الرياضة أخلاق - تترد في آذاننا بصوت المعلق الرياضي المرحوم الكابتن محمد لطيف، وتظل اللهجة العسكرية الرافضة لكل سلوك غير رياضي عالقة في الأذهان بصوت الكابتن علي زيوار ابن المؤسسة العسكرية المنضبطة والتي تعلي من قيم الخلق الرياضي الرفيع كخلق فرسان المؤسسة العسكرية المصرية.

إن من المهام العظمى للرياضة هي السمو بالأخلاق والارتفاع بالسلوك إلى صورته المثلى أو الأقرب لها، فالخُلُق الرياضي يحتم أن يهنئ الفريق أو اللاعب المهزوم نظيره المنتصر، فيما يعني أننا نخوض مسابقة رياضية لابد أن يكون فيها فائز، والحقيقة أن كلا الفريقين أو اللاعبين فائز لا محالة، فإن كان أحدهما فاز بنتيجة المباراة فالآخر فاز بممارسة الرياضة التي بها في كل الأحوال - مهما كانت النتيجة - فائدة للجسم والروح والعقل والأخلاق.

وما من شك أن الرياضة لو تخلت عن دورها الأخلاقي لانقلبت وبالا على من يمارسها، وعلى المجتمع الذي لا شك سيفقد أبناؤه هو الآخر أخلاقهم، فإن فقدت الرياضة التي هي أرقى مشهد للأخلاق الرفيعة هذه الميزة، فما بالنا بالمجالات الأخرى التي تتمسك بصعوبة ببعض من الأخلاق.

إن المشهد الرياضي المصري يدعو للأسى والأسف، والمتابع لهذا المشهد من خلال الملعب مرة، ومن خلال تلك البرامج العديدة التي تحلل المباريات وتتناول الشأن الرياضي مرة أخرى، ومن خلال ما يصدر على ألسنة المحللين مرة ثالثة، وعلى ألسنة القائمين على الرياضة مرة رابعة، يدرك إدراكا لا يأتيه الشك أن هناك أزمة أخلاقية في هذا المجال الهام، لا شك أنها تنعكس على المجتمع بوضوح شديد، ولا شك أنها جزء من حالة المجتمع المصري في الآونة الأخيرة.

لا جدال في أن المستشار مرتضى منصور رئيس نادي الزمالك يعد ظاهرة بكل المقاييس، وكما هو الحال في الظواهر، فإن هناك من يتفق معها كل الاتفاق ويدافع عنها بكل ما يملك من قوة، وهناك من لا يرى فيها أية ميزة، بل يراها مضرة كل الضرر، في المجال الذي تنشط فيه، بل في كل مجالات المجتمع التي تتأثر تأثرا مباشرا أو غير مباشر بسلوك هذه الظاهرة وتصرفاتها.

لقد نقل المستشار مرتضى منصور للرياضة المصرية قاموسه الخاص، والذي يستخدم فيه من الألفاظ ما يتنافى تماما مع تلك الألفاظ التي يجب أن يحرص عليها المشتغلون بالمجال الرياضي، والتي اتفقنا أن الأخلاق الراقية هي التي تميز هذا المجال بل هي ميدانه الأول، والهدف الأصيل لممارسة الرياضة.

حطم المستشار مرتضى منصور ذلك الصرح الشامخ لمفهوم الرياضة باستخدامه العديد من المصطلحات والألفاظ التي يجب أن تكون بعيدة كل البعد عن المجتمع المصري فضلا عن المجال الرياضي.

ولكن يظل أخطر ما يقوم به المستشار مرتضى منصور على منظومة المجتمع المصري هو ما يرسخ له عن طريق إحالة فوز فريق أو هزيمة آخر للسحر والشعوذة وهو بذلك يضرب العقل الجمعي المصري برصاصة نافذة، لا شك أن ترديه أرضا؛ ليس على مستوى المجال الرياضي فحسب بل على كافة المستويات، ابتداء من نجاح طالب علم أو رسوبه، انتهاء بعلاج الأمراض الجسدية، ناهيك عن الأمراض النفسية التي هي بطبيعة الحال تقبع في الذهن الجمعي المصري محملة بالشياطين والعفاريت.

يردد سيادة المستشار مرتضى منصور أن هناك من يحاربه، ويحارب نادي الزمالك خاصة فريق كرة القدم الذي يحقق نتائج سيئة، وذلك لإحراج المستشار مرتضى منصور، وإذا بهؤلاء الذين يستخدمون السحر والشعوذة ينجحون في ذلك؛ وعلى هذا القياس يتساءل أمثالنا: لماذا لم ينجح ممدوح عباس أو أحمد سليمان "كما يزعم رئيس نادي الزمالك " في أن يستخدما ذلك السحر الناجع والشعوذة الناجحة في إنجاح أحمد سليمان في رئاسة النادي وإسقاط المستشار مرتضى منصور، ومن ثم لا يحتاجون إلى استخدامهما طيلة موسم كرة القدم في مصر.

أذكر ونحن في الجامعة حضرت ندوة في أحد مدرجات كلية التربية في جامعة المنصورة تناقش الإيمان بالغيبات ومنها موضوع السحر والشعوذة، وأذكر كيف انكفأ المجتمع المصري على ذاته بعد نكسة يونيه ٦٧ واستغرق في مثل هذا الإيمان الفاسد، وإذا بالمحاضر في تلك الندوة - الذي للأسف سقط اسمه من الذاكرة مع مرور عشرات السنوات - يذكر أننا كان يجب أن نحارب هذه الخرافات فضربنا مثلا عمليا، وطالبنا ممن يدعون تلك القدرة أن ينقلوا جنودنا من غرب القناة إلى شرقها لتحرير سيناء، كان هذا الطلب هو مفتاح إقناع للعقل المصري الجمعي أنه لا يمكن للإنسان أن يحقق أية نتيجة إلا بالعمل والأخذ بالأسباب الموضوعية وسيأتي حتما مع ذلك توفيق الله سبحانه وتعالى.

إن تلك الادعاءات التي يدعيها المستشار مرتضى منصور، وهو من هو، وله ما له من المكانة، إنما لها تأثير هائل على العقلية المصرية، وهو ما يجب أن يدركه سيادة المستشار، الذي يحرص على متابعته ملايين من المصريين وغير المصريين، ويقتنع بما يقول عشرات الملايين من الشعب المصري والعربي، ونؤكد هنا أن الجملة التي تخرج من بين شفتيه يمكن أن تظل عشرات السنين حية في نفوس العديد من أبناء الشعب المصري والعربي، ولن يتم محوها إلا بمجهود هائل للأسف غير مؤهل له من يجب أن يتصدوا لمثل هذه الخرافات؛ التي تنتشر فقط في المجتمعات الهشة ثقافيا، وتعيش فيها سنوات طويلة تجعلنا نتذكر ما قاله الفيلسوف الإنجليزي ديفيد هيوم في كتاب الموتى: صبرا أي شارون الطيب "يقصد ملك الموت" فكل ما حاولته هو أن أفتح أعين الناس على بعض الخرافات! ليرد عليه قائلا: اركب الزورق من فضلك أتظن أني تاركك كل هذه السنوات، في إشارة لأن الخرافة تحتاج مئات السنين لتخليص العقل البشري منها.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط