الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

"عشرة الفجر" تكشف الوجه القبيح لإيران


تأتى احتفالات إيران بـ "عشرة الفجر" والتى بدأت أول فبراير الجارى يوم وصول آية الله الخمينى من باريس وتنتهى فى العاشر من نفس الشهر يوم إعلان تأسيس الجمهورية الإسلامية فى إيران 1979 على نظام ولاية الفقيه.

ولأول مرة منذ 39 عاما تعيش إيران فى مشهد أكثر ارتباكا وحالة مخاض ثورى على مستوى الثورة الخمينية من ناحية ومستوى نظام ولاية الفقيه من جانب آخر فى ظل واقع سياسى ملتبس وملتهب داخليا وخارجيا.

حيث تعالت صيحات المتظاهرين ( مر ك برخامنه أى ) وتعنى الموت لخامنئى و ( مرك بريكتاتورها ) اى الموت للدكتاتوريين، كانت تلك بداية سقوط هيبة خامنئى ورفض ولاية الفقيه وقدسية الملآلى رغم ان اللواء محمد على جعفرى الذى قام بتعيينه خامنئى رئيسا لحرس الباسداران فى حالة من الهلع والارتباك .. فكان لابد من رد الجميل بقمع المتظاهرين.

كانت التظاهرات قد اختلفت عن غيرها وقد ارتفع سقف مطالبها من الظروف الاقتصادية القاسية والصعبة الى رفع شعارات سياسية ضد نظام الملآلى و تدعو الانسحاب من سوريا وصراخات تتعالى وتقول " فكروا بنا " (لا ,, للبنان ولا لغزة ... نعم لايران ) و( الموت لحزب الله ) فمليارات الدولارات تذهب لدعم الميليشيات الارهابية فى سوريا والعراق ولبنان والبحرين واليمن ولبنان وغيرها , وقد عمت التظاهرات 40 مدينة على الاقل بما فى ذلك العاصمة طهران , الا ان 125 ألفا من حرس الباسداران و90 ألفا من ميلشيات الباسيج شبه العسكرية كانوا فى حالة تأهب وتدخل واستعداد لرد جميل خامنئى.

ففى مقر الحرس الثورى المكون من 9 طوابق بأحد الأحياء الراقية بطهران كان فى حالة طوارئ وغليان وخوف , حتى ان شركة "خاتم الأنبياء" أهم ذراع اقتصادي للحرس الثورى الاسلامى والذى يعمل بها قرابة 1,5 مليون شخص تحت إمرة قائد الحرس محمد على جعفرى ... فى حالة من الارتباك والانبطاح خشية مهاجمة المتظاهرين مقراتها باعتبارها احد قلاع فساد الطغمة الحاكمة.

وقد تبادل الجميع الاتهامات فى ظل هذه الاحتجاجات والتظاهرات خاصة وأنه لأول مرة تعلن نساء ايران حالة من حالات التمرد على ولاية الفقيه وقانون فرض الحجاب دون خوف من أى عقوبات وقد استجبن لحملة انطلقت عبر مواقع التواصل الاجتماعى أطلقها الناشط الإيرانى معصوم مسيح كومى، حيث تحولت الحملة الى ثورة اخرى وهى ثورة حاسرات الرؤوس من النساء الإيرانيات لتتحدى قرار الخمينى منذ 1979 بإجبارهن على ارتداء الحجاب فى الأماكن العامة حيث فرض القانون وضع غطاء الرأس وارتداء ملابس طويلة تغطى وتخفى الجسم فى الأماكن العامة , ويعاقب القانون حاسرة الرأس بالحبس شهرين ودفع غرامة 50 ألف تومان ( نحو12 دولارا  ) ومثلما تم قمع المتظاهرات باعتقال قادتها بعد أن قتل اكثر من ثلاثين شخصا عدا الإصابات فى الوقت الذى يؤرق الرئيس حسن روحانى ويسبب له إحراجا كبيرا أمام العالم ملف فرض الاقامة الجبرية على ميرحسين موسوى ومهدى كروى قائدى حركة الاحتجاجات على نتائج الانتخابات الرئاسية التى أجريت عام 2009 وبالطبع زاد ملف الاعتقالات أمام العالم والإقامة الجبرية ومنهم رئيس إيران السابق أحمدي نجادى , لكن هذا الملف بما فيه من ألغام دولية لايعتد به المرشد الاعلى خامنئى فى الوقت الذى اعطى تعليماته بالقبض وإيقاف نحو 30 امرأة فى طهران وحدها عدا المدن الأخرى كن كشفن رؤوسهن احتجاجا على قانون الحجاب فى غمرة هذه الاحتفالات التى تعيشها ايران والتى كشفت عن صراع بين روحانى وخامنئى اذ تبادل الاثنان الاتهامات ولأول مرة ينتقد الرئيس الايرانى حسن روحانى المرشد الأعلى على خامنئى ضمنيا من ملاقاة "مصير الشاه" بسبب عدم الاصغاء الى الشعب مرددا وموجها كلماته الى المحافظين وعلى رأسهم خامنئى بأن الجميع يمكن انتقادهم وحتى لو ظهر الإمام المهدى فإنه يمكن انتقاده ايضا !!

هذا ما دفع المحافظون والمرشد الأعلى خامنئى من اتهام الرئيس الايراني بان سياسته " ميكافيللية " ويذكرونه بأنه ابن نظام ولاية الفقيه الذى يهاجمه وينتقده , بل وحملوا روحانى وحده مسؤولية نشوب الاحتجاجات الاخيرة لسياساته الفاشلة , وفى نفس الوقت الذى تم إتهام المحتجين بالعمالة للخارج فى ظل دعم دولى للاحتجاجات وتأييد ابداه الرئيس الامريكى دونالد ترامب عبر التويتر الذى يتابعه 100 مليون متابع !

ربما هذا ما دفع خامنئى بالتخلص من رجال حسن روحانى فى الحرس الثورى بعد اللغة المتعالية والتى تحمل نوعا من التهديد لخامنئى الذى اسرع بعملية تطهير فى صفوف الحرس الثورى وكانوا من قبل قد ألقوا القبض على شخصين إعلاميين تابعين للحرس الثورى وهما رضا حولبور ومحمد حسين رسمى بتهمة العمالة مع دولة اسرائيل فقط لانهم من مؤيدي التيار المعتدل الذى يتزعمه روحانى !

وخامنئى الذى علم نفسه بنفسه، متوهما بأنه من ابرز الادباء والشعراء والفقهاء وانه فقيه اللاهوت التطبيقى لكن ديناميات نظرية المؤامرة لديه لا تتوقف فكل شيء الآن وحتى أدوات التواصل الاجتماعى ذاتها هى جزء من مؤامرة كبرى ضده خاصة وقد انخفض عدد المتابعين لخامنئى من 2,2 مليون متابع فى الاول من يناير الى 960 ألف متابع فقط فى 25 من الشهر ذاته !

لذا كان تبرير المستشار السياسى لخامنئى على أكبر ولايتى لتدخل ايران فى تلك الدول والتى قامت بسببها التظاهرات حينما قال : ليس بوسعنا الا نكترث بحريق مشتعل فى منزل الجيران ! ولم يقل ولايتى انهم الذين يقومون بإشعال النيران مثلما حدث فى اليمن ولبنان وكل الدول المتواجدين فيها من بوابة ميليشياتهم فقد دخلت ايران سوريا تحت غطاء حماية المراقد الشيعية وراحت تشعل الحرائق بميليشيات لبنانية وعراقية وباكستانية . وفى العراق نجد احزاب وميليشيات طائفية حليفة مثل قوات الحشد التى سعت ان تكون جيشا موازيا للجيش العراقى , ولاتنس ايران ضمن المخطط الفارسى تمتلك نفوذا واسعا فيها من بوابة حزب الله التى رفع المتظاهرون شعارات الموت لقادتها والذين صار يتحكموا فى البلد بشكل شبه كامل وفشلت كل المعارضة فى دفعهم الى سحب السلاح , والبحرين تمثل لها عمقا وأهمية ونفوذا استراتيجيا بعد ان استولت من قبل على 3 جزر إماراتية واطلقت اسم الخليج الفارسى على الجليج العربى وهى ما تسعى لاستكمال حرائقها بالمنطقة ومخططها لذا كانت زيارة مهمة للرئيس عبد الفتاح السيسى الاولى لسلطنة عمان التى تسعى إيران لتحييدها تجاه فضائها العربى وفصلها عن جسد مجلس التعاون الخليجى بعد ان ضلت بوصلة قطر فى خطوة من مصر حفاظا على الأمن القومى العربى والعمل على تثبيت خريطة العالم العربى الذى تتنازع على تقطيعها وتفتيتها وإعادة رسمها من جديد قوتان صديقتان تتصارعان الان عليها الاولى صفوية فارسية ممثلة فى إيران واخرى عثمانلية ممثلة فى تركيا رغم الصراع التاريخى بينهما !

وتبقى مصر والمملكة العربية السعودية رومانتا الميزان فى معادلة الأمن القومى العربى لذا كان انقلاب الحوثيين على الشرعية فى اليمن والذى اثار حفيظة السعودية التى تدخلت لمنع أى تمركز ايرانى على حدودها الجنوبية , اما مصر فتقوم تركيا بالدور المنوط بها فى دعم الجماعات الارهابية فى سيناء.

من هنا كانت كلمات خامنئى تعليقا على مطالب المحتجين إنهم لايفهمون !! لذا نجد ان المحافظين يتحدون الازمات الداخلية المعقدة والمتشابكة والضغوط الخارجية المتزايدة من خلال العقوبات , الا إنهم متمسكون بتثبيت نفوذهم فى الشرق الاوسط من بوابات تلك الدول سوريا والعراق والبحرين ولبنان واليمن وغزة وفق شعار الخمينى بتصدير الثورة على الرغم من العزلة والعقوبات الدولية بحجة ان وجودهم يعطيهم اوراق للضغط باعتبارهم لاعب سياسى فى المنطقة, والحقيقة ان هناك حلم يراودهم مثلما يراود نفس الحلم رجب طيب اردوغان وهو الامبراطورية الصفوية الفارسية مثلما يسعى اردوغان تحقيق حلم الامبراطورية العثمانية الجديدة وبين فكى القرشين النهمين لمزيد من شرب الدماء يضيع العرب الممزقين وغير المدركين للمناورات والمخططات الايرانية التركية بحجة حمايتهم من الشيطان الأكبر !!

لكن لأن الخليج يمثل عمق استراتيجي لإيران وهى دولة يابسة فالخليج العربى هى الرئة الوحيدة التى تتنفس من خلالها وهى المعبر الرئيسى لنفط ايران الذى يشكل 80% من صادراتها والمصدر الرئيسى لسلة عملاتها الصعبة وهو ايضا ممر آمن لتهريب السلاح لتنظيماتها وميليشياتها , والتاريخ يذكرنا بالشاه عباس الكبير محمد خدابنده الصفوانى الايراني الذى قتل سبعين ألفا من الاكراد والسنة لذا نجد صمتا وخرسا من ايران تجاه مايفعله اردوغان لاكراد سوريا , كما انه منع الحج الى مكة المكرمة وأجبر الناس على ان يحجوا الى قبر ( الامام موسى بن الرضا ) فى مدينة شهد , فالتاريخ يعيد نفسه من خلال شخوص اخرى حتى ولو كانوا من الملآلى فهم يؤمنون بتلك الثقافة الى تحولت مع الايام الى عقيدة سياسية : ليس بيننا وبين العرب إلا الذبح !!!
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط

-