الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

السيسي بين الإنسانية والتنمية والحماية الاجتماعية


خطت مصر خطوة جديدة في ملف الغارمات، بمناقشة مجلس النواب مشروع قانون جديد بشأن منع حبس الغارمات، وهذه الخطوة جاءت بعد مجهود كبير حول أزمة الغارمات وتحويلها من مجرد قضية تشغل الرأي العام، إلى ملف كامل تديره الدولة وفق خطة طموحة لحل هذه القضية وتجفيف منابعها.

ويشير مشروع القانون الجديد الذي قدمته النائبة إليزابيث شاكر، إلى حق القاضى المختص أن يصدر قراره باستبدال العقوبة بالتشغيل وفقا لقناعاته، ولما يراه من توافر النية والقصد الجنائى وانطباق شروط تعريف الغارم أو الغارمة على المتهم، وينص القانون على أن لا تطبق على الغارمين والغارمات المخاطبين بأحكام هذا القانون العقوبات التبعية كالحرمان من الحقوق والمزايا المنصوص عليها فى قانون العقوبات أو قانون مباشرة الحقوق الشخصية، والعزل من الوظائف الأميرية، والمصادرة، والوضع تحت مراقبة الشرطة، كما يمنح القانون الغارمين والغارمات العديد من الحصانات بشأن الحرمان من الحقوق والمزايا، كالقبول في أي خدمة في الحكومة، أو التحلي برتبة أو نيشان، أو الشهادة أمام المحاكم وغيرها من المزايا والحقوق التي كانت تسلب منهم.

ولمن يسأل من أين بدأت الحكاية؟ فالحكاية بدأت برجل أصيل مؤمن بدور المرأة باعتبارها عماد الأسرة المصرية ونواة المجتمع الصالح، رجل يقدر أهمية المرأة في احتضانها للأسرة، ويؤمن بأهمية دور المرأة فى تغيير المجتمع ويمتلك احساسًا عميقًا بالفئات الأكثر احتياجًا، بالطبع هذه الرجل هو فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي، والحكاية هو إطلاق سيادته لمبادرة "مصر بلا غارمات" لدعم المرأة الغارمة ورسم ابتسامة على وجه كل غارمة مصرية وإعطائها الأمل في أن مصر المستقبل وطن يسع الجميع، وتحقيق الحلم بأن نرى مصر وطنًا بلا غارمات.

كان الهدف الرئيسي للمبادرة وفقًا لرؤية الرئيس هو تحقيق التنمية المستدامة بالحماية الاجتماعية والتمكين الإقتصادى لمواجهة الموبقات الاجتماعية التى تفرزها هذه المشكلة، فغياب الأم يصدر لنا العديد من المشاكل الاجتماعية والتى تعد بعد ذلك جزءا من الأمن القومي للوطن، فبغيابها تتولد مشكلات كبيرة كالتسرب من التعليم وعمالة الأطفال والطامة الكبرى هي أطفال الشوارع تلك القنبلة الموقوتة بالاضافة إلى أن إيداعهن بالسجن يمثل اهدارًا للمال العام حيث إن تكلفة ايوائهن بالسجون تكلف الدولة مبالغ ضخمة سنويا، وفي معظم الأحيان تكون هؤلاء الغارمات هن المعيلات الأساسيات لأسرهن، أو هؤلاء اللاتي يجبرهن أزواجهن على الخروج للعمل، أو أخريات تضطرهن الحاجة للاستدانة من أجل تزويج بناتهن، فيضطررن إلى تحرير شيكات بمبالغ ضخمة لبعض الشركات والاشخاص المستغلة، فيدخلن السجن ويتخلى عنهن الجميع وأحيانا كثيرة يطلقهن أزواجهن وترفضهن عائلاتهن.

وقد جاء اهتمام فخامة الرئيس بهذه المبادرة لدراسة الحالات المختلفة لكل غارمة فتوفير المبالغ المالية لم يكن هو المشكلة الأهم ولكن رحلة التصالح القضائى ومدتها الطويلة الروتينية ودراسة الموقف كان العامل الأصعب، وكذلك دراسة القضية عن كثب والوقوف على أسبابها المختلفة التي اتضح لنا أنها تتعدد بين العوز وتستير البنات -الذى ينتهى بتطليقهن بسبب حبس أمهاتهن-، وكذلك للعلاج والعديد من الأسباب الأخرى.

مشروع القانون هذا كان نتاجًا لعمل جاد لحل القضية من خلال محاور عدة كان المحور التشريعي أحدها، وشرفت من خلال عملي بالمجلس الاستشاري الرئاسي للتنمية المجتمعية بتقديم تصور شامل لحل القضية، في إطار مبادرة فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي، تهدف إلى تجفيف منابع المشكلة قبل حدوثها، وتوفير الحماية الاجتماعية والتمكين الاقتصادي، وترسيخ قيم الوفاء الاجتماعي من منطلق الحقوق والواجبات، ووضع آلية لحماية الأسرة المصرية من المخاطر والمعوقات الاجتماعية.

واشتملت المبادرة على عدة محاور لعل أهمها بجانب تعديل التشريع، الوقوف علي الأعداد والبيانات السليمة عن الغارمات بالسجون المصرية، رفع الوعي المجتمعي بمخاطر القضية محل المبادرة، القضاء علي مستغلي احتياج الناس باعتبارهم نوعا من انواع الاتجار بالبشر، ولتحقيق هذه الأهداف كان هناك العديد من الأنشطة المقترحة يجب العمل عليها، منها، إنشاء قاعدة بيانات عن أعداد الغارمات بالسجون المصرية، إعداد أبحاث اجتماعية عن الغارمات للوقوف على مستحقات التدخل والدعم، وضع معايير وشروط الإعفاء و معايير اختيار دعم السيدات الغارمات، عمل حصر باسم وبيانات الشركات المستغلة لتلك الفئة واتخاذ الاجراءات القانونية ضدها، تدشين برامج توعية شاملة للتوعية بمخاطر الانسياق وراء اغراءات الشركات التي تتاجر بفقر واحتياج تلك الفئة، وتحويل العناصر المفرج عنها من عناصر سلبية بالمجتمع إلى عناصر إيجابية ومنتجة من خلال دعم المبادرة لهن بإتاحة قرض حسن أو فرص عمل أو تعليم مهني تحت متابعة المبادرة بعد محو أميتهن كإجراء إجباري.

واللافت للنظر هو فطرة الرئيس السيسي بدعوته الكريمة ورؤيته في طرح القضية وهي ما تسمى فى مجال العمل الاجتماعى الدعوة وكسب التأييد، فأصبح فك أسر الغارمات هدفا تسعى إليه العديد من الجهات، فكانت هناك مبادرات كمبادرة وزارة الداخلية واتفاقية التعاون بين صندوق تحيا مصر ومؤسسة مصر الخير ومبادرة دار الهلال "أنقذ أم من السجن"، وكذلك حظيت القضية باهتمام وتكليف وزير التموين والتجارة الداخلية جهاز حماية المستهلك لبحث ومحاسبة شركات احتكار العوز والفقر وقطاع التجارة الداخلية لدراسة القوانين المذكورة، وأخيرًا جاء مشروع القانون الذي تبنته الدكتورة النائبة الإنسانة اليزابيث شاكر والخاص بالغارمين والغارمات ليساهم في تجفيف منابع المشكلة وإعادة دمجهم في المجتمع ورفع وصمة العار التي تلاحقهم هم وأسرهم.

‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏وبالفعل وبفضل هذا المجهود الشاق فإن مبادرة "مصر بلا غارمات" التي أطلقها فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي، تخطو خطوات هامة نحو تحقيق أهدافها المرجوة وفقا لخطة العمل المطروحة،والخطة الزمنية المتفق عليها، ولعل مشروع القانون الخاص بشأن التعديل التشريعي يقربنا أكثر فأكثر من إعلان مصر وطنًا بلا غارمات في القريب العاجل.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط