الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

بين المد الشيعي والخلافة العثمانية.. مصر تصنع التاريخ وتبقي على الجغرافيا


إن المتأمل للوضع الراهن على المستوى الإقليمي أصبح يوقن بما يلا يدع مجالًا للشك، أن مخططات التقسيم باتت واقعًا بكل ما تحمله الكلمة من معنى بمباركة بل ومساندة من دولتين مأزومتين بصراع هوية فلا هما مع العالم العربي والإسلامي ولا هما مع الغرب.

فبشكل أكثر دقة هما أدوات المخطط الصهيوأمريكي لتفتيت وتقسيم الشرق الأوسط لدويلات للقضاء على أي تهديد لأمن إسرائيل الولاية ما بعد الخمسين ولاية الأمريكية.

فالحفاظ على أمن دولة إسرائيل، حلم طالما داعب بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة الأمريكية والذي ما كان ليتحقق دونما مخططات التقسيم التي ظهرت عام 1916 «سايكس بيكو» حين قررت كل من بريطانيا وفرنسا تقسيم الدولة العثمانية، عقب انتهاء الحرب العالمية الأولى والتى أدت إلي ظهور الكيان الصهيونى على حساب احتلال الأراضى الفلسطينية، ولم يكن ظهور هذا الكيان كافيًا في ظل تعرضه لتهديدات من الجيران، فبدأ الحديث عن مخطط الشرق الأوسط الكبير، والذي وضع بذرته برنارد لويس لتقسيم الدول العربية إلى دويلات وأقاليم على خلفيات طائفية ودينية وعرقية.

وبلا شك أن تنفيذ هذا المخطط كان يستلزم وجود قوى دافعة لم توجد إلا لدى دولتين في المنطقة وهما إيران وتركيا، ولعل الالتقاء الأيديولوجي ما بين الدولتين ينطلق من حقيقة صراعٍ دامٍ وطويل للهيمنة على المنطقة العربية.

وبلا شك أن التوغل الشيعي في المنطقة العربية كان أسهل فلم تحتج لحروب بل استهدفت المد الشيعي والتوغل داخل البلدان العربية بالشكل الذي جعلها تؤمن أن أي شيعي في العالم العربي فمرجعيته للمرشد الأعلى للجمهورية الإيرانية.

ألا تستوقفك كلمة المرشد؟

دعونا نكمل التحليل لنكتشف سويًا كل شيء ..
سعت طهران ليكون لها موطئ قدم في دول مجلس التعاون الخليجى، حيث الثروة والموقع الاستراتيجى، وبالرغم من أن الدوحة سهلت المهمة على طهران؛ إلا أن الأخيرة لم ترض بهذا الاختراق وأرادت مواصلة العبث بالأمن القومى العربى، وشكلت السعودية حائط الصد أمام هذا المد الشيعي فكان الدعم الإيراني لميليشيات الحوثي.

وقد يعتقد البعض أن العلاقة الإيرانية التركية أمر غير مفهوم، فالمتأمل في الواقع المعاصر يجد متناقضات تدفعه للتخبط ... فكيف تدعم إيران النظام السوري ؟ وكيف تدعم تركيا معارضي النظام؟

ربما الإجابة عن التساؤل السابق تجدها في العلاقة التي تربط تركيا بأمريكا وإسرائيل، فتلك العلاقة هي التي جعلت طهران تستعطف أنقرة خلال فترة الحرب العراقية الإيرانية، بغية الحفاظ على جسرٍ سياسي مع تلك الدول.

والإجابة الأدق تجدها حين تدرك أن كلتا الدولتين هما أدوات اللعب للنظام العالمي الصهيوأمريكي، فمع إدراك أنقرة أنها غير مرحب بها في الاتحاد الأوروبي لم تجد أمامها إلا وهم الخلافة العثمانية مرة أخري والذي التقى مع مخطط الشرق الأوسط الجديد، وهو ما جعل أنقرة تدرك جيدًا أن استمرار مصر كقوة إقليمية تشكل صمام الأمان للمنطقة هو الذي سيحول دون ذلك، فكانت خطط التقسيم لتغيير خريطة مصر والتي اعتمدت علي فصل المناطق الحدودية بالحديث عن إقامة دولة شمال السودان والتي تشمل النوبة بالإضافة لتوسيع دولة إسرائيل على حساب الحدود المصرية والذي كان مخططًا له في سنة حكم الإخوان من خلال منح الجنسيات المصرية للفلسطينيين تمهيدا لنزوحهم لسيناء والذي تأكد بعد ذلك بحديث بعض المسئولين الإسرائليين، ولعل ظهور الجماعات الإرهابية في سيناء والتي تكفر الجانب المصرى، ولا تجرؤ على توجيه أسلحتها للكيان الصهيوني العدو التاريخى للشعوب العربية هو ما يؤكد ما نقول.

وفي نظري ان الخطأ الإستراتيجي الفادح الذي وقع فيه هؤلاء هو إغفالهم لحقيقة تاريخية هامة وهي أن مصر خلال أزمنة من الاستعمار والحروب، من الدولة الفرعونية وحتى جلاء بريطانيا، لم يكن شعبها يومًا عرضة للتقسيم، وليس أدل علي ذلك من حديث الرسول عليه الصلاة والسلام "إذا فتح الله عليكم مصر فاتخذوا فيها جندا كثيفا، فذلك الجند خير أجناد الأرض . فقال له أبو بكر : ولم ذلك يا رسول الله ؟ قال : لأنهم في رباط إلى يوم القيامة".

والسبب في خطئهم أنهم لم يطلعوا علي التاريخ ليعرفوا من هي مصر؟

عندما خرج أفلاطون من مصر ووصل إلى كريت رآه الناس يتحسس رأسه , فسألوه فقال : أريد أن أتأكد أن دماغي ما زال في مكانه .. كاد يضيع مني هناك .. هذا بلد تجار يشترون منك أي شيء!..
وعندما وصل الاسكندر إلى الدلتا قال : أي جنة هذه!
وعندما وضع نابليون قدمه على شاطئ مصر قال : أي نار هذه!
وعندما وصل إليها عمرو بن العاص قال : هذه شجرة خضراء..
وعندما جاء ابن خلدون إلى القاهرة قال: رأيت مجمع الدنيا ومحشر الأمم ..
ويوليوس قيصر – عندما أجهده المصريون في حربهم وحاصروه في الاسكندرية- قال : لن أبقى في هذا الجحيم لحظة أكثر مما ينبغي ..
أما صلاح الدين فقد قال شيئًا معناه: هذا بلد لا يخرج منه إلا مجنون..

حفظ الله مصر..
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط