الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الجيش ينتصر لإرادة المصريين بإسقاط نظام «المرشد» (3)


مرت مصر بتجربة مريرة بعد وصول تنظيم الإخوان الإرهابي إلى سدة الحكم عبر استمالة المواطنين بعبارات التمسح في الدين تارة .. واللعب على وتر احتياج بعض فئات الشعب المالية تارة أخرى .. وحين فطن الشعب المصري إلى مخطط "اختطاف الثورة" ومحاولة تقزيم الدولة إلى نقطة في بحر "الخلافة الإخوانية" .. وبعد تدهور أحوال المعيشة وتدني الخدمات .. كان للمصريين الكلمة الأخيرة باتخاذهم قرار إسقاط "ولاية المرشد".

وبعد استنفاد جميع مبادرات القوات المسلحة الباسلة لتصحيح مسار حكم الرئيس المعزول محمد مرسي وإمهال القوى السياسية المتصارعة فيما بينها عدة فرص تذويب الجلطة الحوارية، مما كان يهدد مصالح البلاد والمواطنين ويبشر بدخول مصر في حالة من الفوضى الهدامة .. لم يجد الجيش بديلًا عن التدخل بحسم وقوة للحفاظ على قوام الدولة والانحياز لإرادة أبناء مصر .. من هنا كان حتمًا ولا بد من ثورة تصحيح جديدة تعيد مصر لأبنائها دون إقصاء أو تمييز على انتماء ديني أو فكري .. رافعين شعار مصر للمصريين.

انحياز الجيش لثورة 30 يونيو
ووفق ما يسجله تاريخ هذه الفترة الوطني الناصع .. فقد خرج الشعب بكل فئاته من كل حدب وصوب في 30 يونيو 2013 معلنا رفضه استمرار المحاولات الفاشلة لأخونة الدولة وتغيير ملامحها .. ودائما تنتصر ارادة الشعوب ..ومع تنامي الرفض الشعبي لحكم الاخوان وبعد مرور عشرة أشهر فقط من تولي مرسي رئاسة الجمهورية تأسست “حركة تمرد” في 26 إبريل عام 2013 وهي حركة جمعت توقيعات المصريين لسحب الثقة منه مطالبة بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة وحددت يوم 30 يونيو موعدا لانتهاء المهلة الاستجابة لهذا المطلب ودعت الموقعين للتظاهر بعد انتهاء المهلة إذا لم يتم الاستجابة لمطالبهم.

وتجاهل مرسي مطالب الموقعين على استمارات تمرد والمعارضة ووصفها بالمطالب العبثية رافضا إجراء انتخابات مبكرة ودعا في خطاب امتد لساعتين ونصف المعارضة للحوار وتشكيل لجنة لتعديل الدستور والمصالحة الوطنية .. وفي الوقت الذي رفضت فيه المعارضة دعوة مرسي، دعا شيخ الجامع الأزهر الدكتور أحمد الطيب كل مصرى إلى تحمل مسئوليته أمام الله والتاريخ والعالم محذرا من الانجراف إلى حرب أهلية تنذر بعواقب لا تليق بتاريخ مصر ووحدة المصريين ولن تغفرها الأجيال لأحد فيما دعا البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية والكرازة المرقسية إلى التفكير والتحاور معا وطلب من المصريين الصلاة من أجل مصر.

وفي 23 يونيو .. أصدر الفريق أول عبدالفتاح السيسي وزير الدفاع بيانا أعلن فيه أن القوات المسلحة تجنبت خلال الفترة السابقة الدخول في المعترك السياسي إلا أن مسؤوليتها الوطنية والأخلاقية تجاه الشعب تحتم التدخل لمنع انزلاق مصر في نفق مظلم من الصراع والاقتتال الجاري والفتنة الطائفية وانهيار مؤسسات الدولة ودعا إلى إيجاد صيغة للتفاهم وتوافق المصالح خلال أسبوع من هذا التاريخ.

واعتبارا من يوم 28 يونيو .. بدأ أنصار الجماعة التجمع في مسجد رابعة العدوية تحسبا لانتهاء المهلة المحددة لإجراء انتخابات رئاسية مبكرة وتجمعوا أيضا في ميدان النهضة بالقرب من جامعة القاهرة وأقاموا مخيمات في المنطقتين وتعطلت حركة الحياة هناك بشكل واضح ووضعوا حواجز لمنع غير الإخوان من الدخول أو العبور لهاتين المنطقتين .. وفي يوم 29 يونيو أعلنت حركة تمرد أنها جمعت 22 مليون توقيع لسحب الثقة من مرسي.

وفي 30 يونيو .. تجمع في ميدان التحرير والميادين الرئيسية بالمحافظات أعداد كبيرة من معارضي نظام مرسي في الذكرى الأولى لتوليه منصب رئيس الجمهورية مطالبين بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة فيما خرج أنصاره في مظاهرات مؤيدة له وتجمعوا في ميداني رابعة العدوية والنهضة وقامت حركة تمرد بالتظاهر أمام قصر الاتحادية وعرضت الاستمارات التي وقعها أكثر 22 مليون مصري مطالبة بعزل مرسى.

وفي أول يوليو.. أصدرت القيادة العامة للقوات المسلحة بيانا في الساعة الرابعة عصرا بتوقيت القاهرة ذكرت فيه أنه من المحتمل أن يتلقى الشعب ردا على حركته وعلى ندائه .. داعية كل طرف لأن يتحمل قدرا من المسئولية في هذه الظروف الخطرة المحيطة بالوطن .. مشيرة إلى أن الأمن القومي للدولة معرض لخطر شديد إزاء التطورات التي تشهدها البلاد وأمهلت القوات المسلحة 48 ساعة للجميع لتلبية مطالب الشعب.

وفي 3 يوليو .. اجتمعت قيادة القوات المسلحة وقيادات سياسية ودينية وشبابية وفي حوالي الساعة التاسعة مساء بتوقيت القاهرة أذاع التليفزيون بيان ألقاه وزير الدفاع آنذاك الفريق أول عبدالفتاح السيسي أنهى فيه رئاسة محمد مرسي لمصر وعرض خارطة طريق سياسية للبلاد اتفق عليها المجتمعون تتضمن تسليم السلطة لرئيس المحكمة الدستورية العليا موضحا أن له سلطة إصدار إعلانات دستورية وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة وتشكيل حكومة كفاءات وطنية وتشكيل لجنة من التيارات السياسية وخبراء الدستور لمراجعة دستور 2012 الذي عطل مؤقتا ودعا البيان المحكمة الدستورية العليا إلى سرعة إصدار قانون انتخابات مجلس النواب.

أثار هذا البيان فرحة عارمة بين المطالبين بإسقاط مرسي الذين تجمعوا في الشوارع والميادين في كافة أنحاء البلاد بصورة فريدة وغير مسبوقة قدرت بحوالي 30 مليون مصري، وتعالت صيحات “الجيش والشعب إيد واحدة”.

في 4 يوليو تم تسليم السلطة لرئيس المحكمة الدستورية العليا المستشار عدلي منصور حتى إجراء انتخابات رئاسية وتعديل دستور 2012 وتنفيذ خارطة الطريق واستحقاقاتها الثلاث التي تشكل أركان الدولة(رئيس منتخب، ودستور جديد، ومجلس للنواب).
في يناير عام 2014 .. صدر الاستحقاق الأول من خارطة الطريق بصدور دستور جديد للبلاد ثم أجريت انتخابات رئاسية مثلت الاستحقاق الثاني فاز فيها بأغلبية ساحقة المشير عبدالفتاح السيسي بعد تقدمه باستقالة من القوات المسلحة.

ومنذ ذلك الحين تتواصل ملحمة البناء والتنمية التي يقودها الرئيس عبد الفتاح السيسي جنبًا إلى جنب مع المعركة الشرسة في مواجهة قوى التطرف والإرهاب التي أرادت لمصر حاضرًا مظلمًا ومستقبلًا أكثر إظلامًا .. إلا أن إرادة التحدي لجميع أبناء مصر المخلصين، وفي القلب منهم أبطال القوات المسلحة الباسلة ، أبت إلا أن تتصدى لهؤلاء الإرهابيين بصدور لا تهاب الموت.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط

-