الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

مجزرة "دوما".. غيوم الحرب تتجمع فوق سوريا


ساعات ساخنة تعيشها سوريا الآن استعدادًا لإطلاق الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قرارًا بضرب عشرات الأهداف العسكرية في سوريا ردًا على مجزرة قيام قوات النظام السوري بقصف دوما في الغوطة الشرقية بالأسلحة الكيماوية قبل عدة أيام.

والحقيقة أن الوضع في سوريا فوضوي ووحشي وشاذ بطريقة غريبة جدًا ومقززة على مدى السبع سنوات الماضية.

و"مجزرة دوما" وما حدث لعشرات من المدنيين والأطفال كما خرجت الفيديوهات المصورة من مكان الواقعة آخر ما حدث في المسرح السوري من وحشية، تبرز حالة من الدموية والعصبية الشديدة في التعامل مع الأوضاع في سوريا من جانب النظام السوري، كما تبرز حالة تحفز كاملة من جانب الولايات المتحدة وحلفاء واشنطن لإنهاء هذه المأساة الإنسانية في سوريا بالقوة.

والحقيقة أن هذا الوضع الفوضوي حيث لأول مرة يتدفق إرهابيون وعصابات وميليشيات من كل أنحاء العالم لدرجة أن بعض التقارير الدولية رصدت تدفق إرهابيين من نحو 65 دولة على سوريا ليس له ما يبرره بهذا الشكل. فهى عملية استباحة هائلة لسوريا من كل الجنسيات ومن كل أصحاب المطامع.

كما أن هذا الوضع الوحشي وخصوصا من جانب قوات النظام السوري والتي دأبت على استخدام الأسلحة الكيماوية لإنهاء أوضاع حربية معلقة ولإجبار عصابات جيش الإسلام والنصرة وأحرار الشام على مغادرة مواقعها وخصوصا بالقرب من العاصمة السورية دمشق غير مبررة- وهناك إحصاء باستخدام النظام السوري الأسلحة الكيماوية 20 مرة خلال السنوات الماضية.

فاستخدام السلاح الكيماوي لإبادة المدنيين في سوريا جريمة ضد الانسانية ولابد أن يحاسب مرتكبوها. ولا يمكن أن يكون قرارًا بالإبادة هو الطريق الأسرع لإخراج ارهابيين متمترسين في منطقة مأهولة بالمدنيين، خصوصا وأن الغوطة الشرقية لدمشق وحسب آخر الاحصائيات يقطنها ما لا يقل عن 400 ألف مدني.

كما أن هذا الوضع السياسي الشاذ غير مقبول كذلك في سوريا، فهناك مطامح إيرانية وروسية واضحة للعيان وهناك تقسيم منفر للكعكة السورية وأصحابها لايزالون أحياء موجودين!

وكما لا يمكن لأي أحد في الدنيا أن يقبل بأن يقتنع بوجود كل هذه الاجندات الإرهابية وكل هؤلاء المرتزقة في سوريا. لا يمكن أن يقتنع أحد أن هذا مبرر لاستخدام الأسلحة الكيماوية ضد المدنيين العزل.

وفي هذه الصورة المعقدة تأتي الضربة الامريكية على سوريا والتي ظهرت غيومها بعدما تم تغيير مسار الطائرات المدنية المتجهة للبحر المتوسط، وتم اعلان حالة الطوارئ القصوى في إسرائيل كما أعلن بنيامين نتنياهو في اجتماع أمني مصغر قبل ساعات أن الرئيس ترامب قرر توجيه ضربة عسكرية لسوريا. خصوصا وأن روسيا تصدت بالفيتو لمشروع قرار دولي من مجلس الأمن يدين الهجمات الكيماوية على دوما.

فإن هناك آراء متضاربة حول الضربة الأمريكية ومراميها ، كما أن قيادات عسكرية كبرى داخل الإدارة الأمريكية رأت أن مجرد توجيه ضربة عسكرية" شو" لنظام الرئيس السوري بشار الأسد ودون وجود خطة سياسية لتسوية الأزمة وفرض حل على جميع الأطراف، ستكون كمن سكب بنزينًا فوق نار مشتعلة ولم يفكر في استدعاء ولو طفاية حريق واحدة فربما تتطور الأمور!

فهناك خلاف شديد في مختلف الأوساط تجاه الضربة الأمريكية على سوريا بين من يرى أنها ستكون استعراضًا لترامب، خصوصا وأنه وجه من قبل في العام الماضي ضربة لقوات النظام السوري بعد مجزرة خان شيخون، وهناك من يرى أنها ستكون أقوى من ذي قبل وأن ترامب سيستغل هذه الفرصة للنيل من الرئيس السوري بشار الأسد، وإعادة الهيبة الأمريكية وفق تصوره للمنطقة وأيضا لإخراج الميليشيات الإيرانية والعصابات التي تتبع حزب الله من سوريا. علاوة على توجيه رسالة شديدة اللهجة الى روسيا بعدما هدد ترامب الرئيس بوتين وروسيا بأن كل من تورط في مجزرة دوما سينال عقابه.

الأوضاع ساخنة وقرار بدء الحرب يختلف جذريا عن قرار انهائها..

كل هذا والدول العربية في "وادي موت" فلا حياة لمن تنادي ولا وجود لتحركات سياسية عربية في الملف السوري الذي أصبح بيد الأتراك والروس والإيرانيين والأمريكان والدول الداعمة لإرهابيي سوريا، أما غير ذلك فليس هناك وجود عربي بعدما ارتكبت الجامعة العربية جريمة في حق سوريا، وقت وجود الأمين العام السابق عمرو موسي بالاستجابة لضغوط قطر ومحورها وتجميد مقعد سوريا في الجامعة العربية، على اعتقاد أن ذلك ينهي الأزمة السورية، فإذا بالأزمة تطول وإذا بالجامعة العربية والدول العربية جميعها تكتفي بدور المشاهدة على "مأساة وجريمة وأوضاع إقليمية ودولية" تترتب في دمشق ولا نعلم عنها شيئا.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط