الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

د.فتحي حسين يكتب : أزمة التعليم ما بعد الجامعي!

صدى البلد

ربما كانت هناك أزمة حقيقية يتعرض لها التعليم الجامعى الحكومى فى مصر. جعله خارج المنافسة وأعطى الفرص للتعليم الخاص ان يتغلغل فى المجتمع بشكل كبيرة وخطير في الوقت نفسه ويسحب البساط من التعليم الحكومى الذى بات عاجزا عن تخريج أفراد قادرين على المنافسة فى سوق العمل. وأصبح المصريون فى أزمة حقيقية ما بين الحاق ابنائهم بالتعليم المجانى الذى يتلاشى، وما بين الحاقهم بجامعة خاصة بمبالغ مرتفعة للغاية لا تتناسب مع إمكانياتهم .

ولكن ازمة التعليم ما بعد الجامعي لم يتطرق لها الكثيرون ربما لعد الاهتمام بالكم الكبير جدا الذي يحصل علي درجات علمية ماجستير ودكتوراه ولا يستفيد منها المجتمع ثم يصبح عبء علي الدولة عندما يطالبها بالتعيين بالحكومة بحجة انه حاصل علي درجة الماجستير والدكتوراه !او يطالب بالتعيين بالجامعة كاستاذ يدرس للطلاب دون ان يكون مؤهلا لذلك؟ فأستاذ الجامعة لا تقف وظيفته عند التدريس فحسب بل هو من يصنع الفكر ويقود التحولات السياسية والاجتماعية والاقتصادية وكلما كان تميز الاستاذ الجامعي قائدا علميا وخلقيا وحياديا وايجابيا في معاملة طلابه وفي قضايا ابناء وطنه تعلم الطالب منه المثل العليا الفاعلة في الحياة بينما اذا رأي الطالب أساتذة سلبيين ونماذج غير ايجابية – وما أكثرهم – ومنعزلة اجتماعيا ومتعصبة دينيا وطائفيا تعلم منهم السلبية والانعزالية والتعصب للطائفة والمذهب والجنس !وهناك العديد من الامور السلبية بالجامعات تحتاج بالضرورة الي ثورة وتغيرات مع بداية الفترة الرئاسية الثانية للرئيس عبد الفتاح السيسي خاصة ان هناك العديد من المواد التشريعية في قانون الجامعات تحتاج الي تغيير وعفي عليها الزمن!

فالأستاذ الجامعي المشرف علي إحدى رسائل الدكتوراه والماجستير -المنتشرة بكثرة في هذه الأوقات كالنار في الهشيم - يقوم بكتابة تقريرا بصلاحية الرسالة للمناقشة في البداية ثم يتم تشكيل لجنة ثلاثية لمناقشة الباحث مقدم أطروحة الماجستير او الدكتوراه – فمعظم من ليس له وظيفة يقوم بإعداد رسالة ماجستير ودكتوراه الان! -

علي اي حال ثم يقومون باعتماد الدرجة للطالب وهو لا يستحق وربما لا تساوي الرسالة المقدمة ثمن الحبر الذي تم الطباعة به ووفقا لنظام شيلني واشيلك المتبع بين بعض الاساتذة الان والذين اعتادوا مجاملة بعضهم البعض من خلال الاستعانة بهم دون غيرهم في مناقشة الباحث بعد اعتماد مجالس رسمية لهذه المناقشة بداية من مجلس الكلية والقسم وربما الجامعة ولن يراجع احد التقارير التي كتبها الاساتذة ثم يحصل الطالب علي درجة الدكتوراه وسط تهاليل وافراح وليالي ملاح وكأنه حصل علي جائزة نوبل وتسلم وشاح النيل مثلما تسلمه سفير السعودية السابق احمد قطان مؤخرا ! ثم يصبح هذا الطالب الحاصل علي الدكتوراه عضو هيئة تدريس الامر الذي يؤدي الي افساد العملية التعليمية الجامعية برمتها – وهو ما يحدث الان - وللاجيال المتعاقبة لانه سوف يفرخ امثاله نتيجة جهل هذا الطالب الذي صار دكتور اكاديمي وعضو في الهيئة التدريسية للجامعة ! والاخطر من هذا ان هذه الافعال غير مجرمة ولكنها في الواقع قاتلة للعملية الجامعية في مجملها لان القانون –الصم- يحترم استاذ الجامعة ويعطيه الكلمة العليا ولا يجرم بعض افعاله وهكذا تمتليء جامعتنا بالعديد من الحاصلين علي دكتوراه وماجستير وربما يطالبون الدولة بحقهم في التعيين وهي -في الواقع- غير صالحة للاستخدام او التطبيق او الاستفادة منها في الوقع العملي!

ولكن علي مستوي الجامعة فالأمر خطير للغاية ويحتاج الي ثورة في التعليم الجامعي لان هذا يعد فساد من نوع خاص ولكنه في الواقع غير مجرما قانونا ولا يمكن مسألة من ارتكبوه من النواحي القانونية لأنهم لو تسألوا سوف يدعمون بعضهم البعض من منطلق "احنا هنا اسرة واحدة مع بعضينا " وهذا ايضا ربما ينطبق ايضا علي لجان الترقيات بالجامعة التي أصبحت لكم من هب ودب حتي اصبح احد هؤلاء الاساتذة من الشخصيات العامة وعميد كلية حكومية ومستشار العديد من الجامعات الخاصة المصرية والعربية وعضو هيئة وطنية حكومية و هناك اساتذة يناقشون كل يومين رسالة دكتوراة وماجستير وفي محافظات مختلفة دون ان يضعون اعتبار للوقت فمتي يأتون بالوقت لقراءة الرسائل بل يفتخرون بهذا عبر وسائل التواصل الاجتماعي الفيس بوك!! فنحن نحتاج الي قرارات جريئة لمناقشة أزمة التعليم ما بعد الجامعي حتي لا يطلق علينا فعلا بلد شهادات دون انجازات علي ارض الواقع!