الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

محمد صلاح الإخواني!


إن المواهب في كافة مجالات الإبداع نادرة للغاية، وذلك الذي يمنح الموهوب قيمة عالية: في مجتمعه مرة، وفي المجتمعات الأخرى مرة ثانية، وهذه القيمة التي يمنحها المجتمع والعالم عن طيب خاطر، ليست وليدة العصر الحديث، ولكنها متلازمة بدأت مع البزوغ الأول للمجتمعات الإنسانية، ذلك أن الموهوب يعبر بطريقة مثلى أو فلنقل رائعة عن الإنسان الذي لا يستطيع العوام منه التعبير، ومن هنا يمنح الآخرين متعة يكافئونه عنها بتلك المكانة المرموقة: حسيا - بجعله على رأس هرم السلم الاجتماعي، ومعنويا بما يملكه من حب في قلوب معجبيه.

وتتنوع المواهب بتنوع مناحي الحياة، وكلما تطور المجتمع الإنساني ابتكر مجالات جديدة، لم تكن مطروفة ولا معروفة لأسلافه، وفي تلك المجالات المستحدثة يبرع فيها لدرجة ملفتة ندرة من بني الإنسان الذين اتخذوا المجال الجديد ساحة لهم.

تعتني الأمم اعتناء كبيرا بعُقْد المواهب الفذة من أبنائها، ولعل أوضح مثال في تاريخنا العربي الذي كان الشعر هو ديوانه، كما ذكر عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فكانت القبيلة التي يظهر فيها شاعر تقيم الاحتفالات وتنحر الذبائح وتعد الموائد احتفالا واحتفاء بالموهبة الشعرية.

وفي العصور المختلفة تتقاسم المجالات المتعددة المواهب، ولكل فترة زمنية اهتمامات بالنجوم متباينة، وفي عصرنا الحالي، على الرغم من تنوع الاهتمام بالمتميزين في كافة المناحي، تظل الرياضة الأولى في العالم والتي أسرت القلوب، وجعلت نجومها يحتلون المكانة الأولى في النفوس، ويملكون المساحة الأكبر من القلوب هي رياضة كرة القدم، فلا توجد رياضة أخرى في العالم مهما استقطبت من المتابعين أن تنافس كرة القدم، ومن هنا كان لنجومها شعبية كبيرة، وكان للأفذاذ ممن يمارسونها مكانة هائلة، وتأثير لا يعادله تأثير.

تظل شجرة الموهوبين الأفذاذ في رياضة كرة القدم نادرة الغصون، فنجد في كل جيل على مستوى العالم عدة لاعبين على أصابع اليد الواحدة ينتمون إلى هذه الشجرة، وربما جاء جيل لا تنبت فيه هذه الشجرة غصنا واحدا، لينتظر عشاق رياضة كرة القدم جيلا آخر للظفر بغصن جديد.

هناك أمم كاملة على مدار عمر رياضة كرة القدم لم يكتب لها أن تنتمي لشجرة الأفذاذ، بل إن أغلب دول العالم لم يسعد شعوبها في نبتة تقترب من هذه النوعية من اللاعبين الأفذاذ، وهذا حال الموهبة الفذة في كافة المجالات.
 
إن مصر بلد المواهب - هذه حقيقة - فلا تعدم مصر يوما ولادة المواهب، ومنها في كرة القدم، والتي أنجبت فيها مصر الفذ محمود الخطيب، والذي لم يأت بعده لاعب في مهاراته وخلقه، إلا بعد أن ظهر لاعبنا الأسطورة محمد صلاح، الذي سلك طريقا مخالف لطريق سلفه محمود الخطيب، فحمل حقائبه وعبر إلى الشاطئ الآخر من المتوسط ليخطو مشوار النجومية العالمية في هدوء وتركيز، ولأنه غصن من شجرة الموهبين الأفذاذ، استطاع أن يحقق في عامه الأول مع ناديه الإنجليزي ليفربول إنجازات هائلة، ولأنه يمتلك من الخلق ما يضاهي امتلاكه للموهبة ملك القلوب من محبي رياضة كرة القدم حول العالم، ولأنه ابن ثرى مصر الطيب، فقد جعل بلده بين ناظريه وفي فؤاده، فعكس أنبل صورة لانتماء مواطن لوطنه: ابتداء من أسرته مرورا بقريته انتهاء وابتداء بمصر.

لقد رفع محمد صلاح اسم مصر عاليا، ولو أنفقنا مليارات الدولارات ما حققنا لمصر ما حققه الفذ محمد صلاح من خلال موهبته الفذة المتناغمة مع خلقه الكريم، لقد جعل صلاح الجماهير تتغنى به وبوطنه، وكان سببا مضافا لعشق العالم لمصر، فأصبح هناك جيل جديد متيم بالبلد الذي أنجب نجم نجوم كرة القدم.

إن محمد صلاح نموذج رائع يعطي الأمل لشباب مصر والعالم، بما حققه من إنجازات، تفتخر به مصر، كما تفخر به أمتنا العربية، يتباهى به كل إنسان سوي.

منذ يومين فاز محمد صلاح بإحدى أهم جوائز كرة القدم في العالم حينما تم اختياره من محترفي اللعبة كأفضل لاعب في الدوري الأول والأهم عالميا وهو الدوري الإنجليزي لما قدمه من مستوى مبهر، فعمت الفرحة كل أبناء الشعب المصري، وكل أبناء الأمة العربية، وكل عاشقي ومتابعي كرة القدم إلا فصيلا واحدا هم هؤلاء المنتمين لجماعة الإخوان، فذهبوا كل مذهب في محاولة تشويه الإنجاز، وعكسوا حقدا أسود، وغباء مركبا يفقدون به مزيدا من المخدوعين.

لقد حاول الإخوان في بداية بزوغ نجم محمد صلاح أن ينسبونه إلى جماعتهم، وحينما أعلن النجم المصري الكبير عن انتمائه اللامحدود للوطن، ودعمه للقيادة السياسية متمثلة في الرئيس عبد الفتاح السيسي تحول محمد صلاح "الإخواني" إلى شيطان – عندهم – رجيم، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط