الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

تحرير سيناء والعملية الشاملة.. أيام خالدة بطعم النصر


لعله من حسن الطالع أن تتزامن ذكرى عيد تحرير سيناء هذا العام مع العملية العسكرية الشاملة 2018 لمواجهة الإرهاب.. فكلاهما يمثل سجلًا ناصع البياض يضاف إلى التاريخ المشرف للأيام المجيدة والبطولات الخالدة في تاريخ قواتنا المسلحة الباسلة.

فعلى مر الزمان نتذكر أحداث المعركة المشرفة التي خاضتها مصر من أجل استعادة العزة والكرامة والتي توجت بانتصار العاشر من رمضان الموافق السادس من أكتوب، وأثبت خلالها المقاتلون المصريون أنهم بحق خير أجناد الأرض.. ونصرهم الله نصر عزيز مقتدر على العدو الصهيوني الغاصب في حرب يتم تدرس خططها ونجاحاته في كبرى المعاهد العسكرية حول العالم إلى وقتنا هذا.

وبعد هذا النصر المبين دخلت مصر معركة جديدة من أجل استعادة باقي أراضيها بعد إقرار اتفاقية السلام القائم على القوة وليس الهزيمة.. تحررت سيناء في الخامس والعشرين من أبريل عام 1982، ولكن قبل ذلك شهدت لعقود طويلة مراحل عديدة من الصراع العربي الإسرائيلي، مثل: العدوان الثلاثي على مصر عام 1956، وحرب يونيو عام 1967، وحرب أكتوبر عام 1973، وبعد أيام قليلة من حرب عام 1967 بدأت حكاية تحرير سيناء.

في عام 1968 بدأت القوات المصرية بالتحرك إلى قناة السويس، وخاضت المعارك الشرسة ضد القوات الإسرائيلية حتّى السادس من أكتوبر عام 1973 (حرب أكتوبر)، حيث نجحت باقتحام قناة السويس، وعبرت خط بارليف واستردت جزءًا من أراضي شبه سيناء، فمع حرب أكتوبر عادت حركة الملاحة من جديد إلى قناة السويس تحديدًا في يونيو من عام 1975، وأصبحت مصر قوة عسكرية تهدد أمن إسرائيل لأنّ القتال لم يتوقف حتّى يتم استرداد آخر شبر من الأراضي المصرية وتطهيرها من العدو الإسرائيلي.

بعد حرب أكتوبر بسنوات والكثير من الاشتباكات القتالية، بدأت المرحلة الثانية لتحرير أراضي سيناء بزيارة أنور السادات للقدس عام 1977، وخوض المفاوضات السياسية لتحقيق السلام وإنهاء حالة الحرب في المنطقة، ونجح في ذلك حتّى تدخلت الولايات المتحدة الأمريكية بعقد اتفاق كامب ديفيد في الثامن عشر من أيلول (سبتمبر) عام 1978، الذي على أثره تمّ توقيع معاهدة سلام بين مصر وإسرائيل في 26 من شهر آذار (مارس) عام 1979، حيث نصت المعاهدة على وقف القتال، وانسحاب كامل للقوات الإسرائيلية من أرض سيناء، لكن كان ذلك على مراحل زمنية تمّ تحديدها في المعاهدة، ومع الانسحاب التدريجي لإسرائيل كان الخامس والعشرين من أبريل عام 1982 هو رحيل آخر جندي إسرائيلي من مصر، وتمّ رفع العلم المصري في أماكن عديدة من سيناء، مثل: الحدود الشرقية على مدينة رفح في شمال سيناء، وفي شرم الشيخ في الأراضي الجنوبية منها، وبذلك تمّ إعلان هذا اليوم هو ذكرى تحرير سيناء.

لكن في آخر نقطة من سيناء في منطقة طابا عملت إسرائيل على إثارة المشاكل عند الخروج من سيناء بشكلٍ كامل، ولم تفرط مصر بها وخاضت العديد من المفاوضات إلى أن رضخت إسرائيل في الخروج من طابا وكان ذلك في 19 من مارس 1989م، حيث رفعنا علم مصر على أراضي طابا إشارة إلى السلام والأمن في سيناء.

حتى جاء يوم 25 أبريل وانتزعنا فيه قرار التحكيم الدولي بتحرير آخر حبة رمل من محافظة سيناء وهي الذكرى المجيدة التي تعد خير دليل على إخلاص وتضحيات رجال القوات المسلحة المصرية البواسل ووفائهم للدفاع عن أرض وطننا الغالي، ورفعنا راية مصر خفاقة عالية ترفرف على أرضها بكل عزة وكرامة، فهم أبناء مصر الأوفياء الذين قدموا أرواحهم الطاهرة ودمائهم الغالية فداء لكل حبة رمل في سيناء الحبيبة.

وها هم اليوم يتركون خلفاء لهم في التضحية والفداء من أبناء الجيش المصري العظيم ليواصلوا ملحمة العطاء والفداء تقديم أرواحهم ودمائهم لتطهيرها من البؤر الإرهابية والتنظيمات التي تسعى لتقويض الأمن في ربوع مصر عبر التفجيرات الإجرامية وإراقة دماء الأبرياء.. ويكفي أن المجندين الذين انتهت خدمتهم بالقوات المسلحة قبل تنفيذ العملية طلبوا عدم الخروج من الخدمة لينالوا شرف الدفاع عن الأرض.. وهم يعلمون تمامًا أنهم ربما يقدموا أرواحهم ثمنًا للدفاع عن تراب الوطن.. لكنهم يتحدون كل مشاعر الخوف الإنسانية ويحبون الموت عن الحياة.. ضاربين أروع الأمثلة في إعلاء قيم العزة والكرامة حتى وإن أدت إلى الاستشهاد على ما عداها من مشاعر.

وقد أصابت بطولات أبنائنا في ساحات المواجهة، والنتائج التي حققوها منذ بدء عملية سيناء 2018، قوى الشر في الداخل والخارج بصدمة بالغة، فقد كانوا يعتقدون أن الجماعات الارهابية تمثل ورقة ضغط لتحقيق أهدافهم في مصر، لكن جاء رد جيش مصر قويا ورادعا وحاسما وأصاب أشرار الداخل والخارج بصدمة بالغة".. وبتأييد من الله سوف تحقق هذه الحرب الشاملة على الإرهاب سيادة وسيطرة الدولة المصرية على كامل أرضها في سيناء بحماية حدودها من جميع الاتجاهات، رغم أنف كل الحاقدين والخونة والدول الممولة.

فمما استقرت عليه جميع أراء وتحليلات الخبراء أن العملية سيناء 2018 تتشابه في مساحات كبيرة مع حرب السادس من أكتوبر ، ليس فقط في كونها تواجه عدوا يستهدف الوطن ومقدراته وتحرر سيناء منه ، ولكن في كونها ترتب لعمل سياسي إقليمي قادر على تغيير وجه الشرق الأوسط مجددا، لأن القضاء النهائي على الإرهاب وأدواته سينعكس على الأوضاع في كل من ليبيا وسوريا واليمن والعراق.

وقد جاءت الكلمة التي ألقاها الرئيس عبد الفتاح السيسي بمناسبة الاحتفال بالذكرى الـ 36 لتحرير سيناء معبرة على أروع ما يكون على أن ملحمة العطاء والفداء هي عقيدة ثابتة ويقين راسخ في قلب رجال قواتنا المسلحة الباسلة.. وأن تحرير سيناء حتى آخر شبر، ثمرة لكفاح الشعب المصري، حققه بالمعاناة والعرق والدم، بالعمل والتضحية والصبر، وكان في طليعة الشعب ومقدمته، أبناؤه البواسل من القوات المسلحة، التي صانت الأمانة، وكانت على قدر المسئولية التاريخية العظيمة، فأثبتت مجددًا أنها نبتٌ طاهر لهذا الشعب الصامد الأصيل.

كما استعرض الرئيس حجم الأطماع في سيناء التي لم ولن تنتهي مؤكدًا أن التهديدات، وإن تغيرت طبيعتها، فإن خطورتها لم تقل، فها نحن نواجه منذ سنوات، هجمات شرسة من تنظيمات إرهابية، مدعومة وممولة من دول وجهات منظمة.. شبكة كبيرة من التنظيمات الإرهابية استطاعت في السنوات الأخيرة، استغلال حالة الفوضى السياسية التي ضربت المنطقة، لتحتل أراضى واسعة في دول شقيقة، وزين لها الوهم أنها قادرة على فعل مثل ذلك في أرضنا الغالية.

وفي كلمة من القلب.. قال الرئيس موجهًا كلماته للشعب المصري العظيم: "أقول لكم بالصراحة والصدق، إنه من حق الشعب المصري أنْ يفخر بأبنائه الأوفياء في القوات المسلحة والشرطة، الذين أثبتوا كفاءتهم القتالية، ومستواهم العسكري الراقي، استنادًا إلى عقيدة وطنية مصرية خالصة، فَمَضوا في هذه الحرب غير النظامية، يحققون النجاحات واحدًا تلو الآخر، ويقومون بشكل يومي بمحاصرة الإرهاب وتضييق الخناق عليه، فاستحقوا فخر الشعب المصري وتحيته، التي نتوجه بها اليوم من القلب لأبطال القوات المسلحة والشرطة.

كلمة أخيرة
ستبقى مصر على طول الزمان دولة موحدة قادرة على مواجهة أخطر التحديات بفضل شعبها الصامد المرابط على وطنه.. وبفضل القيادة الوطنية المخلصة.. وبفضل جيشها العظيم.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط

-