الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

فى الأداء النقابى بالصحفيين.. ياقلبى لاتحزن


حينما فكر الشيخ على يوسف وأمين الرافعى، أوائل القرن الماضى، فى إنشاء نقابة للصحفيين، لم يكن لديهم هم سوى، الارتقاء بأوضاع الصحفيين، خاصة وأن تلك الفترة كانت محفوفة بالمخاطر، ويعانى فيها الصحفيون، أزمات وصلت إلى حد حرمانهم من تكوين كيان، يحمى مصالح الصحفيين، ويقضى على فكرة أن الصحفيين هم عيون السلطة، وأنهم يأتمرون بأوامرها وينتهون عن نواهيها، خاصة وأن السلطة فى ذات الوقت لم تكن وطنية خالصة، بل كانت مشبوبة، بالمستعمر الخارجى.

استمرت محاولات "يوسف" و "الرافعى" مابين شد وجذب، حتى انتهت إلى تكوين النقابة التى تولاها محمود أبو الفتح، وهو أول نقيب صحفيين مصرى، والذى تبرع بمنزله مقرا للنقابة، حتى استشعر الصحفيون، أنه أصبح لهم كيانا يدافع عنهم، حتى انتهى الأمر إلى القرار الرسمى بإنشاء نقابة الصحفيين منتصف أربعينيات القرن الماضى، حينما استطاع الصحفيون بوحدتهم، وإيمانهم أن ينتزعوا هذا الحق الذى طالما ناضلوا من أجله.

وبعد مرور أكثر من 75 عاما على إنشاء نقابتنا العريقة، تحولت الظروف وتبدلت الشخوص، وتحول الأمر إلى مجرد عمل إضافى، ليس الهدف منه خدمة الأعضاء، وتحقيق مصالحهم، حتى وانت تعارضت مع توجهات السلطة الحاكمة، وفى تاريخ النقابة الكثير من تلك النماذج، التى انتصرت فيها إرادة الصحفيين، على السلطة فى كل مكان وزمان، غير أن المكان هنا لا يتسع لسردها.

فالأداء النقابى فى الوقت الحالى، افتقد فكرة الدفاع عن مصالح الأعضاء، وتحول إلى مجرد موقع، بهدف الارتقاء إلى ماهو أعلى منه وظيفيا، ولعل فى تبوء العديد من الزملاء النقباء السابقين لمواقع أعلى من تلك التى كانوا يشغلونها وقت ترشحهم، إما لعضوية المجلس، أو منصب النقيب، والأسماء معروفة.

وأدى ذلك كله إلى تحويل العمل النقابى، إلى خدمة للسلطة، الهدف منها احتواء الصحفيين، باعتبارهم أحد وأهم عناصر تشكيل الرأى العام، والقوة المؤثرة فيه، وهو ما يفسره عدم إصرار النقابة على حقوق أعضائها إذا تعارضت مع السلطة وتوجهاتها، فأصبح النقيب مفوضا من السلطة، لتحقيق أهدافها، وذلك بعد أن توقفت المعارك الحقيقية للصحفيين، بعد المعارك التى خاضها النقباء الأجلاء السابقون، منها معركة هيئة الاستعلامات، ومعركة القانون 93 الشهيرة، والتى انتصرت فيها إرادة الصحفيين على رغبات السلطة، بعد أن كان هناك إيمان بحقوق الصحفيين.

واذا كان البعض يرى أن الوضع الحالى، ليس فيه ما يستحق النضال، نقول، أن هذا تبرير لتراجع فى الأداء النقابى، فمشاكل الصحفيين فى الوقت الحالى، تعد أكثر خطورة عن الماضى، الذى سيطرت عليه التشريعات، التى كانت تتطلب نضالا من الصحفيين من أجل مستقبل أفضل، غير أن الأوضاع الحالية للصحفيين، تهدد حياتهم، ومستقبل أسرهم بعد مماتهم، وهى – عندى- أكثر خطورة لأنها تتعلق بحياة الصحفيين ومستقبل أسرهم، مما يثير الحزن فى القلوب ولدى الحناجر.

ليس أدل على ذلك من المخاطر التى يتعرض لها الصحفيون، والتى فرضتها البطالة الإجبارية، والفصل التعسفى، وإغلاق الصحف، وتوقف الملفات التأمينية، وتشريد الصحفيين، وهى أمور أظن – وليس كل الظن إثما – أنها ذات أولوية شديدة، من حيث المناقشة والحل السريع.

أما ما يحدث الآن فقد أصبح العمل النقابى لا يرضى عنه الكثيرون – وأنا منهم – بعد أن تحول إلى مجرد سلم لارتقاء ما هو أعلى، رغم تأكيد الجمعية العمومية للنقابة على عدم جواز ذلك، ومع ذلك لم يتم احترام قرارات الجمعيات العمومية، وأصبح الأداء النقابى أشبه بنظام الإدارة الحالى بالدولة وهو فرض سياسية الأمر الواقع، دون الرجوع لأصحاب المشكلة، فى وقت أصبحت فيه المعارضة ، حتى البناءة منها، نوع من الخروج على النظام النقابى، أو خدمة لتيارات هدامه، وهذا أمر نرى أنه تبرير غير مقبول لأداء نقابى غير مقبول بالصحفيين.

وإذا كنا نؤمن بأن للدولة ظروفا خاصة، تتطلب نوعا ما من الإدارة يتناسب مع طبيعة المرحلة، فأنه ليس مقبولا أن يكون ذلك الأمر فى نقابة، هى الأعرق فى تاريخ النقابات المهنية، وهى التى ساهمت فى انشاء النقابات والجمعيات العربية للصحفيين، بل ساهمت فى انشاء اتحاد الصحفيين العرب.

لفم يعد يهتم مجلس النقابة بمكاشفة الأعضاء، وظهرت على السطح فكرة "محدش يسألنى" وأنا متعهد بالاصلاح، غير أن الأمور أصبحت مبهمة وغير واضحة، ودخلت فى إطار التهديد والتلويح بالعقوبات أكثر منه أداء نقابى لخدمة الأعضاء.

وحتى لا نذهب بعيدا، فان ما حدث مؤخرا بشأن تأجيل لجنة انعقاد القيد بالنقابة لجدول تحت التمرين، والتى كان مقررا لها هذا الأسبوع، تم التأجيل دون أن يخرج المجلس ببيان رسمى يوضح فيه للأعضاء ملابسات الأمر، مع العلم بأن غياب أحد أعضاء لجنة القيد، لا يمنع من عقدها بزميل بديل.

أمر آخر وهو الجديد القديم، ويتعلق بملف الصحف الحزبية، وهو الملف الذى استخدمته 4 مجالس ونقباء متعاقبين، ورقة أساسية لخوض انتخابات النقيب، ومع ذلك لازالت القضية محلك سر، فى وقت تم إرسال رسائل للمتعطلين عن العمل، وهم كثر، بأن هناك تعهدات بالحل، غير أن الحل لم يخرج عن كونه، إعادة للماضى الأليم، بصرف مبلغ هزيل للصحفيين، تحت بند المعونة، دون أن تتدخل النقابة، أو المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، لحل حقيقى لها.

الأداء النقابى حديثه يطول، والوقت غير موصول، غير أنه يمكن تلخيصه فى أنه من الضعف ما انعكس على أوضاع الصحفيين، فى تردى أحوالهم، وفى تراجع الأداء المهنى، وفى إصابة الجميع بالحزن، والسبب معروف، وهو أن العمل النقابى، ليس مقصودا به الأعضاء، بقدر ماهو طموح لمناصب رسمية أفضل وأشمل وأكثر استمرارا من مجلس نقابة الصحفيين.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط