الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

أن تحافظ على هويتك.. خير لك وأبقى


منذ ما يقرب من أربعة عقود من الزمان ونحن نمر بحالة من التغريب تجتاح عقولنا، وتفكيرنا، وشكل عمارتنا، وطريقة طعامنا، والأهم من هذا أسلوب تعليمنا فبعد أن كان من يتعلم تعليم خاص هو صاحب قدرات محدودة، أصبح هو المميز، من كان ينطق العربية فى الإذاعة المدرسية بطلاقة هو المجتهد محل احترام وتقدير أساتذته، أصبح هو البسيط الذى لا تدخل بين جمله كلمات بلغات أخرى.

هذا الكلام ليس بجديد ويردده الناس فى مناسبات عدة، رغم أننا كلنا نشارك فى انتشاره بشكل أوسع حيث إنه فرض علينا كأسلوب حياة، دخل وتسلل بقصد وبالبطء المطلوب حتى سكن وجداننا، وأصبح البعض منا يدافع عنه، والبعض الآخر يتعامل معه كأمر واقع.

ومن هذا المنطلق بدأنا الشعور بالتغريب شيئا فشيئا، بدأنا الإحساس بضياع هويتنا، بعد أن كنا مجتمع متفتح ومتفاعل مع ثقافات عديدة مع الاحتفاظ بثقافتنا، أخذت تلك الثقافات الأخرى تقتحم أجيالا منا وتجذبهم، فنجد اليوم من يعرفون أنواع الغناء الغربية بينما لا يعرفون من هى أم كلثوم، وهل للموسيقى فى مصر أنواع، وما هى، رغم كونهم ينتمون إلينا.

لكن هناك دائما طاقة النور الموجودة بين الظلام، هى الحامية لهوية مصر، فتجد من بين تلك الأجيال نفسها التى تشبعت بثقافات دخيلة علينا، وأسلوب حياة غريب علي مجتمعاتنا، هم أنفسهم من يعودون إلى تراثنا القديم ويحاولون إعادة إحياءه، إما كمتلقين أو كقائمين عليه.

من بضع سنوات نجد بين الحين والآخر إرهاصات من بعض الفنانين وخاصة الشباب لإعادة توزيع وغناء الكثير من أغانى و مواويل تراثنا الشعبى، من بينهم مثلا دينا الوديدى التى غنت أكثر من أغنية قديمة وشعبية (بتنادينى تانى ليةه) و(السيرة الهلالية).

ومن الجدير بالذكر أن غالبية فرق الشباب والمطربين الشباب والذين تقام لهم حفلات بدار الأوبرا والأماكن التابعة لها كانوا قد اتجهوا منذ سنوات قليلة لإعادة توزيع وأغانى من التراث المصرى ولكن ينقص تلك التجارب أنها لا تجوب الجمهورية وتظل حبيسة حضور مسارح الأوبرا.

(هشام نزيه) و(تامر كروان) تري أيكونا محطة فى تاريخ وتوجه الموسيقى المصرية!
من أهم الموسيقيين الموجودين على الساحة الفنية المصرية الآن، عندما لحن هشام نزيه قصيده فى غاية الصعوبة لإمام العارفين (محيي الدين بن عربى) لتكون أغنية مسلسل السبع وصايا وأبدع فى لحنها لدرجة أن المستمع يمكن أن يتخيل أن اللحن قديم ومقدم بتوزيع جديد، كانت تلك شرارة حقيقية لطاقة النور الحامية لوطن منهك جاءت تحافظ علي هويتنا وسط التغريب حيث كانت المفاجأة تقبل الناس لقصيدة بهذه الصعوبة ومحاولات بحثهم عن كلماتها لمعرفة معانيها.

ثم جاء فى العام الماضى تتر مسلسل (واحة الغروب) مع المؤلف الموسيقى تامر كروان، كلمات مزيج من التراث الصعيدى الشعبى مع بعض الجمل الصوفيه، مع لحن به إيقاعات واضحة قوية يجذب الإنتباه فورا للبحث خلف كلماته ومعانيها، مع صوت يعرف كيف يغنى اللهجة الصعيديه ويعبر عنها (وائل الفشنى).

حتى استمعنا هذا العام لواحدة من مواويل السيرة الهلالية كأغنية لمسلسل طايع بنفس الصوت الجميل للفشنى والذى يفهم الكلمات جيدا ويعى معانيها والمقصود منها بحكم نشأته، والأغنية من ألحانه أيضا.

وتكمن المفاجأة فى كون الجمهور فى المنازل ينجذب لكلمات وألحان جادة ويبحث فى معانيها والشباب فى العشرين يطلبونها من المطربين فى حفلاتهم، هذا رغم كل محاولات إقناعنا بأن أغانى المهرجانات هى ثقافة الشعب الآن!!
نعم إنها طاقة النور.. وسوف تبقى هويتنا محفوظه حتى ولو بدا العكس.

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط