الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

صدقة جارية!


في السباق الرمضانى السنوى تتنافس الأقلام النقدية على مائدة الدراما لتقييم الأعمال الفنية ومنح الدرجات للنجوم في قائمة التفوق أمام الشاشة الصغيرة، ومع تطور أدوات العصر امتدت الأيدي إلي "الكى بورد" للكتابة السريعة علي الفيس بوك وتويتر والإنستجرام لمواكبة مظاهر التحديث والتغلب على عنصر ضيق الوقت. 

وفي السنوات الأخيرة اجتاحت المشهد التلفزيوني إعلانات التبرع و"بيزنس" التسويق لمؤسسات العلاج من الأمراض المستعصية و"ابتزاز" أصحاب الدخول الضعيفة عاطفيا للمساهمة - بديلا عن الدولة وعالم رجال الأعمال الرحيب - وصارت هذه النغمة السائدة التى تعزف على أوتار مشاعر الفقراء والبسطاء و"المكافحين" من الطبقة المتوسطة أكبر عمل درامى يشارك فيه مختلف النجوم من كل مجال لرفع رصيدهم في الشارع والفوز باحترام وتقدير المواطن خارج "حدود مهنتهم" وداخل "كادر الحياة"!.

ولسنا بصدد التفتيش عن النوايا أو إلصاق الاتهامات لأي أحد يرغب في مساعدة المحتاجين وإنقاذ المرضى أو وضعهم علي طريق الشفاء.. فالمسألة تتعلق أولا وأخيرا بالضمير وصدق المقصد ومنطق كل فرد الأخلاقى والإنسانى، ولكن طوفان الإعلانات قد يُفجر فكرة تخدم المراد.. أو يُولد اقتراحا يمهد بشكل أو بآخر لمشروع جديد يفيد الجميع - حكومة وشعبا - وهذا ما خطر بذهن العبد لله من اللفتة الإنسانية الرائعة لإحياء ذكرى عبقرى فن التشخيص أحمد زكى وتخصيص جناح خاص به بمساهمات أولية من زملائه وتلاميذه لأحد مشروعات العلاج الكبرى، علي أن يكون الجناح "صدقة جارية" علي روحه تخليدا لتاريخه وفنه وإبداعه.

هكذا يكون التفكير لتتجه إرادة الفعل نحو الطريق الصواب في تخفيف الآلام والمعاناة، غير أن الوجه الآخر من العملة يكمن فيما طرحته هذه اللحظة المؤثرة من استعراض "متحف صغير فريد" لملابس وصور الشخصيات العظيمة التى جسدها النجم الراحل علي مدار مشواره الثرى بالأعمال السينمائية، وما يمكن أن يمثله هذا المتحف من رافد سياحى مهم ومربح لخزينة الدولة عندما تُفتح أبوابه يوميا لزيارات المصريين والأجانب وطلبة المدارس والجامعات والمعاهد الفنية المتخصصة للتعرف علي تاريخ ودور صاحب المتحف الصغير في الحركة الفنية والثقافية وصناعة الأجيال .. وماذا نتوقع إذا ما تم تعميم التجربة علي "أهل الفن الجميل" لنجد جناحا لكل فنان أضاف وعلّم وترك بصمة في مكانه .. وكل لاعب أو رياضى أحرز إنجازا وقدم لوطنه دروعا وبطولات. 

وكل مبدع حفر رسالة وأثرا في العقول والوجدان؟! .. وبعد ذلك نتخيل الحال إذا ما تحول جزء من دخل هذا "المتحف المصغر" إلي صدقة جارية لصالح مستحقيها، والجزء الباقي يذهب إلى البلد الذي يحتاج أيضا إلي موارد إضافية لتنمية اقتصاده وضخ الدماء في شرايين نشاطه السياحي التي تصلبت وأصابها العطب لاعتبارات سياسية وأمنية!.

- للأمانة .. توهج المشروع في رأسى بعد نقاش هادئ مع شريكة حياتى التى بادرت هى بالفكرة لحرصها على رؤية مصر الجديدة التى نحلم بها جميعا وتتعالي الأصوات والشعارات حول هذا المانشيت .. والآن الفكرة انتقلت من الرأس إلي الورق وتنتظر المخلصين .. من أصحاب القرار أو القدرة علي التنفيذ .. الواعين بضرورة استثمار عظمة الراحلين لخدمة الكادحين، وبأسلوب يحفظ للراحل تاريخه وللمحتاج كرامته، ولتسير الصدقة الجارية في مجراها الطبيعي دون أن تلوثها مظاهر التسول وثقافة "حلب الجيوب" .. أما زوجتي العزيزة فلها أقول :"خلف كل فكرة عظيمة .. امرأة وإنسانة أعظم"!.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط