الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

السيسي وتقبل الآخر والسلام المجتمعي


شهدت مصر بالأمس القريب مراسم أداء الرئيس السيسي اليمين الدستورية في البرلمان، كانت المراسم مهيبة تعكس مكانة مصر التي استردتها في عهد الرئيس السيسي بعد سنوات من التخبط، في رسالة إلى العالم أن مصر استعادت عافيتها وأضحت عازمة على المضي قدمًا بخطوات ثابتة.

خطاب الرئيس السيسي جاء واثقًا ومؤكدا لنفس المعنى، موجهًا رسائل عدة للداخل والخارج، ومؤكدًا أن بناء الإنسان المصري سيكون على رأس أولويات الدولة، إيمانًا من فخامته أن الإنسان هو الكنز الحقيقي للشعوب والأمم، وإذا ما تم بناؤه على أساس شامل ومتكامل عقليًا وثقافيًا وبدنيًا سنكون قادرين على إعادة تعريف الهوية المصرية بما يتناسب مع تاريخها العظيم.

ورسم الرئيس في خطابه ملامح سياسات الدولة الجديدة في العديد من الملفات كالتعليم والصحة والثقافة، حيث أكد ان مصر بصدد إطلاق حزمة من المشروعات والبرامج الكبرى الهادفة إلى الارتقاء بالمواطن المصري وتعزيز مشاركته من خلال منظومة علمية لتطوير الصحة والتعليم وغيرها من المؤسسات التي تؤثر بشكل مباشر في تكوين المواطن ومعيشته.

وكالعادة لا يترك الرئيس مناسبة إلا ويتحدث عن المواطنة وتقبل الآخر وما يمثله من أهمية في الاستقرار والتعايش، حيث أكد الرئيس في خطابه على أن مصر وطن عظيم تتسع جنباته للجميع على اختلاف تنوعنا الثقافي المنبثق عن تراثنا الحضاري والتاريخي العظيم، كما أكد أن قبول الآخر وخلق مساحات مشتركة تجمع جموع المصريين أمل يسعى إلى تحقيقه، لما يمثله من أهمية قصوى في تحقيق التوافق والسلام المجتمعي الذي بدوره يؤدي إلى تحقيق التنمية السياسية والاقتصادية.

قد يكون مفهوم تقبل الآخر في مجتمعاتنا الشرقية مفهومًأ جديدًا وغير مألوف وذلك لانطلاقنا من مفهوم هو أن نقبل الآخر كما نريد نحن وليس كما هو عليه، وقد نجعل الآخر عدوا بمجرد أن يختلف معنا بالرأى، أو بمجرد أن تتضارب مصالحنا.

والآخر هو كل من يكون خارج دائرة الـ"أنا" والـ "نحن" وممكن أن يكون الأخ، الأخت، الصديق، الجار ، زميل العمل، الزوجة، شريكي في الوطن أو خارجه، ولكن ما نتجاهله هو أن الاختلاف في الرأي قد يتحول الى خلاف في القلب أيضًا، ويعود السبب الرئيسي الى التمسك ببعض العادات والتقاليد القاتلة لقبول الآخر، ولذا يجب أن يسود الاحترام والفرح وقبول الآخر كما هو وليس كما نحن نريد من غير أي تمييز فكري، ديني، طائفي أو عرقي، كما يجب الاهتمام بسلسلة من الأمور والنقاط التي تساعد في قبول الآخر ومنها تغيير وتعديل مناهج التعليم لزرع ثقافة قبول الآخر، وتوجيه وسائل الإعلام المختلفة كي تؤكد على ثقافة قبول الآخر ونبذها لكل الثقافات التي تشجع على التعصب والتطرف، التركيز على أن يكون الخطاب الديني خطابًا معتدلًا ويدعم ثقافة التسامح وقبول الآخر، خلق مجتمع مدني ديمقراطي اضافة الى تحقيق الاكتفاء الذاتي بالنسبة للحاجات البشرية المعنوية والمادية.
إن ثقافة التصنيف بحسب اللون والجنس واللغة وغيرها من المفاهيم الإقصائية إنما تؤدي إلى مزيد من التفكك المجتمعي والعنف، وزيادة الكراهية والتعصب بين أبناء المجتمع، والحل هو تجاوز هذه لتصنيفات وخلق ثقافة جديدة أكثر توافقًا مع قضايا التعايش والمحبة الوطنية.

لذا فنحن بحاجة الى قبول الآخر وتحويل الآخر الى اللاآخر عبر إيماننا بأن الذي يجمعنا يتجاوز ما هو ظاهري وشكلي. وبالتأكيد أن قبول الآخر سيقودنا الى التغيير، ولا نقصد تغيير الآخر بل تغييرنا نحن كي يمكننا من قبول الآخر، وللوصول الى ثقافة قبول الآخر يجب أن نبدأ بغرس ذلك في الصغار، اذ قد عوّدنا مجتمعنا وطلبتنا على ثقافة التلقين وليس ثقافة الحوار وتعليم الطفل الحفظ وليس التنوع في الإجابات معتمدًا على القدرة على ايجاد الحلول المناسبة.

إن تعددية النظريات والأفكار والآراء، لاتمنعنا من العمل سويا للوصول إلى كل ما يسعد الإنسان في حدود محيطه واتصاله بالعالم الخارجي. والكثير من الأمم والشعوب اكتسبت قوتها من اختلافها وتنوعها وهناك أمثلة كثيرة في العالم من حولنا لدول استطاعت رغم تنوعها الثقافي والعرقي أن تحدث توافقًا وتناغمًا مجتمعيًا ساعدها على تحقيق التقدم، وأعتقد أن الرئيس السيسي يسعى إلى ذلك وفقًا لرؤية واضحة لإحداث هذا التناغم وتحقيق السلام المجتمعي في طريق التقدم والازدهار.

أ.م.د/ راندا رزق
أستاذ مساعد الإعلام التربوي بجامعة القاهرة
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط