الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

كان وإن، إن وكان


إهداء لروح محمد فوزى...
استمعت مؤخرا لأغنية لمطرب وملحن أعتبره وبحق، ويعتبره الكثيرون من المؤرخين الموسيقيين صاحب طفرة جينية فى مجال الموسيقى المصرية(محمد فوزى).

وهى أغنية تسمى (كان وإن) الحقيقة عرفتها عن طريق إحدى الصديقات.

بعد أن استمعت للأغنية تساءلت: لماذا لا تملأ تلك الأغنية مدارس أطفالنا ؟ ولماذا لا تذاع كثيرا علي شاشاتنا؟ وهل تراثنا الموسيقى الحقيقى فى طريقه للإنقراض؟ هل لكون البعض لا يفهم معني أن يكون لديه تاريخ ويراه قديما ويجب إزالته !! أم لإنشغالنا وإنقسامنا حول الثرثرة والمناقشات الصفصطائية التى تم إدخالنا فى دواماتها حتى لا يكون هناك ثوابت نلتف حولها ؟

خاصة أن الأغنيه تصلح لكل وقت ولا يمكن وصفها بالقديمة، أو أنها غير ملائمه لعصرنا.

عندما تستمع للأغنية ستقف من تلقاء نفسك مندهشا من بساطة اللحن والتعبير عن الكلمات بكل سهولة، وستتيقن أننا أجيال تربي وجداننا علي حب وطننا وجيشنا منذ طفولتنا عن طريق القوة الناعمة الواعية الحقيقية، وستشفق علي أبنائك لأنك مضطر أن تضاعف مجهودك الفردى تجاههم ليعرفوا قيمة الوطن فى لحظة لا يهتم فيها الفن بتشكيل وعى جمعى حقيقى لأجيالهم.

تتحدث كلمات الأغنيه عن شخص يحكى للأطفال عن ضابط بالجيش وصديقه وكيفية ثباتهم وإيمانهم بقضية الدفاع عن وطننا و قوميتنا، وعن فلسطين و كيف يعتبرها المصريون قضيتهم.

يقول مطلع الأغنية : " كان وإن إن وكان، ذهب الماضى كأنه ما كان، وجه الحاضر عز مكانه، والمستقبل بقى ويانا، بابا كان له صاحب ضابط جوة الجيش، سهروا ليلة وقالم لأجل الشعب يعيش، واتفقوا واتعاهدم علشانا واتواعدم، والاثنين اتحدم، ثورة شعب وجيش ووراهم جيل كان ليله طويل،كافحوا عشانا إحنا، وإحنا ولاد الجيل" .
ثم ينتقل للحديث عن انتصار الثورة ويكمل الحكاية" تانى يوم جت ماما، قالت افرحوا يا ولاد، الإستعمار بيسافر، واتحدد له ميعاد". 

ثم ينتقل لحدوتة تأميم القناة، وفداء المصريين، ثم المجهودات المصرية لجمع راية العرب، واتحادهم، ثم الوحدة العربية وأهدافها، ثم عدوي الثورات والإستقلال فى بعض الدول الأخري.. إلي آخر الأغنية.

المفاجأة أن تلك الأغنية من كلمات محمد فوزى وليست من ألحانه فقط –ومن بين كل ما بحثت لم أجد أغنية من كلماته سواها- وما أبهرنى وتوقفت عنده كثيرا فى هذا العمل الرائع أن صاحبه كان يعرف تماما ماذا يريد، العمل متكامل للأطفال بشكل احترافى عجيب، فما الدافع أن يهتم فوزى بتلقين وتعليم الأطفال الصغار تلك القيم الوطنية بهذه البساطه ؟ هل يكون هذا هو الفنان المثقف صاحب القضية الذى نبحث عنه ولا نجده كثيرا فى حاضرنا الآن؟
نلقى نظرة علي الأغنية، أولا الكلمات: بصيغة الحكاية (طريقة محببه للأطفال) والكلمات بسيطة و شيقة، وجملها قصيرة ومناسبه جدا للفئه العمرية المستهدفة.

اللحن : هذا الملحن العبقرى الواعى، أنت تستمع لجمل لحنية جميله ولكنها فى بساطة النشيد المدرسى (مذهب 
وكوبليه) بسيط من مقام العجم ( يمكن لأى طفل ترديده) ولكن كيف تطابق مع الكلمات بهذة الصورة المذهلة حتى يمكن للأذن أن تحفظه وتردده بكل بساطه، اعتمد علي الآلات الموسيقية المدرسية التقليدية مثل (الإكسليفون) وهو الآله الأساسية فى اللحن، وأداء الإكسليفون يشعرك بالإيقاع بشكل كبير مما يسهل حفظ اللحن وأدائه و قريب من وجدان الأطفال فى نفس الوقت.

بل وذهب لأبعد من ذلك :فلماذا يغنى اللحن طفل واحد، أو يغنى الكوبليه ويردد المذهب خلفه المجموعة؟ فاختار أن تكون الأغنيه حوار بين المعلم (الأب أو الراوى أو صاحب الحكاية نفسه) وبين المجموعة (الأطفال أو الشعب) لأنها حكاية شعب و جيش، حكاية متبادلة يكملها الطرفين معا !! 

الخلاصة هنا و بعد أن تستمع لأغنية من هذه النوعية تدرك معني القوة الناعمة للمجتمعات التى حولها البعض لأضحوكة، كما تدرك بشكل أكبر قيمة أن يكون هناك فنان تفخر بمصريته وهو محمد فوزى لأن أعماله لا تشبه أحد ولا ترتبط بعصر، حيث يدرك خصائص كل لحن يقدمه، صدق من قال عنه ( إن موهبة فوزى الموسيقية تؤهله لتلحين مقال فى الجريدة).

أصدقائى كل ما عليكم هو كتابة (كان وإن) علي موقع (يوتيوب) والاستمتاع بالأغنية وتوصية كل من تعرفوهم بأن يجعلوا أطفالهم يسمعوها أيضا.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط