الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

علاء عبد الحسيب يكتب: امتحانات الثانوية العامة.. ضحايا مقصرون.. وجاني خلف الستار !

صدى البلد

قبل السؤال عن الجاني في وقائع انتحار طلاب الثانوية العامة التي تطالعنا بها كل يوم وسائل الإعلام، وتضج بها ساحات ومواقع التواصل الاجتماعي، علينا أن نكون متفقين في البداية على انه لا يوجد مبرر واحد يستدعي انتقام طالب من نفسه بهذه الصورة، حتي وإن كان تقصيره أحد هذه المبررات التي أدت إلى عدم حصوله على أعلي الدرجات، أو حتى تسببت في رسوبه بمادة أو أكثر.

ولست مع ممن يبررون صغر سن هؤلاء الطلاب لرفع المسئولية عنهم، باعتبارهم فئة تمر بمرحلة عمرية فارقة لا تقدر أمور الحياة، ولاتزن عواقب القرارات الكارثية التي يقدمون عليها بشكل مفاجئ.. فهم ضحايا مقصرون ولأنه وببساطة جميع أسئلة الامتحانات جاءت من داخل مضمون المنهج الذي درسه الطالب خلال فترة العام الدراسي بالكامل، وبالتالي فإن طريق الانتحار هو ستار لجأ إليه هذا الطالب ليخفي وراءه فشله وتقصيره، وتسرعه في تقدير الأمور.

ولا أبرئ المنظومة الثلاثية سواء الأسرة أو المجتمع أو نظام التعليم التي تحيط بالطالب، من المسئولية عن جريمة انتحار واحده حدثت وكشفت عن النتيجة الكارثية التي يمكن أن يلجأ إليها الطالب الذي تخالف أسئلة الامتحانات توقعاته .. دون أن يعلم أن الدنيا لا تساوي جناح بعوضه، وانه لا يوجد هناك مبررا يستحق هذا التصرف البشع.

وهنا اسأل.. ضحايا الثانوية العامة في رقبة من ؟ .. في رقبة الأسرة التي وضعت نصب أعين ابنها ضغوط الحياة لإجباره علي خيارين لا ثالث لهما، إما طريق كليات القمة وتصدر قوائم الأوائل، وإما أن يضع الطالب رأسه في الوحل.. فكان بديهيا أن يختار طالب الثانوية العامة الطريق الثالث، وهو الانتحار هربا من المواجهة .

اسأل هنا أيضا.. هل في رقبة نظام تعليم فشل في توصيل مضمون المناهج للطلاب بشكل صحيح، يكون هدفه تنوير وتثقيف عقلية الطالب، لا التناحر والتوتر والضغط النفسي لتحقيق المزيد من الدرجات.. ويكون هدفه تقويم ومراقبة المعلمين الذين انشأوا كيانات دراسية موازية تحت مسمي مراكز المراكز الدروس الخصوصية، بحثا عن زياده دخولهم الذي أصبح في الحضيض، أم في رقبة مجتمع أصبح لا يحترم ولا يقدر سوي صاحب الجاه وأصحاب الأماكن المرموقة الذين يخرجون من رحم كليات القمة.. الأمر الذي صور للكثير من طلاب الثانوية العامة أن مسألة الوصول إلي هذه الكليات مصير محتوم للطالب إما ليكون أو لا يكون.

قبل فوات الأوان.. وقبل أن تطالعنا وسائل الإعلام بحالة انتحار جديدة.. انقذوا أبنائكم من هذا المصير المخيف، وعلموهم ثقافة المواجهة، واغرسوا بداخلهم قيم التنوير والتثقيف والرضا بالمكتوب والبحث عن العلم لا الدرجات.. وادعوا معهم أن يرزقنا الله بمسئول قوي يدير ويراقب سير العملية التعليمية في مصر باحتراف، ويحقق قيم العدالة والمساواه وبناء القدرات بين الطلاب.