الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

محمد ناجى زاهى يكتب: حينما يسير القاتل فى جنازة المقتول

صدى البلد

بعيدا عن السياسة وما يأتى من ورائها من هم وغم وأمور أخرى كثيرة لا تملىء القلب إلا شكًا وتعقيدًا وتوبيخا وخمولًا , دعونا نتحدث عن الحب , فحقًا من الحب ما قتل , ومن الحب ما أحيا , وما أكثر قتلى العشق فى بلادنا المملوءة بالعشاق الذين علموا العالم حالات الحب الحقيقية ولغاته ولهجاته , فالحب له حالات وأوضاع وفنون يجهلها الكثيرون , إلا فى مصر , فالجميع يعلم فنون العشق بحذافيرها , برغم القيود التى وضعوها على حالات العشق المملوءة بتغاريد وزقزقات الطيور الشاهدة على كل موقف من مواقف العشق .

لا تتعجب أيها القارىء إذا أعلنت لك أن الوحيد على وجه الأرض , الذى علم الطيور العشق , وعلم الشجر العشق , هو المصرى , بل لا أبالغ إذا أعلنت أن الحجر فى مصر واحد من الذين تعلموا الحب من المصرى نفسه منذ ألاف السنين , فكل معبد وكل مسلة وكل حجر تركه لنا أجدادنا القدماء شاهد أصيل على حالة عشق , سواء فى الزمن القديم أو الزمن الجديد وما أكثر الكتابات المعبرة عن العشق التى تحتفظ بها الحجارة منذ ألاف السنين على أروقة المعابد كمثل التى تحتفظ بها الصدور , بل إن حجارة العصر الحديث شاهدة على حالات العشق بين الشواطىء والوديان والتلال والهضاب .

نحن فى مصر نعشق العشق ونقدس الحياة ونوزع الورود على العالم كله فى كل حرف بين سطور كتبنا وبين أهات أوجاعنا وبين نظراتنا التى لم نجرح بها أحد , فالمصرى حائط صد , ولم يكن يوما معتد نتيجة ما زرعه فى قلبه من تفاصيل كثيرة إيجابية أهمها أنها أراد الحياة , فعشق كل ما فى الحياة وطوع كل شىء لأمره حتى وإن لم يرتضى هذا الشىء , فأحبه كل شىء فى الحياة إلا الذين نزعوا من صدورهم قلوبهم التى صدأت ولم يعد لها أى قيمة فباعوها فى سوق النخاسة وحاولوا إجهاد من حولهم .

إن الحب الذى أتحدث عنه ليس الحب بين الرجل والمرأة فقط , بل هو حب الوطن وما فيه والعمل على الإرتقاء به من أجل رسم البسمه على وجه المستقبل المشرق الملىء بالتحديات الأليمة , ذلك لأننا فى مصر تربينا على القيم والمبادىء التى تؤهلنا للحفاظ على أنفسنا من المخاطر التى يدبرها الكارهون والحاقدون .

الحب معنى أصيل يترعرع بداخلنا ليس من أجل فتاة بضفائر طويلة فقط , ولكن صورة الحب الأكبر بالأرض التى يقف نخلها شامخ فى عنان السماء لا يهتز إلا لله عز وجل , برغم محاولات من هم كالعدم الذى يريد إقتلاع جذور النخل القوية المتينة حتى يكف عن إنتاج ثمره المستمر.

فلم يستطع أحد أن يغتاله , وإذا سقطت نخلة فستبقى ألف نخلة شاهدة على ضعف من أغتالها ثم سار فى جنازتها ... هذه اليد الغادرة قاتلة مشت فى جنازة المقتول ولكن تتميز دون غيرها برائحتها النتنة التى تزكم الأنوف فسرعان ما تداس تحت النعال وتطرد بعيدا .

يا سادة ... أعتذر لأن الإسقاط كان سياسيا أكثر من كونه إجتماعيا , ذلك برغم وعدى لكم فى بداية المقال أننى سأبتعد عن الحديث فى السياسة .