الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

أحمد اليمنى يكتب: معرفة فلسفة الوجود للقضاء على الحزن

صدى البلد

إذا تمعن الإنسان فى الكون وفى نفسه، وإذا استبصر ببصيرته ماهيته وماهية الكون من حوله، وإذا استخدم عقله للنظر فى حكمة خلقه بنظرة تغلفها الحكمة، لوجد أن الخلق ينقسم إلى قسمين: قسم الماديات وهو كل شئ ملموس ومحسوس، ويُستدل عليه بالحواس الخمس، وتقع مفرداته فى عالم الشهادة، والقسم الآخر هو قسم ما وراء الماديات ، ويطلق عليه أيضا ما وراء الطبيعة وتقع مفرداته فى عالم الغيب، وهو ما يخص النفس والروح وما إلى ذلك.

وعالم الماديات كتب الله تعالى عليه الفناء، والجسد الذى تسكن فيه أنفسنا من عالم الماديات، وكذا المسكن والملبس والمال، وعالم ما وراء الطبيعة لا يفنى ويبقى بإرادة الله عز وجل، والذى أتت منه نفوسنا وسوف ترتحل إليه لتكمل حياتها الحقيقية، هذه هى فلسفة الوجود فى سطور..

ومن ثَمَّ وبعد هذا التقسيم يمكن تقسيم الحزن إلى نوعين: حزن مذموم، وحزن محمود ، أما المذموم فهو الحزن على أى مفردة من عالم الماديات لانها ليست ملكك حتى لو كانت فى حيازتك، كما أنها ليست باقية وإلا لما أتت إليك، وما نحن إلا يد تُسلم يد، وقانون الماديات "أن الفانى لا يعود"، فهو لا يستحق الحزن عليه، وإذا ما حزن المرء عليه فإن حزنه قد يدوم ويتكرر ويتطور.

أما النوع الآخر من الحزن وهو الحزن المحمود وهو الحزن على أى مفردة من مفردات عالم ما وراء الماديات، فكل ما فيه باق، وما وضعنا الله تعالى فى تلك الأوعية البشرية – الاجسام - إلا لنجهز لحياتنا الحقيقية فى ذلك العالم الغيبى، فكل تقصير فى سلوك مع الله تعالى يستحق الحزن، وكل عمل يخالف المنهج يستحق الحزن، ولأن أى سلوك يخص عالم ما وراء الماديات يمكن استرجاعه –على عكس عالم المادة- فإن أى تقصير أو مخالفة يمكن تداركها والعودة إلى الطريق، والذى يترتب عليه زوال الحزن وتحوله إلى السكينة.

ورحم الله تعالى عالمنا العربى "الكندى" عندما قال: "الحياة في الدنيا أشبه برحلة داخل سفينة يقودها ربان ماهر الى بر الأمان يشعر بالحزن فيها الناس الذين كرسوا وقتهم لقضاء الحاجات وينجو فيها من زهد عن الملذات وانشغل ببلوغ العالم المعقول.