الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

رحلتى فى بلاط صاحبة الجلالة "9-10"


أستكمل معكم الحلقة قبل الأخيرة من سلسلة مقالات " رحلتى فى بلاط صاحبة الجلالة " بعقلانية وتسامح ووضع أصول راسخة وعميقة الجذور فى تكوين الثقافة المصرية وإعتبار أن هذه السلسلة التى بدأت فى كتابتها وأوشكت على الإنتهاء من حلقاتها , ما هى إلا تصوير للواقع الذى تعيشه الصحافة المصرية بشكل خاص والإعلام العربى بشكل عام بعيدا عن الشطح الفانتازى واللا واقعى.

فما يكتبه الصحفى نتاج ثقافة ترسبت وعاشت فترات طويلة فى قلب من يعيشوا حوله , ولم يكن لها أن تخرج هذه الثقافة إلا بيد وعقل مبدع قادر على التعبير وتوصيل رسالة المجتمعات , لدرجة أن الصحفى يشعر ويتيقن أن ما يكتبه هو الأصل الذى سيعيش فى وجدان الناس حتى بعد وفاته , بمعنى : أن الصحفى هو الذى يخوض حروبا ثقافية وإبداعية ويتمسك بقيم العقلانية والتسامح وفهم الآخر وإحترام الروح والجسد بعيدا عن الإبتذال والتضليل والتكرار كل ذلك لإعلاء الحرية والكرامة الإنسانية , وبالتالى فإن كل هذه القيم الإيجابية ستعييش وتجعل صاحبها حيا وإن كان جسده تحت التراب .

فدور الصحفى سيبقى الأهم فى تاريخ الأمم وحضاراتها المتعددة لأن الكاتب الذى يحمل رسالة نورانية ستضىء العالم من حوله ومن يحمل رسالة الظلام سيكون لها الأثر السلبى على نفسه والمجتمع كله , فالصحفى والكاتب له أدوار متعددة وليس دور واحد كما كنت أظن أنا , فمن ضمن الرسائل التى يجب أن يحملها الصحفى هى القبول والتصالح والتعايش مع الآحرين دون صراعات ودون إستعلاء عنصرى , ولا أنكر أن رحلتى فى بلاط صاحبة الجلالة جعلتنى أقابل بل أتعامل مع من هم يتسمون بالعنصرية الإنسانية والذين يحملون فى قلوبهم إستعلاء على الأخرين دون سبب واضح بل دون مقومات تذكر داخلهم , إلا أن فى قلوبهم مرض .

والصراعات الجوهرية داخل بلاط صاحبة الجلالة للأسف لا تجد أحيانا لها سبب إلا النجاح ـ وإن كان نجاح مزيف ـ فكثير من الذين يحملون القيم الجمالية ويتغنون بالقيم الأخلاقية , إذا إقتربت منهم لا تجدهم كما يصدرون أنفسهم للعامة بنقائهم وأرواحهم الطيبة , بل ستجد الشر والغل ةالحقد والكراهية , ومع هذا لا أنفى أن هناك أنقياء عايشتهم برغم ظروفهم الصعبة والتى لم تزحزحهم عن مسارهم الطبيعى الأخلاقى وهم قلة فى عالم الكثر , لأنهم أرادوا إرساء قواعد المهنة حتى ولو عن دون قصد فإقتربوا من التوازن والتناغم والإستغناء عن الفائض والإقتصار على الجوهرى والتضحية من أجل الجميع , للإنتصار لتجربتهم وأخلاقهم ولإرساء قواعد أن الطالح لا يستمر ولن يعيش بمفرده بل لن يعيش أبدا برغم تواجده , فإن مرت الأيام وعكر الشر صفوها , فالنهاية الحتمية التى ستغلق الستارة بعدها أن الخير هو الذى سينتصر وهو الذى سيستمر والنبتة الصالحة هى التى ستكبر وتتفرع أزرعها فى كل إتجاه.
ومن هذ المنطلق يجب إيضاح أن الصحفى الذى يركز على الإثارة والتسلية والمفاجأة سينزلق حتما من الإيضاح الى التشويه وسيؤدى الى ضياع الفكرة الأصلية بل سيؤدى الى ضياع الموضوع الأصلى بحجة أن الكاتب يريد أن يقدم فكرة أحدث لتتحول هذه الممارسات الى ممارسات سلبية على الجمهور والمجتمع كله .
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط