الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الكتاب.. مادة إجبارية!


يعلم الله أننى من أشد المتحمسين لمبادرة الدكتور طارق شوقى، وزير التربية والتعليم، لإصلاح المنظومة الفاشلة والقضاء على فيروسات "عقم" المناهج، وأسلوب التلقين والحفظ دون فهم أو وعى.

وما يطرحه الوزير مؤخرا من طرق ووسائل مبتكرة للتطوير وبناء شخصية الطالب والمدرس معا دفعنى لأكون من أوائل الركاب في سفينته والتجديف معه فى اتجاه الإصلاح والتغيير الشامل فى مواجهة أنواء التخلف وتراجع قيمة العلم والأخلاق والإبداع داخل فصولنا وخلف جدران مدارسنا الحكومية والخاصة على حد سواء.

وفى مناسبة أخرى، وضعت أمام معالى الوزير ورجاله من أسرة التربية والتعليم "المخلصين فقط" جوهر خطة التطوير بالنظر إلي المدرس واحتياجاته ومتطلبات البيئة الملائمة لممارسة مهنته المقدسة بقوة ونجاح وتأثير حقيقى فى تنمية النشء وتأهيلهم للمستقبل، وكلى أمل أن تصغى الآذان لصوت يعشق تراب هذه الأرض ويؤمن بعظمة أبنائها المُعلِّمين وقدرتهم على العطاء وتكوين مجتمع إنسانى وتحضر شريطة أن نأخذ بالأسباب التى أوردناها بأمانة وشفافية.

واليوم نجتهد أمام المسئولين عن قضية التعليم ونشيد بفكرة "التابلت" ليصير فى متناول يد الجميع، فيتيسر الحصول على المعلومة، وتتوقف نغمة "حشو" العقول بالتفاصيل على حساب فهم واستيعاب المعلومة ذاتها، فضلا عن تسهيل مهمة تقييم الطالب وتحديد مستوى تحصيله الدراسى من خلال اختبارات مختلفة ومقاييس علمية أكثر مرونة ومواكبة للعصر، كل هذا جميل ومبشر ويفتح باب الأمل والفرج، بعد أن يتوفر التدريب اللازم لاستخدام التابلت والتنسيق الكامل والدقيق مع وزارة الاتصالات لتحظي شبكات الإنترنت و"الواى فاى" بالقوة الكافية لتشغيل المشروع وعدم تعطيله!

والآن، لن نناقش مسألة نجاح "التابلت" من إخفاقها إلا بعد التطبيق والتجربة العملية، وقلوبنا كلها مفتوحة ورحبة لعلاج أى قصور أو عقبات انطلاقا من أهمية وضرورة "التابلت" كأداة بناء وارتقاء، ولكننا ما زلنا نفتقد الكتاب فى قاموسنا التعليمى، ولا أعلم إلى متى نتجاهل الاعتماد عليه والرهان على سحره فى التثقيف والتنوير لتفوز عقول التلاميذ بالنضج المبكر والحصانة الكاملة ضد الجهل والسطحية وفقر النفس؟! لك أن تتخيل معى حجم الفائدة عندما يتم تكليف الطالب بقراءة كتاب واحد فقط أسبوعيا فى أى مجال من المجالات، وإلزامه بإعداد ملخص عما جاء بالكتاب وفقا لفهمه الخاص، ثم إرفاق هذا الملخص كـ "واجب منزلى" بالكتاب الأصلى مكتوبا عليه اسم الطالب ويتم الاحتفاظ بهما فى مكتبة المدرسة كنوع من التشجيع والتحفيز على القراءة والاطلاع من ناحية، وغرس قيمة "الكتاب" فى بنية الطالب النفسية والتعليمية منذ نعومة أظافره من ناحية أخرى، فنتوقع جيلا من عشاق القراءة والثقافة والمعرفة المتنوعة يفوق مدمنى التكنولوجيا وعبدة شياطين اللهو والغياب على الفضاء الإلكترونى!

ولا أتردد أبدا فى مناشدة الوزارة تخصيص ندوات أسبوعية ومسابقات دورية بين الطلبة لمناقشة ما قرأوه من كتب ومصادر، بل واستحداث مقرر جديد عنوانه "ملخص كتاب" مصنوعا من ذهن وتفكير واجتهاد الطالب نفسه، ويتقرر إدراجه ضمن المواد الإجبارية وبدرجات تضاف إلى المجموع العام عبر اختبارات تخاطب مهارة الطالب فى تحليل ونقد وتفنيد ما وقع بين يديه من كنوز معرفية، ومن ثم نخرج من الفكرة فى نهاية الترم بشباب مُسلَحين بذخيرة حية وفولاذية من المعلومات العامة والثقافة الغزيرة، وأرى أن هذه هى أفضل أرباح للسنة الدراسية، وتنتصر بالضربة القاضية على ظاهرة الدرجات النهائية ونسب النجاح القياسية التى أفسدت التعليم لعقود طويلة بفلسفة "الحفظ والتلقين"!

- الكتاب يا سادة.. به نبدأ.. ونصنع.. ونصل بقاربه إلى شاطئ النجاة!
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط