منذ 10 سنوات شاهدت مع فرقة "فكرة" المسرحية التابعة لنقابة الصحفيين تحت إدارة العبد لله عرض "قهوة سادة" للدفعة الثانية فى مركز الإبداع الفنى فى أول ظهور لكتيبة كشّاف النجوم وصانعهم الأول خالد جلال، وأثناء المشاهدة، ومع تدفق التصفيق وتصاعد آهات الضحك والبهجة، نظر إليّ أحد شباب الفرقة وقال لى: "أنا خايف" .. فجاء الرد صريحا ولحظيا: "ما تمثلش"!!.. هكذا ببساطة.
فالإبداع والبحث عن الاختلاف والتفوق والوصول إلى المجد والأضواء، كلها أمور لا تعرف الخوف ولا تؤمن بضعف الثقة بالنفس أو الإحساس بالضآلة.. ودارت الأيام وتراكمت تجارب مركز الإشعاع الثقافى تحت قيادة خالد جلال الواعية والدؤوبة على النجاح وحمايته طوال الوقت ضد أي ظرف أو ضغوط.. وشق لاعبو "قهوة سادة" طريقهم كالصواريخ نحو النجومية والانتشار فى سوق الدراما وعلى شاشات السينما ليسجلوا تاريخا آخر لهذا المعمل القادر على استيعاب أي موهبة أو طاقة فنية وإعادة تشكيلها وصهرها لتفرز نموذج الفنان الشامل.. والمحترم!.
وفجأة نحتفل باليوبيل الفضى لمهرجان المسرح التجريبى بالقاهرة، وتكريما للعروض الحائزة على جوائز المهرجان يحالفنا الحظ لمشاهدة تجربة "قهوة سادة" بنفس فريق العمل تقريبا بعد أن ارتدوا نفس ثياب العرض ولكنها مرصعة بـ"وسام" النجومية و"تاج" الخبرة والاحتراف.. ونكتشف فى هذه الليلة جيلا يحافظ على توهجه الفنى رغم مرور السنين، فنستمتع بكوكبة من الطاقات الكوميدية والتعبيرية إنسانيا تتألق فى بانوراما من المشاهد التى نسجوها بارتجالاتهم وأفكارهم الطازجة على إيقاع وإرشادات المايسترو خالد جلال، ونلاحظ العضو القديم يتفاعل مع الجديد في انسيابية وهارمونية، والكل يتناغم فى أدائه - تمثيلا وغناء وتنفيذا - مع موجة العرض، لتظهر التجربة المسرحية لامعة كـ"نَصل" السكين، كما لو أنها فى بداية انطلاقها ولم يصيبها غبار الزمن و"تلوث" الوسط الفنى المعروف بأي عطب أو تشوه!.