الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

نقطة ومن أول السطر


أحيانًا تدور بك دوائر الحياة مسرعة، وتقدم علي فعل أحد الأمور الحياتية، وإذا بك تفاجأ، أن الحياة لا تستقيم، وأنك كنت لمرحلة ما تدور في دوائر مغلقة ، كما يفعل الثور وهو يدور حول الساقية، ولكنه ولحقيقة الأمر يكون مغمض العينين حتي لا يري واقعه الأليم، وأنه يمضي في طريق لن يصل فيه للنهاية، إنما هو يصل دائمًا إلي نقطة البداية، والتي لا يكون بعدها طريق، لتظل الحياة علي نمط واحد تصحبه المعاناة والخسارة.

في هذه المرحلة الدائرية، يقف المرء متحيرًا، هل يمضي قُدمًا ويُكْمِل في نفس الدائرة حتي يأتي فرج المولي عز وجل ليدخله إلي دائرة أخري مختلفة أو إلي طريق مستقيم معلوم البداية وغير معلوم النهاية، أم عليه الإنسحاب ووضع لهذه الدائرة حد، فتكون نقطة النهاية ليبدأ من جديد؟ لابد في النهاية مهما تحير من أمره ، أن يتخذ القرار.

والقرار في مراحل حياتنا المختلفة وخصوصًا الحياة الدائرية يترتب علي عديد من العوامل، قد تبدأ في مشروع مثلًا مع أحد الشركاء، وتظن أنه سوف يأتي بالخير عليك، وإذا بك تكتشف مع الوقت أن المقومات كانت غير حقيقية، وأنك قد تم إستغيابك لمصلحة الآخرين، قد تبذل جهد ووقت ومال علي أمل الوصول للنجاح، ويتعامل معك البعض بالحيلة والمكر، فتنتبه في النهاية أنك لن تصل لأي شئ ، سوي الخسارة المستقبلية.


كلما كانت الأمور واضحة أمامك كلما استطعت اتخاذ القرار، قد تقبل أوضاع غير عادلة في سبيل الوصول إلي هدف آخر ، أو تحقيق نجاح كنت ترجوه، ولكن مع الوقت تكتشف أنك مجرد سلعة في يد الآخرين، إذا اعترضت علي وضع غير عادل، فلتذهب بكل بساطة، وليأتي غيرك، وكأنك كنت يومًا ما سراب، لا وجود لك، وقد تكون أنت مؤسس النجاح للعمل أو أحد مقومات نجاحه الأساسية، ويُنسَب وبكل بساطة إلي غيرك في النهاية.

البعض يتصيد الفرص، ويحب أن يصعد علي أنقاض الغير، ويَنسِب كل ما هو تم بشقائك وتعبك لنفسه وبمنتهي السهولة، ويتلاعب بالحقيقة، لعله يومًا ما يصبح في المقدمة، ومع الأسف الشديد الجميع يتناسي الخافض الرافع وهو الله عز وجل، ويتناسي أيضا كيف تدور الأيام، وكيف يدير المولي عز وجل الأمور، والمُلك في النهاية لله الواحد القهار، يقول المولي عز وجل(قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاءُ وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَن تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَاءُ ۖ بِيَدِكَ الْخَيْرُ ۖ إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ).

إذا أحسست يومًا ما أنك كافحت للوصول إلي هدف ما، واكتشفت فجأة أنك تدور في الدوائر المغلقة ، وأنك لن تصل إلي شئ، لا تحزن علي إتخاذ القرار بالانسحاب، ولا تهتم بما يفعله الآخرين، لا تنظر خلفك لتشاهد صغائر البشر، وصغائر الأفعال، تعودنا منذ بدء الخليقة علي وجود بعض المتسلقين، الذين ينسون الفضل بين الناس، ويحبون أن يَنسِبوا كل الأفعال لهم، ظنًا منهم أنه نجاح ومهارة، مهما تسلق البعض، وحاول أن يطوي صفحتك، ويلغي ذاكرتك من الوجود، لينسب لنفسه ما لم يفعله من إنجاز ونجاح، فلابد يومًا أن يعوضك المولي عز وجل عن سفاهة الآخرين.

وأخيرًا، من لديه مقومات النجاح والثقة في المولي عز وجل، يستطيع لملمة أشتاته بسرعة، ويستطيع أن يقف من جديد، ويعيد ما فقده مهما كانت الخسارة، اترك خلفك كل مشتاق لشهرة، أو صيت بين الناس في أمر لم يعاني ليظهره للنور ، اتركه يلهو ويفرح، ويصدق نفسه، فالمولي عز وجل مطلع علي خبايا النفوس، ولديه كل القدرة لرد الحق لأصحابه، مهما مر الوقت، ومهما ظن الآخرون أنهم قد نالوا مبتغاهم، الثقة في المولي تصنع المستحيل.

لكل منا بصمته التي قد تظهر بوضوح في أفعاله، وتترك أثرًا في النفوس، حينما تكون نتاج ثقة في المولي عز وجل وعشمًا في كرمه وتوفيقه، فلا تهتم بمحاولات الغير للتقليد، فالبصمة تأتي ببركة المولي وستره والرغبة الحقيقية في إنتاج عمل ناجح، قد يفيد المجتمع، وقد يؤثر في الآخرين، أما محاولات التقليد، ثم الصعود علي أنقاض البعض، لن تترك سوا سراب ،، قد تظنه نجاحًا، وعندما تمضي قُدمًا تكتشف الحقيقة،، ولعل الدوائر تدور عليك، فتضطر للانسحاب من الدائرة ليأتي غيرك، ليردم عليك ويعيد نفس الكرة،، ويفعل معك ما قد فعلته بغيرك، فالديان لا يموت، وعلي البادي تدور الدوائر.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط