الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الخطاب السياسي ما بين الصواب والخطأ


اتهمت بعد نشر المقال السابق والذى كان تحت عنوان "لماذا تشغل بالك بالسياسة؟!!" , بالحُلم والخيال وأننى أعيش بعيدا عن الواقعية فى عالم افتراضى تغلفه الرومانسية والنبل وإطلاق العنان للخيال أكثر من اللازم, واتهمنى فريق آخر بالديكتاتورية فى الرأى والتعبير , وكلا الطرفين أقبل التهم منهما ولا أدافع عن نفسى بقدر ما أدافع عن الفكرة المرتبطة بالتعبير عن الرأى فى عالم السياسة , والافتراض الواقع من الخطاب السياسى الحقيقى الذى يؤتى ثماره الطبيعية غير المهجنة بهجين السموم .

فالخطاب السياسى فى مصر وخاصة بالتحديد من القوى السياسية التى تضع نفسها فى "كفة" المعارضة , ما هو إلا سٌم تضعه هذه القوى من أجل إيقاف مسيرة التنمية والبناء , ومن أجل إيقاف عجلة الزمن التى تسير بسرعة غير معقولة وغير متوقعة الى الأمام , وكأن هؤلاء البشر يصعب عليهم أن يروا مصر فى أحسن حال , ليقوموا بدور المأجورين مع أنهم لم يتقاضوا عن آرائهم مليما , ولكنهم أصحاب أفكار شيطانية ليس لها علاقة من قريب أو بعيد بالسياسة سوى أنها تضع أصحابها على الخريطة دون أن يقدموا أو يتقدموا , فلن يتقدم هؤلاء لأنهم مكشوفون للعالم كله , بكشف درايتهم الحقيقية بعالم السياسة , فلن يقدموا شيئا لأنهم فى الأساس لا يملكون فى جعبتهم ما يقدمونه سوى سم يدسونه مرة فى العسل ومرة فى الهواء .

وللتأكيد على كلامى السابق , أنا لا أخون هؤلاء بقدر ما أتهمهم بالغباء , لأنهم لو امتلكوا زمام الأمور جيدا لأوضحوا حجم التقدم الذى لا يريدون إظهاره للعامة , ولا يريدون أن يعترفوا به من باب رد الجميل أو التكاتف لاستكمال البناء الذى تسير نحوه هذه الدولة الأبية , التى عانت على مدار العصور , وكأنهم تعودوا على وضع اقتصادى أو سياسى أو اجتماعى معين لا يريدون أن تتزحزح عنه مصر , كما لا يريدون لأنفسهم أن يتزحزحوا عن أفكارهم القديمة البالية والتى عف عليها الزمن وأصبحت لا قيمة لها فى عالم السياسة , ثم ما يلبثون قليلا ليعلنوا أن التقدم الذى تسير نحوه مصر لم يكن بحجم المتوقع , مع أنهم لم يشاركوا فى خطوة واحدة نحو البناء وكأنهم يسعون للكلام المزخرف دون فعل حقيقى يؤيد منطقهم على أرض الواقع , وبالتالى فالغباء السياسى حينما يصر عليه صاحبه يصبح أشد من الخيانة , مع أنى لا أقصد التخوين ولكن أقصد أن العقوبة يجب أن تصل الى حجم أفعالهم الشيطانية , وإلا فليصمتوا لأنهم لا يعلمون ولا يمتلكون المقومات الحقيقية للكلام الذى يحافظ على دولة بحجم وعراقة مصر, فى الداخل والخارج , فيجعل منطقه الخطأ مدخلا للطامعين وأصحاب النفوس المريضة التى تريد لمصر الخراب والدمار , لذلك أظن أن هؤلاء أشد خطرا وفتكا من الذين يحاربون بوضوح معلن , لأن العدو المعلن خير من العدو الخفى أو العدو المتخفى وراء ستار الشرف والكرامة والعناوين الكبيرة للمصطلحات الضخمة.

ولهذا أدعو الجميع بالابتعاد فى السياسة عن النظرية الميكافلية , ونظرية السوفسطائيين , والابتعاد عن الجهل بالعلم , ومساعدة القائمين على البناء فى استكمال المسيرة , وعدم ركوب الموجة التى يركبها البعض بجهل تجعله يغرق قبل منتصف الطريق , وأكرر دعوتى للذين لا يريدون من عالم السياسة شيئا سوى العمل المستمر والبناء الحقيقى , والاقتراب من الحياة الشخصية لأنفسهم لبناء مجتمعاتهم الصغيرة فينجو المجتمع الكبير , كما أدعو لعدم الدخول فى تفاصيل يجهلها البعض ويكررها آخرون دون وعى , فالوعى يبدأ من الدراسة والعلم لا الجهل , والعمل لا التكاسل , والبناء لا الهدم , والدعم لا الإحباط , والابتكار لا التقليد , فالتقليد عن جهل فى عالم السياسة يستوجب المحاسبة , ولهذا أكرر دعوتى بأن يقف كل فى مكانه وموقعه حسب أدائه ولا يتدخل فى عالم بين صوابه وخطأه شعرة .

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط