الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

ميسرة السيد تكتب : الإرهاب السيبراني للهوية

صدى البلد

الهوية المصرية هي هوية تهدف إلى توحيد جميع الأفكار، والآراء؛ لتحديد مستقبل قادر على دحر التحديات المتواجدة في مصر الآن، فهي هوية عربية بمواصفات مصرية سواء كانت فرعونية، قبطية، أو إسلامية، ونطلق عليها مجرد أفكار موحدة لتحقيق مصير أفضل قادم، حيث تشهد مصر أزمة هوية، ولابد أن نرتقي من خلال الوعي الكامل، ومعرفة التحديات الداخلية، والمعوقات الخارجية،مثل: الشائعات التي تؤدي إلى عدم تجانس المجتمع الذي يتسع لـ 100 مليون رأي. إن الانتماء للدين أو اللغة ليست مواصفات للهوية فحسب، بل يجب إيجاد فكر لدحض ما يريد دحض هويتنا، ولابد من توعية المجتمع بما يحاك له، العمل على توحيد أفكاره، وتحديد رؤياه.

أحد أهم المخاطر التي تهدد الهوية هو ما يعرف بـ" النظام السيبراني"، ويعني اتجاه الدول العالمية للسيطرة على دول العالم الثالث من خلال إحداث تغييرات،نهب الثروات، وخلق هوية جديدة لهم بخاصة بعد التقدم العربي الإسلامي، وفتحه للأندلس ثم اندثاره، وظهر بعده علم الاستشراق عقب الحرب العالمية الأولى، ثم علم الأنثربولوجيا، فعلم التطور الاجتماعي، وتلك علوم بعثت بغرض السيطرة على هوية المجتمعات، أما الآن، فأصبحت السيطرة على العقول، بكلمة" سيبر" وهي بالأصل كلمة يونانية، وتعني السيطرة عن بعد من خلال الفضاء الإلكتروني، فإذا كان غرض العولمة هو السيطرة الاجتماعية، فإن غرض الإنترنت هو السيطرة الكاملة على المجتمعات.

يتكون النظام السيبراني من: أداة اتصال فائقة السرعة(الإنترنت)، الحاسب الآلى( أدى ذلك إلى مايعرف بـ"الفضاء الإلكتروني"، وسرعة تواصل ثم إصدار التعليمات من جهة لأخرى ( الاعتماد على نظام المعلومة).

يستخدم النظام السيبراني في: الأداة العسكرية، الأداة الاقتصادية، والأداة الاجتماعية، فعن الأداة العسكرية يكمن الحديث في ذكر: الطائرة بدون طيار، الدفاع الجوي، والطرق الملاحية، و بدا الإرهاب السيبراني واضحاً عام 2007 عندما سيطرت روسيا على الدفاع الجوي الاستواني لمدة ثلاثة أسابيع حيث تعد تلك الواقعة أكبر سيطرة سيبرانية في التاريخ حتى الآن، كذلك سيطرت روسيا على المجال الجوي عام 2008 إبان مشكلة شبه جزيرة القرم مع جورجيا، ولا يغفل التعاون الأمريكي مع إسرائيل لإيجاد "فيروس" عام 2006؛ لمخادعة المفاعل الإيراني، واستمر ذلك لمدة 48 ساعة، أما في 2012 فقد سيطرت قوات الدفاع الجوي الإسرائيلي على الدفاع الجوي السوري بحجة وجود مفاعل نووي.

أما عن الأداة الاقتصادية، ففي عام 1982 سيطرت الولايات المتحدة على خط أنابيب غاز الاتحاد السوفيتي- أوروبا،وأدى إلى حريق هائل كلف السوفيت خسائر اقتصادية فادحة، أما في عام 2007 أعلنت بريطانيا وجود هجوم صيني صوب حق اختراع 300 شركة منها: سيمنز، وفي 2017 أطلقت تكهنات أمريكية أن فيروس أصاب شركات روسية، وطلب دفع فدية لفك شفرات هذا الفيروس( مهمته السيطرة على المعلومات داخل أجهزة الشركات)، كما أعلن الكونجرس الأمريكي أن شركة أكومكس تم اختراقها، وسرقة معلومات شخصية لـ143 مليون مواطن أمريكي، و44 مليون مواطن بريطاني. 

في سياق الحديث عن النظام السيبراني يتوجب ذكر بعض المعلومات منها: خصصت الولايات المتحدة في عهد ترامب مبلغا قدره 250 مليار دولار؛ لحماية المعلومات حيث تعتبر أكبر ميزانية لها، كما أن القدرة على معرفة المسؤول عن هذا الإرهاب السيبراني ضئيلة ، فماهي إلا مجرد اتهامات فقط أي أنها ظنون بلا أدلة.

وأخيراَ، الأداة الاجتماعية، ففي عام 2014، تدخلت روسيا في الانتخابات الأمريكية من خلال التلاعب بنتائج الإحصائيات، وتشويه صورة هيلاري كلينتون مما أدى في النهاية إلى فوز ترامب، أما في 2016 استطاعت المخابرات الأمريكية التأثير على البريطانيين للخروج من الاتحاد الأوروبي، واستطاعت السيطرة على 7% من المواطنين، ولا يخفى الدعم الأمريكي المتواصل للحركات الانفصالية في أوروبا، ويتجلى ذلك في استفتاء انفصال إقليم كتالونيا عن أسبانيا حيث استطاعت الحكومة الأسبانية قطع الانترنت لمدة ثلاثة أيام؛ لعدم التأثير على المواطنين في الاستفتاء، وبالفعل كانت النتيجة إيجابية، ولم ينفصل الإقليم عن أسبانيا( إن هدف الولايات المتحدة من دعم الحركات الانفصالية في العالم بأجمعه هو تفتيت الدولة الوطنية، والرجوع لعهود ما قبل معاهدة وستفاليا)، كما تدخلت إسرائيل في استفتاء الأكراد للانفصال عن العراق، وظهر علمها في المظاهرات الكردستانية أي أن قيادة الانفصال تم بناء على تمويل إسرائيلي مما يوضح الأطماع الإسرائيلية في المنطقة العربية.

إذاً.. أين مصر من هذا الإرهاب الذي اخترق أمن دول العالم الكبرى؟ كانت البداية في مصر عام 2009 عندما أنشئ المجلس القومي للأمن السيبراني، لكنه ركز على أداتين: العسكرية، والاقتصادية فقط، أما في دستور 2014، وتحديداً المادة(31) نص على :" الأمن الفضائي المصري يمد صلة قوية بالأمن القومي،والاقتصاد المصري، وعلى الدولة اتخاذ التدابير اللازمة لحماية مصر من هذا الهجوم الفضائي المعلوماتي"، ليس ذلك فحسب، بل في مايو 2018 صدر قانون تجريم الإشاعات؛ لحماية الحرية الشخصية للفرد مع عدم إطلاق شائعات تضر بالأمن القومي، والاقتصاد المصري، لقد تأخر كثيراً هذا القانون لكنه صحوة ، وتطبيق للدستور الجديد،و أصبحت مصر في المركز ال14 في استرجاع الاختراق السيبراني.
 
أمريكا، فرنسا، فنلندا، استونيا، جورجيا هي من أوائل الدول في تجريم الجرائم الالكترونية، ولمكافحة هذا الإرهاب يتوجب الاستناد إلى معلومات صحيحة موثقة من مصادر، تضييق الخناق على الشائعات، وعدم نشرها؛ لأن بناء المجتمع يستلزم وحدته داخلياً، وليس هدمه.