الكلى.. معجزة في سطور

الكلية من الأعضاء القليلة في الجسم التي لو توقفت عن العمل تؤدي إلى الموت، شأنها شأن القلب والمخ، ومن كرم الله أنها مزدوجة، بحيث لو فشلت واحدة تقوم الأخرى بالعمل.. ونظرا لمكانتها وأهميتها الكبيرة في الطب والجراحة، يصعب الحديث عنها في مقال مقتضب كهذا، ومع ذلك سنحاول تركيز أقصى ما يمكن من معلومات عنها قدر الإمكان.

للكلى خمس وظائف رئيسية، لكن قبل التطرق إليها لا بد من التذكير بشكلها ومكانها وأصلها في الجنين.

وزن الكلية الواحدة حوالي 140 جم، حجمها كحجم فأرة الكمبيوتر وشكلها شكل حبة الفاصوليا، والكليتان مثبتتان على جانبي العمود الفقري أسفل الحجاب الحاجز، يدخل في كل كلية شريان ويخرج منها وريد ويصلها بالمثانة حالب.

تنمو الكلية في الجنين بداية الشهر الثاني في منطقة الحوض ثم تصعد تدريجيا لتستقر في مكانها النهائي، لكن أحيانا تفشل في الصعود وتبقى في الحوض ملاصقة للمثانة وتشكل لغزا للطبيب عندما لا يجدها في صور الأشعة!.. ومن غريب الصدف أن الكلية التي تنقل، تزرع في منطقة الحوض أيضا مكان نشأتها الأصلي، حيث ثبت أنه المكان الأنسب للزرع.

يمر في الكليتين كل الدم الموجود في الجسم 300 مرة في اليوم الواحد، وكأنه نهر متدفق، لتقوم بتنقيته وتصفيته من المواد السامة، ولا تسمح بمرور كريات الدم أو بروتيناته إلى البول، ووجود أي منها عند التحليل ينذر بوجود مشكلة قد تكون صغيرة أو كبيرة.

تساهم الكلية في توازن ضغط الدم، فعند ارتفاعه تفرز هرمون البروستاجلاندين الذي يخفض الضغط، وعند انخفاضه تقوم بإنتاج هرمون الرينين، الذي يرفع الضغط عن طريق تضييق الشرايين، كما تقوم بحبس الماء كوسيلة أخرى لرفع الضغط، وهذا التصرف الحكيم يتكرر لو فقد الشخص سوائل كثيرة بالعرق أو العطش، فتوقف إفراز البول حفاظا على سوائل الجسم.

والكلية حساسة أيضا لنقص الأوكسيجين في الدم، فتقوم بتنشيط نخاع العظم ودفعه لإنتاج المزيد من كريات الدم الحمر، وذلك عن طَريق إفرازها لهرمون الإريثروبيوتين المنشط للنخاع.

وللكلية دور مهم في المحافظة على صحة العظم مثلما يفعل الجلد والكبد، وذلك بتنشيط فيتامين "د" الذي يسهل ترسيب الكالسيوم بالعظام.

وتحافظ الكلية على التوازن الكيميائي للدم، والمقصود بذلك نسبة الحموضة أو الرقم الهيدروجيني الذي يجب أن يكون ضمن النسبة الطبيعية (7.35-7.45) وذلك من خلال عمليات معقدة من تبادل الأيونات.

في الظروف الطبيعية لا تصل إشارة إلى المخ بالرغبة في التبول إلا عند امتلاء نصف المثانة فأكثر، أما لو تكرر التبول بكميات صغيرة مصحوبة بحرقة، فهذا دليل التهاب المسالك البولية، كما تكثر مرات التبول طبيعيا في الشتاء، ومرضيا في داء السكري.

تفشل الكلى في داء السكري المتقدم وضغط الدم المزمن، وتليف أنسجتها من تكون حصاوي كثيرة فيها، وعند فشل الكلى تتأثر وظائفها وتختل موازين كثيرة، فقد تقل كمية البول المنصرف وترتفع اليوريا والكرياتينين والبوتاسيوم في الدم، ويفقد البروتين والكالسيوم مع البول، وتتورم الأقدام، وزيادة اليوريا في الدم لها آثر مدمر على المخ، وتشير الإحصاءات إلى أن 10% من سكان الأرض يعانون من مشاكل في الكلى.

من أسباب تكون حصوات الكلى الجفاف وزيادة إفراز الكالسيوم ووجود خلل موضعي في أنسجة الكلى..

بعد سن الأربعين يتراجع عدد كريات الترشيح بمعدل 1% كل سنة، ومع ذلك فإن الكريات لها القدرة على التضخم وتعويض النقص، حتى لو ولد طفل بكلية واحدة فإنها تتضخم تدريجيا لتصل بحجمها إلى الضعف، وهو ما يحدث أيضا للكلية المتبقية عند المتبرع.

ولأن البول مرآة صادقة لصحة الإنسان، نختم ببعض المعلومات المفيدة التي يمكن للقارئ أن يلمسها بنفسه، من لون البول ورائحته وتكراره يمكن معرفة الكثير، لون البول الطبيعي هو الأصفر بدرجاته المختلفة، وكلما خف لونه كلما دل على كثرة السوائل في الجسم، والعكس صحيح، يغمق لونه عند الجفاف وتنبعث منه رائحة الأمونيا أكثر، وقد يكتسب البول ألوان الجزر والبنجر والتوت الأزرق بعد تناولها، ووجود رغوة كثيفة على البول تعني وجود بروتينات فيه، واللون الأحمر يعني وجود دم، ولون الكوكاكولا البني يعني مشكلة في الكبد والمرارة.