الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

بهدلة مُديرى المدارس


فى أحد مدارسنا فى صعيد مصر, اشتكى ولى أمر تلميذ فى الابتدائية أحد زملاء ابنه فى قسم الشرطة متهمًا إياه بإصابة ابنه بجرح بسيط فى داخل فمه أثناء اليوم الدراسى, فى المدرسة قال التلميذ المصاب إنهما كانا يلعبان معًا وان الاصابة حدثت له دون عمد من زميله, وفى محضر الشرطة الذى حرره والده قال والده إن زميله تعمد ذلك, وكعادة أهل الصعيد يسعى أهل الخير للصلح بين الطرفين ما دام الأمر بسيطًا, وحتى فى الأمور الكبرى يتصالح الجميع فى النهاية, فالصعايدة يميلون إلى التصالح وان بدى على بعضهم غير ذلك.

ولذا فإنه فى الواقعة السابقة تصالح أولياء الأمور فيما بينهما بعد توسط أهل الخير بين الطرفين, ولكنهما أتفققا ضمنيًا على بقاء المحضر وعدم التنازل عنه ظنًا منهما أن مدير المدرسة والمدرسين هم من سيتم عقابهم وليس التلميذ المتسبب فى الواقعة سواء كانت عن عمد أو غير عمد , فما دامت البهدلة والمحاضر والقضايا ستكون من نصيب المدير والمدرسين فلا داعى للتنازل عن المحضر والاستمرار فى إجراءات التقاضى.

للأسف هذه ليست قصة فيلم سينمائى من إخراج الراحل يوسف شاهين, أو موقف من مواقف مسرحيات الفنان عادل إمام, ولكنها قصة من القصص فى مدارسنا اليوم, حتى بات العديد من مديرى المدارس والمدرسين ضيوف دائمين على جهات التحقيق الإدارى وغير الإداري , وأصبح التهديد باللجوء إلى الشرطة والنيابة والقضاء أسهل من اللجوء إلى الإدارة التعليمية أو المديرية أو حتى معالى وزير التربية والتعليم نفسه.

وبات فى مدارسنا طلاب مشاغبون لا يجرؤ أحد على الاقتراب منهم تجنبًا للبهدلة فى أقسام الشرطة من أولياء أمورهم , وأصبح المدرس أو مدير المدرسة عرضة للابتزاز من بعض البشر الذين أنعم الله عليهم بالأبناء والبنات, وبدلًا من شكر الله على نعمة الذُرية جعلوا ذُريتهم مطية لإيذاء غيرهم, وصار الحمد والشكر لله يأتى من التلاميذ والمدرسين والمديرين أن مضى اليوم الدراسى دون أذى منهم.

وهو ما يفتح الباب أمام تساؤل هام وحيوى , إلا وهو من يحمى المدرسين والمدرسات والتلاميذ والتلميذات من هؤلاء ؟ وأين وزارة التربية والتعليم من توفير الحماية للتلاميذ وللعاملين بها من مثل هذه التجاوزات التى جعلت العديد من مدارس مصر بدون قيادات نتيجة رفض الأغلبية العظمى من المدرسين فيها تحمل مسئولية الإدارة تفاديًا لمشاكل هؤلاء ؟

فمن المؤسف ألا يكون هناك إجراء رادع من وزارة التربية والتعليم لمواجهة مثل هذه السلوكيات التى تمثل إرهابا وعبئا نفسيا على التلاميذ المسالمين والمدرسين على حد سواء , وبخاصة أن هذه الحالات وإن كانت قليلة ويمكن حصرها على مستوى الجمهورية و أتخاذ أجراء يحمى باقى التلاميذ والعاملين فى المدارس منهم , إلا أنها باتت عائق كبير فى التعامل بين المدرسين والتلاميذ وبين التلاميذ فيما بينهم , وصار الخوف فى بعض المدارس هو سيد الموقف, وتراجع كثيرًا الدور التربوى للمدرسة أمام الخوف من هؤلاء.

ولذا فإن وزارة التربية والتعليم اليوم بحاجة الى التنسيق مع وزارة الداخلية ووزارة العدل فى شأن شروط قبول المحاضر التى يحررها بعض التلاميذ لبعضهم البعض أو للسادة المدرسين دون وجود تحقيق من الإدارة أو المديرية أو الوزارة, وبخاصة أن معظم الوقائع لا تحتاج إلى كل ذلك وبخاصة أنه توجد فى كل مدرسة لائحة جزاءات وانضباط كافية للتعامل مع الغالبية العظمى من هذه الحالات الفردية البسيطة.

أما تجاوز الجميع والذهاب مباشرة للشرطة والقضاء وتحرير محاضر وعمل قضايا فى وقائع فردية بسيطة , ثم وضع شروط للتنازل عنها فهو أمر بحاجة إلى تدخل واضح ورادع من السيد وزير التربية والتعليم الذى يمتلك من الآليات والإمكانيات ما يمكنه من ضمان الطمأنينة والسلام لكل التلاميذ والمدرسين فى مدارس مصر , وهى حالات كما سبق وان ذكرت يمكن حصرها والتعامل معها بحزم , ونسأل الله الخير للجميع.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط