الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الطيور المهاجرة والفرص الضائعة.. يا حكومة


المصريون في الخارج أصبح لهم دور كبير في السنوات الأخيرة في معركة البناء والتنمية التي تشهدها مصر، وتفاعلهم تضاعف مع الوطن الأم ويجب الحفاظ على هذا الدور وتعظيمه والاستفادة منهم والعمل على تقوية الروابط بينهم وبين وطنهم الأم مصر، وهذا هو مطلبهم أيضا سواء من خلال تحويلاتهم أو استثماراتهم.

وأرفق لكم رسالة وردتني عبر البريد الإلكتروني من الخبير الاقتصادي والضريبي المصري المقيم في الولايات المتحدة الأمريكية الدكتور محمد علي، وهو يعرض فيها دراسة لإصلاح منظومة التعامل مع المصريين في الخارج وهذه الرسالة أعرضها كما هي وأتوجه بها إلى رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي والوزيرة النشيطة السفيرة نبيلة مكرم، وزيرة الهجرة والمصريين بالخارج، وهذا هو نص الرسالة: "دائما ما نسمع عن المصري بالخارج والطيور المهاجرة ووزارة الهجرة والعمالة المصرية وكرامة المصري وتحويلات المصرين بالخارج دون أن نعي أو ندرك كيفية ربط هذه المسميات والجمل المطاطة الحائرة ببعضها البعض لتعطينا شكلا ذا ملامح واضحة أو حتى لوحة فنية يمكن إدراك ألوانها وفك رموزها وشفراتها".

وهنا لا أدري كيف يتم وضع الإستراتيجيات التي تخص هذه الفئة والجزء الأصيل من المجتمع المصري أو من هو المسئول لنتحاور معه علي أساس أننا جزء من هذه الفئة هاجرنا من سنون عديدة و مازال قلبنا نابض وعامر بحب الوطن.

إن أهمية المصري بالنسبة للدولة الأم تنبع من شقين أولاهما أنه ابن هذه الأرض الطيبة نشأ وترعر علي حبات ترابها وارتوى من ذرات مياهها وبالتأكيد يراد ضمان ولائه لها لما يكفله له الدستور من حقوق بصفته أحد أبنائها وثانيها أمواله ومدخراته فهو يمثل بند رقم واحد من مدخول الدولة المصرية والتي تقدر بـ٢٦ مليار دولار كتحويلات للمصريين بالخارج علي حساب آخر إحصائيات ١٧-١٨، أي أن تحويلاتهم خمس أضعاف قناة السويس العظيمة وثلاثة أضعاف مدخول السياحة المصرية بكل ما نملك من مقومات دولة سياحية، بمعنى آخر هم أهم ثروة قومية تمتلكها الدولة المصرية بمقاييس الأرقام والحساب.

وبالمقابل، فالأرض المصرية تمثل بالنسبة للمصري المقيم خارج حدودها الدفء والأمان والجذور والطفولة والذكريات الجميلة والحب الأول وكيانه ومشاعره وأحاسيسه فهي بالنسبة له أمه بما تحمل هذه الكلمة من معانٍ وعلى استعداد أن يبذل الغالي والنفيس للحفاظ عليها.

إذن نحن الآن بحاجة ماسة لوضع إستراتيجية وخطة واضحة المعالم للدولة لكيفية تعاملها مع هذه الثروة (أبناؤها بالخارج)، بحيث يتم تعظيم الاستفادة القصوى بين الطرفين؛ طرف أول الدولة المصرية طرف ثانٍ المواطن المصري بالخارج تبدأ بوضع رؤية واضحة لا لبس فيها بأهمية المصري بالخارج ويتبعها تحديد الخطوات الواجب اتباعها للوصول للأهداف المرجوة من هذه العلاقة، ومنها كخطوة أولي- هو تصنيف المهاجر المصري على أساس أماكن تواجده لانعكاس مكان التواجد على احتياجاته ورغباته وتفكيره فمثلا:
مصري الخليج له مشاكله الخاص به من حيث عقود عمله ونظام الكفيل الموجود وتنقلاته وإجازاته وعلاقته بمؤسسته في مصر ومشاكل دراسة أبنائه في دول الخليج والتحاقهم بمدارس وجامعات في مصر بمجرد بلوغهم سن معينة وإجازاته غير المدفوعة وعدم استطاعته أخذ سيارته معه إلى بلده الأم دون جمارك!!

مصري أوروبا أيضا له كثير من التحديات مثال الإقامات وفقد الهوية للأبناء والمواريث ونقل الجثامين، حتى أنه يحلم بمساواة رخصة قيادته بمثيلاتها الإيطالية!!

مصري الأمريكتين وكندا له أهمية قصوى لتواجده قرب مركز صناعة القرارات الهامة التي بها يدار العالم والإستثمار فيه سيكون له آثار إيجابية من نواحٍ عديدة.

!! بمعنى آخر التقسيم يجب أن يتم جغرافيا
ا- مصري منطقة الخليج والشرق الأوسط
ب-مصري منطقة أوروبا
ج- مصري الأمريكتين وأستراليا

يتبعها تقسيم وزارة الهجرة إلى ثلاث وزارات أ&ب& ج بصلاحيات موسعة تتبع مباشرة رئاسة الوزراء.

ثانيا: العمل على بناء قاعدة بيانات للمصريين بالخارج باستخدام كل الوسائل الممكنة للحصول على بيانات صحيحة عن المصريين بالخارج تبدأ بتسجيل بياناتهم لحظة سفرهم وعودتهم أو عن طريق إطلاق برنامج إلكتروني به بعض الحوافز وليس الاكتفاء بالتسجيل في السفارات والقنصليات الذي أثبت فشله.

ثالثا: بناء الثقة المفقودة بين الطرف الثاني والطرف الأول
يجب أن تبذل الدولة قصارى جهدها لإعادة الثقة بينها وبين أبنائها في الخارج فهي بلا شك مفقودة ويجب إدراك أن المزاج العام في الخارج غير راض عن طريقة تعامل الدولة معه وأنه خارج حساباتها وأن ما يطرح في الإعلام منافٍ ومجافٍ للحقيقة وعلى دوائر الحكم أن تبدأ وفورا لتصحيح هذا الوضع غير الآمن من خلال مد يد الدولة مبسوطة لأبنائها ببعض البرامج التحفيزية سواء مادية من خلال بعض التسهيلات والتخفيضات أو عينية في صورة تنمية بشرية من خلال ورش عمل تهدف إلى الارتقاء بهم ويندرج تحت هذا البند حزمة من البرامج وسنعطي بعض الأمثلة وليس الحصر:
١- اعتماد نظام النقاط: على كل أفعال وأعمال المهاجر تجاه الوطن، فكلما زادت زياراته وتحويلاته واستثماراته ودعمه تمنح له نقاط يكون له ولأسرته امتيازات بموجبها مثال ذلك تخفيضات طيران واشتراكات أندية واستخدام لمرافق الدولة بأسعار مخفضة وخلافه في فترات تواجده.
٢-معاشات: بناء منظومة معاشات وتأمينات للمغترب من خلال اشتراكات شهرية يمكن استثمارها في مشاريع جادة مما يعود بالنفع المباشر على الطرفين من توفير لعملة صعبة بالإضافة لربط المغترب بالوطن الأم. 

٣- الاستثمارات: إنشاء شركات مساهمة مصرية للمغتربين في مجال البترول أو الغاز مع التأمين على أسهمهم مما سيعود على الطرفين بمنافع عديدة منها توفير فرص عمل وتوفير نقد أجنبي بالإضافة لضمان هامش ربح للمغترب. 

٤- ورش عمل: العمل على خلق منظومة متكاملة للنهوض بالمغترب من خلال حزمة برامج إرشادية لتعظيم الاستفادة من مهاراته وقدراته والتعريف بحقوقه وواجباته في بلد المهجر، ويتم ذلك عبر وسائل التواصل الحديثة أو في مراكز البعثات الدبلوماسية في الخارج.

٥-تواجد لمسئولي الدولة يجب أن تتم لقاءات دورية بين مسئولي الدولة والمغتربين في الخارج في بلد الإقامة لسماع اقتراحاتهم وشكواهم وهنا لا أخفيك سرا؛ أين مسئولي الدولة هنا من المغترب المصري في شمال أمريكا ؟؟؟؟؟؟

٦-مدارس: هذا البند له أهمية قصوى لحمله عدة أمور هامة منها ربط أبناء المغترب بالوطن، ومحاربة التطرف، ودعاية للسياحة بتخريجك سفراء لك من هذه المدارس، ويتم ذلك ببناء أو تأجير مدارس في أماكن تمركز المصريين والعرب بالخارج تكون بنكهة مصرية يدرس فيها مناهج بلد الإقامة، بالإضافة إلى صحيح الدين والتاريخ الأثري لمصر، ولن تتكبد الدولة أي أعباء مادية غير الإشراف فقط لكونها مدارس خاصة برسوم تكفي لسد الاحتياجات المادية.

٧- استحداث أنوطة ونياشين لها امتيازات لأصحاب التمثيل المشرف في الخارج، مما سيرسل رسائل إيجابية أن الدولة حريصة كل الحرص على أبنائها بالخارج، وبالتالي سيعزز بناء الثقة من جديد بين الطرفين.

٨-مكتبات للثقافة عناوين وأحدهم هو تواجدك بشكل مهم في كثير من عواصم العالم من خلال بعض المكتبات الشيك تكون على الطراز الفرعوني وبها كوفي شوب صغير وكثير من الكتب المصرية المترجمة، يا سادة نحن لا نخترع العجلة، على بعد أمتار من مكتبي في ولاية نيوجيرسي نموذج لهذه المكتبات لإحدى الدول يدعو إلى الفخر، أين نحن ؟؟

٩- كتيبات إرشادية يجب على الدولة أن تبدأ وبصدق إشعار المواطن أنه مهم بالنسبة لها من خلال كتيبات تثقيفية لمعلومات تهمه في سفره يتم توزيعها له وقت المغادرة من المطار.

في النهاية المطلوب فقط هو رؤية حقيقية لأهمية المصريين بالخارج وكيفية التعامل الأمثل معهم والاستثمار في أصل مهم من أصول الدولة المصرية لتعظيم الاستفادة للطرفين مع ملاحظة أن أكثر ما تم طرحه لن يكلف الدولة المصرية إلا أعباء مادية بسيطة جدا في المقابل سيكون العائد كبيرا جدا سواء المادي أو المعنوي، هذا هو نص الرسالة أو الدراسة التي أتمنى أن يتم الأخذ بها لما تحتويه من اجراءات لو تم تطبيقها لتعاظمت الاستفادة من الطيور المهاجرة وتوطيد علاقتهم بوطنهم الأم مصر، والله المستعان.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط