الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

عايش.. لا جرح قدر يقتلي ولا يشيلني ذنوب


عايش .. صوت وفكر يدعو للتفكر و التأمل، إنها أغنية نهاية مسلسل ( المغنى) للكينج (محمد منير ) وهو أحدث عمل درامى له حيث يروى جانبا من مسيرة حياته ، من إنتاج عام 2016 .

كالعادة صوت منير فى الأصل لا يصلح إلا للتعبير الفلسفى عن الأشياء أو المشاعر، فلا يصح له أن يعبر عن مشاعر حب مثلا وتجد نفسك تفكر فى الحب فقط دون أن تتفتح فى ذهنك أفكار ومعان أعمق فيما وراء ذلك الحب ، إنها خامة صوته وتجربته الإنسانية، وما اكتسبه من الحياة، وهنا لابد أن نتيقن أن كلا منا تثقله الحياة بما يسعي بنفسه لاكتسابه، ولذلك فنحن مختلفون تبعا لميولنا واختياراتنا، لا يصبح أحد منا صالحا عن طريق الصدفة، ولا يعيش أحد علي الهامش لأن حظه عاثر أو سيئ، وإنما هو استعدادك لفهم الحياة بشكل خاص بك، و تقبلك لنتائج الكثير من التجارب التى تمر بها عبر رحلة حياتك .

أنا والكثير من أبناء جيلى وجيل قبلى وجيل بعدى عرفنا منير منذ بداياته، وكانت تلك الحالة التى تحدثنا عنها تأخذنا مع أغنياته لكثير من التأمل والعمق والتحدث مع الذات أحيانا، وهذا بشكل أو بآخر يساعدك علي شيء من النضوج الوجدانى، ولكنى اليوم أقف ما بين الحزن والحيرة فى أجيال شابة اختارت أن تستمع إليه لمجرد الإحساس بالتميز عن غيرهم، يصنعون حالة مما يمكن أن تطلق عليه ( الفوضي الخلاقة) بإمتياز، فعلي من تقع المسئولية عن تكوين وجدان شباب صغير بهذا الشكل ؟ رغم حسن حظه فى تطور تفاصيل حياته والثورة التكنولوجية والمعلوماتية المتاحة له بكل سهوله!

الحكمة القديمة تقول ( بداية الألم تبدأ بالفهم ) والألم هنا بالتأكيد يعنى ألمك من اكتشاف معان فى الحياة ليست علي قدر سذاجة ما تظهر عليه من السطح،وهذا ما يميز استقبال شخص عن غيره للمعني، وصلابتك تتكون من تصديك لتلك الاكتشافات والمعانى بقوة، وتأمل، وفهم .

تأتى أغنية عايش من كلمات (نصر الدين ناجى ) تعبر عن هذا المعني بشكل مباشر: (عايش بداوى سنين فى همومى، وبأفرح يوم . عايش يزورنى الحلم فى نومى، أقوم م النوم . عايش ما بين الحزن وبينى ميعاد مكتوب، لكن لا جرح قدر يقتلنى، ولا يشيلنى ذنوب ) .

رغم الكلمات الحزينة ، إلا أن المعني هو تحديدا ما نحتاج أن ننقله للكثير من شباب مجتمعنا ، ففيها من التحفيز الإيجابى والدعوة للصلابة فى مواجهة الحياة ما يعتبر نقطة انطلاق لمن يستقبلها كذلك .

(تشهد الأيام عالقلب المسامح، اللى عارف إن جرح الدنيا رايح . تشهد الأيام علي كل اللى صانها، الليالى عارفة من فينا اللى خانها ) لن يتحمل عنك أحد نتيجة اختياراتك .

(قلبى البريء من كل ذنب، علمته خير علمنى أحب ) إنها المقدمات التى تؤدى حتما إلي نتائج تشبهها .

( يا دنيا ما بدالك، ماشفتش غير جمالك، عايش بداوى سنين فى همومى وبأفرح يوم ).

الخلاصة علينا أن نرى الدنيا جميلة دائما لنشعر أننا عشنا الحياة، فليس كل من تنفس عاش، علينا أن نشعر أنفسنا أن هناك ما يستحق الحياة دائما ، حتي وإن كان فى وسط ركام من الهموم .

لحن الأغنيه هادئ يسير علي إيقاع منتظم لا يتغير وأعتقد أن ذلك مقبول حيث لا يطغي علي المعني ولا يأخذك بعيدا عن الفكرة العميقة لكلماتها، من ألحان (أحمد فرحات ) .

ولماذا لا نستمع لتلك الأغنيات مادمنا نمتلكها ؟ ولماذا لا تنتشر ؟ وكم من إذاعة أو برنامج سلط عليها ضوء ؟
أليست تلك المحطات ومعديها ومذيعيها من يصبحوننا ويمسوننا بانهيار الغناء و الفن ويصنعون التقارير المصورة عن أغانى المهرجانات ؟

إليكم أيها المنظرون الذين تحاولون إحباطنا بأننا لم نعد نملك غير حمو بيكا، المفاجأة أننا مازلنا نملك مبدعين وفنانين ومتذوقين !

ولكن علينا أن نسلط نحن عليهم الضوء لأنكم لا تملكون من أدواتكم شيئا.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط