الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الثقافة والسياسة والأخلاق


الثقافة من وجهة نظرى أهم من أهم الأشياء المادية ، وخاصة أنها الأساس الذى تقف فوقه أعمدة الحياة الحقيقية، فالثقافة هى اساس الأخلاق والتدين الحقيقى لا المزعوم ، والثقافة هى عنوان لنشر الخير وحب الناس وإعمار الأرض ، فهى الأساس القائم عليه ما يحتاجه الإنسان فى دنياه ليعيش سعيدا ، وما يحتاجه الإنسان لدينه ومعتقداته ، فالثقافة هى المعطيات الأولية التى تقود صاحبها الى الفهم ، ولذلك يجب تربية النشء الحديث على المعطيات الإيجابية التى تتيح إخراج كل ما هو إيجابى بل ومحاربة كل ماهو سلبى.

فالفهم الخاطئ عند بعض البشر يجعله يتخيل أن الثقافة هى عبارة عن كل ما هو جميل ومنطقى ومألوف ، ولكن الثقافة بمفهومها الحقيقى يحمل المتناقضات كلها ، من الجمال والقبح والشجاعة والجبن والإسراف والبخل ، والحب والكراهية والرقى والإسفاف ، والفوقى والتحتى والكبير والصغير والفشل والنجاح والصحة والمرض، وكل ما بين هؤلاء جميعا وما يتوسطهم، فالثقافة هى صناعة مجتمعية شاملة ، وهى نتيجة ومعطيات فى نفس الوقت ، فقد يصنع المجتمع كل ما هو جميل وقد يصنع العكس بثقافته التى تعود عليها ، وقد تخلق الثقافة حالة من الرضا وقد تخلق حالة من السخط والتردد والإزعاج ، فالثقافة قد يترتب عليها النجاح ، وقد يترتب عليها الفشل.

ذلك لأن الثقافة الحقيقية هى المعطيات والأسباب والدوافع والنتيجة كلها مجتمعة, فلا تجد أحدها منفردا فى دائرة منفردة ، ذلك لان الثقافة دورة حياة تتوارثها الأجيال من العقول والتصرفات ، وتتوارثها المجتمعات وتنميها وتطورها لصالح البشرية بما يقدم كل ما هو جميل .

كما يجب أن نتفق أن كل المجتمعات تنمي مفهوم الثقافة داخل أفرادها، ولكن كل حسب طريقته ووجهة نظره وإعتياده ، فهناك شعوب تربى أبناءها على حمل السلاح وإراقة الدماء والإسفاف وتخريب العقول ، ولا أحد ينكر أن هذه ثقافة مكروهه ومنتبذه , وهى فى الأساس ثقافة ، فالأخلاق السيئة والحديث بالباطل وإزاء خلق الله قد تكون ثقافة بشر لم تمتد عقولهم الى مفاهيم الثقافة الإيجابية ، فيطبقون الشر بحذافيره ويحاولون إجهاد من حولهم بألاعيب وتصرفات صبيانية لا ينتج عنها إلا دمار وخراب من عقول تشبعت بالثقافة المريضة .

وهناك الثقافة التى نسعى جميعا الى تنميتها وإيجاد مردودها فى الأثر ، والتى لها طابع إنسانى يغلب عليه العقل الواعى والضمير الإنسانى اليقظ والذى لا ينام ، فمن نام ضميره مات قلبه وكيانه وماتت إنسانيته ، وأصبح مجرد روح شريرة فى جسد شرير .. لذلك فتنمية العقول بالثقافة الإيجابية من أهم الأعمال على الإطلاق من خلال إيجاد دور للكل ، بمسئولية مشتركة للأفراد والكيانات ، بداية من الأسرة والمدرسة وتنمية الدور الحقيقى لدور العبادة سواء المسجد أو الكنيسة ، وتنمية دور الشارع من خلال تنفيذ القانون وإيجاد سبل جديدة لوضع ضوابط حياتية منطقية على المجتمع .

يا سادة ... أتمنى أن نتلاحم جميعا لإيجاد فرصة قوية لنشر الثقافة الإيجابية ولنشر القيم الصحية المرتبطة بالضمير الإنسانى ، بإرادة وقوة وحزم من خلال تنفيذ القانون وتطوير الذات والنظر الى المستقبل بإيجابية والبعد عن سبل الإحباط وصناعة حالة من السعادة والعمل المستمر والأفكار الواعدة والإبداع المقترن بالخيال والعلم ... كما يجب أن نعيد الى أبنائنا الثقة فى أنفسهم ويجب أن نضع الشباب على خارطة العمل والأخلاق فكلاهما يكسبان ثقافة الحب والطمأنينة والاستقرار .

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط