الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

فاروق ..و"مكر التاريخ"


الملك فاروق بن فؤاد الأول أخر ملوك مصر من الأسرة العلوية ..طالته الكثير من الأكاذيب والأقاويل عن فساده وحبه للهو وعن مغامراته النسائية وصولاته وجولاته في صالات الليل والقمار وشرب الخمر .. ومكر عليه التاريخ واغتال سمعته.. رغم انه بريء من ذلك كله ولم يكن فاسدا وكان يتمتع بالكثير من أخلاق النبلاء.. وكما جاء في كتاب هوامش التاريخ من دفاتر مصر المنسية للكاتب مصطفى عبيد.. فإن الملك فاروق ورغم ما أشيع حول فساده إلا أنه لم يتناول الخمر قط، وكان يدخن السيجار قليلا حتى تم خلعه، فلما سافر إلى منفاه، صار تدخين السيجار عبئا ماليا عليه .. واستشهد الكاتب بمذكرات كريم ثابت عن أن الملك فاروق كان يرفض تناول الخمور فى مختلف الحفلات والمناسبات.. مؤكدا أن الإسلام يُحرم الخمر.

أما الكاتب عصام عبد الفتاح، فأكد فى كتابه "أيام محمد على: حكاية رجل سبق عصره: عبقرية الإرادة وصناعة التاريخ": فاروق مات مسلما، لا شك فى هذا بل كان حريصا حتى آخر يوم فى حياته ألا يشرب الخمر ويستشهد بكلمة للمؤلف هيوج ماكليف فى كتابه "الملف السرى للملك فاروق" عن وجبة فاروق الأخيرة أنه أكل "دستة من المحار وجراد البحر وشريحتين من لحم الجمل، مع بطاطس محمرة وبقول فرنسية ورفض أكل الفطائر المُحلاة لأنهم كانوا وضعوا خمورا بها .. بينما قال أنيس منصور في كتابه في القلب لا يمتليء الذهب عن الملك فاروق.. عرفت من زوجته الملكة فريدة انه لم يذق الخمر لا إيمانا، وإنما كراهية لرائحتها.. كما عرفت من ابنه الأمير أحمد فؤاد، عندما لاحظت أنه يسرف فى التدخين، فقال "أنا كوالدى لا أشرب الخمر"... وكان الملك فاروق يحمل الكثير من الصفات الخيرة وكان يتبرع من مخصصاته للفقراء وكان يحمل من أخلاق النبلاء الكثير .. وانقل إليكم هذه الواقعة التي تؤكد ما أقول : في عام ١٩٤٧ م ... وصلت أخبار إن الأمير " محمد بن عبد الكريم الخطّابي " شيخ شيوخ المغرب وفارس فرسان دولة الريف اللي أبادها الفرنسيين والأسبان بالكيماوي لأول مرة في التاريخ ... وصلت الأخبار إن كتيبة فرنسية خطفته عشان لنقله ونفيه مدى الحياة في فرنسا على ظهر سفينة أسترالية ... والسفينة في طريقها لفرنسا من خلال قناة السويس ... الملك فاروق شعر بأن ذلك فيه إهانة لقائد وفارس وأمير شجاع ... حارب أكتر من ٣٠ سنة إستعمار بلاده من الإسبان والفرنسيين ... ومجرد عبوره من قناة السويس لمنفاه يُعتبر عِمالة وتواطؤ ... فقرر إنه يحرر الخطّابي ... ويوفر له حياة كريمة تليق بيه على أرض عربية.

ورغم إن العلاقات المصرية الفرنسية أصلًا كانت سيئة للغاية ... قرر الملك فاروق إنه يوقّف السفينة الأسترالية وينزع السلاح من الكتيبة الفرنسية ويحرر الخطّابي بالقوة ... ورغم ان قائد الكتيبة الفرنسية حذّر الجيش المصري من ذلك ... كان رد الجيش إن عليكم إحترام السيادة المصرية على الأراضي المصرية ... وإن مفيش محاكمة عادلة أجريت للخطابي وبالتالي وجوده معكم يعتبر " خطف " والدولة المصرية لن تسمح بأن تساهم في خطف بطل عربي وأمير بن أمير من أرضه وتسليمه كالخائن للفرنسيين ...ثارت القيادة الفرنسية وطالبت الإنجليز بالتدخل وتسليم الخطّابي في أسرع وقت ... إلا أن الملك فاروق بلّغ الإنجليز أن الخطابي في ضيافة حضرته الملكية ... وإن الخطابي في حماية الملكية المصرية ولن يُسلم أو يحاكم أو يتم إعتباره مُذنب لأن مفيش ذنب في أن الإنسان يدافع عن أرضه ولو بالسلاح ... اتمنى انقاذ سيرة الملك فاروق من مكر التاريخ وليس في ذلك اي شيء مشين ولا مسيء لثورة 1952 م .. وإنما من باب إعطاء كل ذي حق حقه.. وأيضا لا ننسى ان فاروق غادر مصر فور ان طلب منه الضباط الاحرار ذلك وتنازل عن العرش بدون اي مقاومة.. حقنا لدماء المصريين.. والشيء بالشيء يذكر ومن الأمور الايجابية ان الحكومة أعادت لأسرة فاروق جوازات السفر المصرية مؤخرا بعد ان كانت محظورة عليهم لعشرات السنين بدون مبرر ولا جرم.. والله المستعان.




المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط

-