الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

التجربة الصينية.. محاربة الفقر 1-3


شرفت خلال الفترة القريبة الماضية أن أكون عضوًا في وفد يمثل الدولة المصرية لحضور مؤتمر دولي في الصبن لعرض تجربتها في محاربة الفقر عالميا.

وفي الحقيقة لقد انتابني حالة من الانبهار من هذه التجربة الملهمة الخارقة لكل قواعد التنمية التي عرفناها على مدار القرون القليلة الماضية.

وحسب تصريح أحد المسؤولين الكبار في الصين أنه خلال العام المقبل ٢٠٢٠ سوف تعلن الصين أنها دولة خالية من الفقر.

أسعدني الحظ أنني كنت أيضا أحد أفراد الوفد المصري الأول الذي ذهب إلى الصين وذلك خلال عام ٢٠١٣ وقد كانت كل المؤشرات تقول وقتها أن هناك ٣٠٠ مليون نسمة في ذلك الوقت كانوا تحت خط الفقر، وهذا يعني أنه تم رفع مستوى معيشة ٣٠٠ مليون نسمة وانتشالهم من تحت خط الفقر في حوالي ٦ سنوات فقط وهذا يعتبر إعجاز وليس إنجاز فهناك دول كل تعدادها أقل من ربع هذا الرقم ومع ذلك تعاني منذ سنوات ومازالت محلك سر.

وهنا يكون السؤال الجوهري وهو "ما هو السر الخفي وراء هذا الإعجاز؟" والحقيقة أن الإجابة على هذا السؤال تتلخص في كلمتين وهما "العمل والشرف".

فقد أيقن كل مواطن صيني أنه لا يوجد بديل عن العمل من أجل الحياة وأيضا لا يوجد بديل عن العمل الشاق من أجل الحياة الأفضل؛ فليس هناك مجال للبلطجة أو التنطع أو التسول المقنع أو الابتزاز المستتر تحت شعار الحاجة وعدم القدرة علي العمل، أو حتى الاستسهال والعمل في مهن وهمية هي أقرب إلى البلطجة.

ليس هناك دعم غير مشروط لكل متكاسل أو متهاون أو متنطع بل هناك دولة قوية تنفذ القانون على الجميع دون التماس الأعذار والمبررات لمخالفته.

وهنا تأتي الكلمة الثانية في الإجابة وهو الشرف فكل مسؤول في هذا البلد يعلم جيدا أنه مجرد موظف يجب أن يتحلى بالشرف والأمانة والالتزام ولا يوجد سبيل للاستمرار في العمل والترقي والتدرج الوظيفي غير الاجتهاد والالتزام والشرف.

وأيضا هناك رقابة صارمة علي الجميع دون مجاملة، ولا وجود للفساد داخل مؤسسات الدولة فالعقاب حازم وحاسم ولا يوجد تهاون في الحساب والمحاسبة.

لا مجاملات قائمة على الحسابات الضيقة أو على العلاقات الشخصية؛ ولا يوجد مبررات أو أعذار للإهمال أو التهاون أو التكاسل؛ فالعمل والشرف هم عماد تلك الثورة الاقتصادية والنهضة الحياتية التي حدثت في الصين حتى تصدرت قائمة أكبر الاقتصاديات العالمية وأصبحت الصين الآن تبحث عن جودة الحياة وليست مجرد الحياة.

وسوف أعرض في عدة مقالات لاحقة بعض المشاهد والتجارب التي تم عرضها أثناء مدة هذا المؤتمر لعلها تكون مفيدة لكل من يقرأها وملهمة لكل من يريد الارتقاء بمستوى معيشته.

وأخيرا أريد أن أقول إن ما يحدث في مصرنا العزيزة خلال السنوات الأخيرة هو بمثابة الخطوات الأولى الصعبة التي اتخذتها الصين في بداية مشوارها الإصلاحي وأن المشروعات القومية الكبيرة والبنية التحتية والمدن الصناعية وتطوير الصناعات القديمة مثل الأثاث والجلود وترسيخ قيمة العمل واستنفار الضمير العام هو الطريق الصحيح والسبيل الوحيد للالتحاق بركب التنمية والتطوير.

حفظ الله مصر وحفظ شعبها.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط