الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

ومن الملل ما يقتل!


أحيانًا تتزاحم المشكلات في حياة الإنسان حتي تصبح مؤرق حقيقي في حياته ، تقضي علي ابتسامته وقد تقضي
علي الأمل بداخله وقد تصيبه بالملل القاتل الذي يفقده الرغبة في الحياة ويشعره بتعاسة مفرطة لا يمكن التخلص منها بسهولة وقد تقتله وهو علي قيد الحياة.



الملل من أن يخرج المرء من تلك الدوائر المغلقة التي يدور فيها باستمرار باحثًا عن مخرج أو وسيلة
يتخلص بها من تلك الضغوط النفسية المستمرة التي غالبًا ما تكون مصاحبة للمشكلات المتلاحقة
، هو أسوأ شعور ممكن أن يشعر به الإنسان لأنه يفقده مع الوقت بصيرته وقدرته علي التحمل
، فيتوه وسط زحام الحياة باحثًا عن معني لها أو ربما يبحث عن الأمان المسلوب أو الشعور
بالراحة والسكينة.



والمشكلات متعددة قد تكون مشكلات ناتجة عن التعامل تحت سطوة الروتين أو التعرض للتعامل مع بعض الجهات التي يسيطر عليها بعض المرتشين أو بعض الناس التي لا تفهم معني كلمة قضاء حوائج الناس
والثواب المفرط من ورائها، وقد تكون مشكلات نفسية مع المقربين للمرء كالإحساس النفسي
بالوحدة أو بضياع العمر وانفراطه أو بتمسك شريك الحياة بروتين ثابت في التعامل يقتل
الود أو يعطي الحياة صبغة من الملل يصعب التخلص منها.



يحتاج الإنسان دائمًا إلي شيء يتمسك به ويحيا من أجله فإذا فقد القدرة علي إيجاد ذلك الشيء تختل موازين
حياته ويشعر بالحزن وربما باليأس وقد يشعر بالظلام الدامس الذي يفقده القدرة علي التمييز
بين الصواب والخطأ ، بين التصرف المشروع والغير مشروع بين الرحمة الإلهية الممكنة والثبات
في وضع يائس بائس لا مفر منه.



إذا لم يستطيع المرء التخلص من هذا الظلام النفسي الناتج من الملل من كل ما حوله قد يفقد القدرة نهائيًا
علي التفكير السليم وقد يكره حياته بكل ما فيها من ثوابت لا تتحرك وركود عاطفي لا يموت .



وعلي الرغم من مرارة هذا الشعور وصعوبة التخلص منه إلا أن للحب والود قدرة ساحرة لتغيير المشاعر وتبديد
الظلمة وإحياء الأمل من جديد.


المشكلة الكبيرة أن تحيا دون أن يشعر بك من حولك ، وقد تحاول تنبيه المقربين ، مرات ومرات في انتظار
المساعدة والدعم النفسي لتخطي تلك المرحلة الخطيرة من حياتك ، وربما تشعر بالاستجابة
أحيانًا وربما لا ، وقد تنتظر ردود فعل معينة ولا تجدها في حينها فتفقد معناها مع الوقت
، ويزداد الصمت المصاحب بالملل الذي لا نهاية له.



والاهتمام من الأمور التي يصعب علي المرء طلبها وخصوصًا من المقربين منه، قد يشعر بأن عزة نفسه تمنعه
من طلب مشاعر الود أو لمسة حب قد يكون لها مفعول سحري تساعده علي القضاء علي ظلمة نفسه
إذا ما شعر أن اليأس يلاحقه، فيصبح الأمر رهن إرادة المقربين ومدي فهمهم لطبيعة الحالة
النفسية التي يمر بها هذا الشخص البائس، إما يحاولون إحداث تغيير يحول مسار البؤس إلي
استقرار نفسي وإما يبقي الصمت سيد الموقف حتي ينهار هذا الشخص الذي  أصيب باليأس فتزداد رغبته في الرحيل عن هذا العالم الذي أفقده الرغبة فيه من كثرة الضغوط والظلام.



في الجسد مضغة قد تجعل الإنسان سعيدًا راضيًا وقد يملؤها الظلام والملل فتفقده البصيرة ويحيا في ظلمة
موحشة وحيدًا فاقد البصر الروحي علي الرغم من قدرته علي الإبصار الدنيوي بعينيه، تلك
المضغة هي القلب الذي يحتاج إلي الترويح عنه بين الحين والآخر حتي يستطيع أن يتحمل
أعباء الحياة ويتمسك بقشة أمل تبقيه حيًا ، وتنعشه من جديد ، ليظل قادرًا علي تحمل
المشكلات اللعينة التي تؤرقه حتي يجعل الله له مخرجًا منها.

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط