الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

حينما يولّد الاستبداد أقذر معارضة سورية أنموذجًا


وما زالت النظم الاستبدادية مستمرة بتمسكها بكرسي السلطة التي لا تريد أن تتركه لمن يرى في نفسه أنه جدير بحمل هذه المسؤولية والإمساك بدفة الحكم وتوجيهها نحو برّ الأمان. 


غير أن تلك النظم لا ترى غير نفسها في التربع على السلطة وتحارب كل من تسول نفسه بمجرد التفكير في الجلوس مكان هذه النظم. 


وعليه تعمل النظم الحاكمة المستبدة وعبر الآليات المتوفرة لديها وتوجيهها لتوليد شخوص مرتبطين بها حتى آخر درجة من الانصياع والخضوع والارتماء في أحضان هذه النظم.


هذه الشخوص التي تتقرب من النظم الاستبدادية تتألف من مستويات مختلفة ولكل منها أسبابها من هذا الاقتراب، فمنها يتقرب ويلتصق بالسلطة لأنه يرى نفسه من أبناء الثورة التي أنجبت هذه السلطة ويعتبر نفسه الابن الشرعي لها ويعمل بكل ما في وسعه لحماية المستبد والسلطة على أساس أنهما ضمان بقائه واستمرار الثورة التي تمّ اختزالها بشخص الزعيم الملهم، ومنهم يبحث عن مكانةً يتقرب منها من السلطة لتنفيذ أجنداته العائلية وخاصة من الناحية المالية أو الوجاهة الوظيفية، ومنهم من يتقرب من الزعيم والسلطة من أجل السلطة بحد ذاتها بغض النظر من أنَّ هذا الشخص مؤمن بالزعيم أم لا، المهم لديه هو أن يلعق موائد السلطان ويمدح بالزعيم ويدبّر المكائد في قرارة نفسه على أنه هو فقط من يليق به كرسي السلطة وليس الزعيم نفسه.


من هنا وفي أية فترة تعيش السلطة حالات الاهتزاز الطبيعية نتيجة عوامل داخلية أم خارجية، نرى الشخوص من المستويات الأخيرة تخرج وتبتعد وتصرخ بمفاسد النظام الحاكم على أنه استبدادي وظالم ولص وقاتل مأجور للقوى الدولية وتعمل على شيطنة الزعيم حتى تنقلب عليه إن هي استطاعت لذلك سبيلا.

وتلتحم بالثورة إن هي بدأت وتحجم وتُبعد كل الشخوص المحترمين من طريقها كي تستولي هي بنفسها على كرسي المعارضة على أنها خير من تُمثلها.


هذا ما كان ورأيناه خلال العقد الأخير مما سُمي بثورات الربيع العربي بدءًا من تونس ومصر وليبيا وسوريا والعراق واليمن والآن في إيران. نسبة التشابه بين من يدّعون المعارضة كبيرة جدًا لأنها ارتوت أو ما زالت
ترتوي من نفس المعين الذي شربت منه كل المعارضة وهو الإخوان المسلمين. هذا التنظيم الذي سرق ثورات الشعوب وهي وليدة وأراد الركوب على هذه الثورات وجعل نفسه من بمستطاعه تأمين متطلبات الشعب في العدالة والكرامة. 


إلا أنه حالما يصعد كرسي السلطة أو في مرحلة نفاقه للوصول لكرسي السلطة نرى هذه المعارضة تكشف عن أنيابها ومخالبها وتبدأ بالتخلص من كل فرقائها وأصدقائها السابقين لتبقى الوحيدة الممسكة بزمام أمور السلطة.


لا داعي أن نتكلم عمّا حدث في الثورات التي طلّت علينا وإلى أين وصلت، فالحديث عما آلت إليه سوريا على يد النظام الحاكم ومن أدَّعت المعارضة خير مثال ويمكن سحبه على الكل. 


فالنظام الاستبدادي الذي كان يقصي كل من يعارضه تحت حجج لا حصر لها وجاهزة لأي معارض حقيقي إن كان في العمالة للخارج أو الكفر أو زعزعة أمن البلاد والعباد وتكون النتيجة إما الإهمال والتهميش في أحسن الأحول أو الاعتقال إن كان النظام راضيا عنه أو القتل باسم فاعل مجهول إن كان يشكل خطرًا على النظام بحد ذاته. وهي نفس التقربات التي تنتهجها المعارضة في مرحلة الثورة ولكن يبقى الخيار الأخير هو السائد وتصفية كل من يعارض المعارضة وإن كان على أتفه الأمور.


المعارضة في سوريا أفشلت الثورة وباعت الشعب بأبخس الأثمان كرمىً لعيون أردوغان الذي لعب دورًا كبيرًا بأدواته من المرتزقة الذين ارتهنوا له وجعل منهم بيادق مأجورين تحت الطلب وأينما كان، المهم هو المال وجمع الثروة على حساب الشعب والثورة. ما نراه من المعارضة وجيش النظام مما يحصل على الأرض لا يختلفون عن بعضهم البعض في أي شيء. 


وحتى يمكننا وصفهم الاثنين بأنهما لا يهمهما الشعب والوطن بقدر ما يسعون إلى التمسك أو الوصول للسلطة. فكِلاهما ينحر ويقطع الرؤوس من كِلا الطرفين وأيضًا يدنسون حرمة المقابر والأموات ويسرقون ممتلكات المواطنين الهاربين من جحيم صراع السلطة بين الطرفين. 


أما عن حالات التهجير والحرق والترهيب وطلب الفدية فحدث ولا حرج ما يقوم به الطرفان تجاه الآخر، ناهيك عن حالات الاغتصاب التي باتت تُعد من الأمور التافهة مقارنة بما يقومان به من أفعال شنيعة أخرى.


بهذا الشكل تتمكن النظم الاستبدادية من ضمان استمرارها لأنها أنتجت أسوأ وأقذر معارضة عرفتها الثورات على مرّ التاريخ.


وتبقى منطقة روج آفا في الشمال الشرقي من سوريا وكذلك قوات سوريا الديمقراطية التي قضت على داعش وأفشلت أجندات أردوغان، هي بقعة الأمل والضوء الوحيدة المتبقة في مستنقع الصراع ما بين النظام والمعارضة
وكذلك ما بين القوى الإقليمية إن كانت إيران أو تركيا وأيضًا ما بين أمريكا وروسيا إن كانت بين القوى الدولية.

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط