الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

كيف أترجم حبي؟


بعد سنوات طويلة من الزواج تقف أحيانًا في حيرة شديدة وقفة طويلة مع النفس، مفكرًا في طريقة مناسبة تترجم بها حبك لشريك الحياة، قد تتردد كثيرًا في أن تقف تلك الوقفة، وقد تحتار، وخصوصًا إذا كان هذا الشريك ذا شخصية مختلفة تمامًا عنك وله ردود أفعال قد تكون أحيانًا موجعة أو قد تترك أثرًا سيئًا في نفسك .


تلك الوقفة قد لا تأتي في السنوات الأولي للزواج ربما تتأخر لعشرات السنين وفقًا لطبيعة الحياة بينكما ، وربما تأتي في النصف الأخير من الحياة ، حيث تصاحبه مشاعر مختلطة من فقدان الشباب والوحدة ، وانقضاء أحلي سنوات العمر دون أن تشعر بالفرح أو الهناء أو الاستقرار النفسي الذي كنت تنتظره أو تلهث بحثًا عنه طوال حياتك.


أحيانًا تعصف بك الحياة حتي تقضي علي فترات من عمرك كنت تتميز فيها بالحيوية والثقة بالنفس والانطلاق والصمود، وقد يصل بك الحال مع الزمن إلي رفض الواقع والبحث عن السلام النفسي والسعادة المفقودة في تاريخ حياتك ، فالمشكلات المتلاحقة تقتل المتعة وتشوه الأيام، وتجعل شريط الذكريات كشرائط الأفلام التي تآكلت مع الزمن وفقدت ألوانها حتي صارت باهتة بدون ملامح أو معني.


المشكلة الكبري التي تصطدم بها وأنت في هذه الحالة النفسية السيئة دائمًا ما تكون التوقعات المكسورة والمشوهة، فالطبيعي أن أي علاقة بين اثنين لها مقومات متعددة ويضع كل طرف فيها توقعاته المنتظرة من الطرف الآخر ويراقب بدقة حدوثها أو عدم حدوثها، وقد تكون تلك التوقعات بسيطة أو شديدة البساطة ولكنها كبيرة في عينيك، شديدة الأهمية لروحك أو لاستقرار حالتك النفسية، وعندم تنكسر أمامك من شريك الحياة تكسر بداخلك أشياء وأشياء حتي تصل إلي اتخاذ قرار تلك الوقفة المهمة مع النفس لإعادة النظر من جديد في كيفية ترجمة حبك .


ودائما ما يأتي اختلاف الشخصيات ليقف عائقًا بين ما تتمناه وتنتظره وما يحدث بالفعل، فتصاب بقدر كبير من الإحباط والتخبط وتحزن وتتأرجح مشاعرك بين العزلة وبين لفت نظر الشريك مرات ومرات لما تنتظر أو تتمني، البعض ييأس بعد عدة جولات من المحاولة فيقرر أن يحيا حياة مزدوجة يظهر فيها مشاعر منمقة أمام شريك الحياة ويتغاضى عن ما يثير غضبه حتي يواصل الحياة في هدوء وصمت ، ويحتفظ لنفسه بشق نفسي آخر له شخصية مختلفة يحياها بالطريقة التي يختارها دون قيود أو شروط ودون أن يعرف عنها أحد، والبعض الآخر يظل في محاولات متتالية دون جدوي من المحاولة حتي يصل إلي طريق نفسي مسدود ويشعر أنه بينه وبين شريك الحياة حواجز صعب أن يتخطاها فكل منهما يتحدث عن شيء مختلف دون أن يتلاقيا في نقطة واحدة أو طريق مشترك يرضي الطرفين.


أحيانًا تتحول المحبة إلي قيود لدي البعض، يحاولون بكل جهد الهروب منها، وتتحول العلاقة بين الزوجين إلي علاقة تحكمها المادة أو المال أكثر من أن تحكمها المشاعر، قد تكون بعد سنوات طويلة من الشقاء واللهث دون الوصول لأي شيء حقيقي يسعدك أقصي أمنياتك الاهتمام النفسي والشعور باللهفة عليك، وخصوصًا عندما تجبرك الحياة أن تفترق عن شريك حياتك لأيام طويلة بسبب طلب الرزق، فتصبح مع الوقت في حالة نفسية سيئة ، تشعر مع طول الغياب بالانهيار النفسي تبحث فقط عن تلك اللهفة التي تفتقدها وخصوصًا اذا كنت تشعر بأنك قد قضيت دهرًا في البحث عنها دون أن تحياها.


تلك الوقفة أحيانًا تصبح حتمية ولا مفر منها ، وخصوصًا إذا كنت من تلك النوعية الرومانسية التي تهتم بالكلمة وتسعد بزهرة جميلة من شريك الحياة، أو تنتظر منه نظرة مختلفة تشعرك أن العمر ما زال فيه طيف من الشباب لم يزول مع انقضاء العمر، أو فنجان من القهوة ذات المذاق المختلف ولكن من يد شخص معين ، تشعرك بأنك في القلب ، ويكون الشريك لا يشعر بما بتريد ولا يقدر ما تقول، علي العكس تتحول محاولاتك في نظره لجذب اهتمامه إلي قيد حول رقبته يحاول الهروب منه قدر المستطاع، وقد يستهين بما تقول ويقابلك بردة فعل موجعة كالاستهزاء من رغبتك في أن يبقي معك لأطول مدة ممكنة ، أو يشعرك بأنك قد دخلت في مرحلة سن اليأس ، فيشعرك أكثر بأن العمر قد انقضي وكأنك قد كبرت علي أن تشعر بالحب.


الاصطدام يكون قاسيًا، وتتحول الكلمات كالأحجار المتراشقة، وتفقد معناها ، في هذه الحالة ليس أمامك سوي تلك الوقفة المهمة مع النفس ، لتفكر جيدًا كيف تترجم حبك؟ وكيف تتنازل عن رغباتك التي يصعب علي شريك الحياة أن يستوعبها أو رغباتك التي تحولت كالقيد الغليظ تشعره بالاختناق، وتضطر في تلك الحالة إلي اللجوء للاختيار الصعب، إما أن تزدوج كما فعل غيرك من المزدوجين وإما أن تطلب من شريك الحياة بعض الإرشادات التي تريحه لتفعلها حتي لا تفقده، وتحيا في وجوم وصمت ، وتنسي رغباتك في ترجمة الحب.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط