الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

محمد كمال يكتب: مملكة النمل.. وحظر التجوال


قال "أمين السر" إن الحق ثقيل وهو مع ثقله مرءٍ وإن الباطل خفيف وهو مع خفته وبئ.. وترك الخطيئة أيسر ورب شهوة ساعة أورثت حزنًا طويلًا.. وعندما امتلأ صدره بثقل الأحداث الجثيمة التى ستتعرض لها البشرية فسأل أمين السر: صاحب السر نبى الرحمة وشفيع الأمة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ..سؤالًا بديهيًا ربما يخفف عنه حمله : فقال يا رسول الله أرأيت إن أدركت هذه الفتن فبماذا توصنى .. قال له نبى الأمة .. وصية ما أحوجنا إليها اليوم: "يا حذيفة ..أمسك عليك لسانك .. والزم بيتك .. وأبك على خطيئتك" ..العجيب لم الزم بيتك؟! إنه يا سادة .. الحل النبوى وقت الأزمات.. المستمد من حكمة النملة فى القرآن الكريم عندما شعرت بالخطر فنادت "يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ".

هذا حديث سيد الخلق وهذا أمين سره وكاتم أسراره وعالم خبايا المستقبل وفتن آخر الزمان ومصائبه.. بلغة أخرى سيد الخلق يا سادة أول من تكلم فى البشرية عن المستقبليات وأمين سره أول من أدرك أبجديات وفنون هذا العلم.

يقول ابن سينا "الوهم نصف الداء والاطمئنان نصف الدواء والصبر أول خطوات الشفاء".. وفى الحقبة الكورونية الخوف يخيم على أجواء العالم والهلع يسبق الحذر.. فالقدر سريع وخطر .. والأمر جلل .. والناس فى بلادى لاهون، صنف يستهين وآخر يستكين .. والحكومة فى وادٍ تنادى وتناشد وتحذر .. فهل رأيتم أصحاب المقهى وهل جاءكم حديث الأبواب الخلفية للكافيهات والمطاعم .. هل سمعتم رجال الشرطة يترجون الناس لفض التجمعات.

وهل شاهدتم مسجد السيدة زينب بعد صلاة الجمعة .. ومناشدة المئات لرئيسة الدواوين كى تمنع البلاء وتخفف الابتلاء .. وهل وردكم قصة المريضة رقم ٣١ فى كوريا الجنوبية.. إذن إليكم القصة كى تعتبرون.. 

تعرضت سيدة كورية لحادث سيارة، نقلوها للمستشفى، تلقت الإسعافات الأولية وأثناء العلاج اكتشفوا أن درجة حرارتها مرتفعة جدا.. أعراض الفيروس المميت تتشابه مع أعراضها.. أخبروها بضرورة خضوعها للتحاليل.. فزعت السيدة وغضبت وهربت .. ثم ماذا حدث؟!

بلا مبالاة قاتلة ..أودعت السيدة المستشفى ..وغادرت إلى منزلها ثم اتخذت الخطوة الأصعب ..ذهبت إلى أكبر تجمع دينى لأداء الصلاة والدعاء وكأنها تطلب الشفاء ..لكنها لم تشف ..بل نقلت المرض للعشرات بل آلاف المرضى  ..كوريا الجنوبية التى كانت تسجل أقل حالات الإصابة بالمرض تسببت سيدة فى تفشى الوباء حتى صارت كوريا ثالث أكبر دولة فى العالم تواجه المرض بسبب خطأ سيدة واستهتارها.. وأصيب حتى الآن ١٨ ألف كورى بفيروس كورونا.

وبينما يواجه العالم خطر الفيروس ..والحكومة تناشد الناس التزام البيوت ..وتخفيف التجمع واللقاء ..من أجل البقاء تخيم فى الأفق سيناريوهات الطاعون الأسود والكوليرا وجهل القرون الوسطى فى التعامل مع الأزمة وطرق مواجهة الفيروس .. ويبقى التساؤل الأصعب.. لماذا لا يهتم الناس؟ 

سيناريو كوريا الجنوبية ..وإيطاليا ليس ببعيد.. وتعامل الناس هناك يتشابه مع رد فعل من هم هنا...  منذ الإعلان عن انتشار المرض.. الإيطاليون تعاملوا باستهتار.. المولات كانت مزدحمة ..والناس مكتظة فى الأماكن العامة ...والمنتجعات السياحية ...والمحلية فى كل الأماكن .. لم ينتشر الحذر  ولم يخش الناس ...إذ نقلت وكالات الأنباء تقارير مصورة لمواطنين طليان وهم يتراقصون فى سيناريو شبيه بالسفينة “تيتانيك” حيث كان من على متنها يلهون ويرقصون “الفالس” بينما هى تواجه الانهيار فى الأسفل.

هناك .. فى الصين مشاهد أخرى أكثر أملًا وفرحًا ودافعًا للالتزام والاهتمام .. المواطنون عادوا إلى مدارسهم.. الدولة نجحت فى السيطرة على المرض.. روضته وهزمته بإرادة الناس ووعيهم.. أما هنا فلطالما اعتاد الناس على الإلزام والإجبار ورفض النصح لذا وجب فرض حظر التجوال كعشرات الدول التى اتخذت القرار وبدأت فى تنفيذه حتى تتجنب جائحة الوباء.. فما خاب من لزم بيته ...وجلس فى داره..

يا سادة ... الأرض تأخذ استراحة من لهو البشر ..وكأن السماء تاقت للدعاء ..والصلاة ..والإنسانية 
(كوفيد ١٩) رغم شراسته ...إلا أنه أيقظنا من كبرياء أنفسنا بعطسة ...ولفت انتباهنا إلى صغر أحجامنا أمام الموت بكحة ..لذا عقموا قلوبكم ...برذاذ الحب ...ضعوا على كل باب يدخل منه الكره ..كمامة 
ارتدوا قفازات الأمل ..حتى إن لامستم الحياة بأيديكم ..ابعدوا عنكم جراثيم اليأس لبضعة أميال ..اعزلوا  أفكاركم السيئة  فى حجر صحى ..حتى تتعافى .. 
الفرج قريب جدااا فقط ثقوا برحمة الله ..!!! 

تحصنوا برحمة الله واستمروا فى بث روح الثقة فى رحمة الله وإشاعة الأمل.. 
 وقانا الله وإياكم شر الفيروسات وخطر الأوبئة والأمراض.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط