الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

محكمة الضمير الحي


العالم يتشكل من جديد، في ما نعيشه جراء انتشار وباء كورونا "كوفيد 19"، حيث يتوقع أن تتغير خريطة توازنات القوى الدولية بعد زوال الغُمَّة التي تهدد اقتصادات العالم، ولا أحد ينكر دور مصر الرائد في دعم الدول المنكوبة بالوباء، فبالأمس أرسلت مصر طائرتين محملتين بالمساعدات الطبية إلى إيطاليا لدعمها في محنتها رافقتهما وزيرة الصحة المقاتلة هالة زايد، التي ذهبت من قبل إلى الصين لتقديم المساعدة أيضا في ذروة انتشار الوباء، إيمانا من القيادة السياسية بحنكة القائد الرئيس عبد الفتاح السيسي أن "ضمير الإنسانية" هو الأبقى، وأن مصر هي مهد الضمير، ويقيني أن الخلاص من هذا الوباء بمشيئة الله سيكون دواءً مصريًا ينقذ العالم من مأساته.


المفارقة التي تعد خيطا رفيعا وبصيص أمل يقودنا للنور في ظل عتمة الوباء الذي يهددنا، احتفال العالم اليوم الخامس من أبريل، ولأول مرة هذا العام بيوم الضمير العالمي، الذي اعتمدته الأمم المتحدة رسميا، استجابة لمبادرة إنسانية رائدة قدمها القائد الإنسان الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس وزراء مملكة البحرين، لإحياء الضمير الإنساني الغائب، الذي تسبب في مآس كثيرة وحروب ونزاعات يعاني من تداعياتها العالم أجمع، في مبادرة تعد بمثابة محكمة رائدة، هو قاضيها.


هذه المبادرة، شرف للعرب جميعا في المحفل الأممي، بأن يكون الضمير العربي حيا، في ظل ما نعيشه من أزمة عالمية، وهي ليست جديدة على الأمير خليفة بن سلمان، فهو لم يكن فقط مهندسا لنهضة بلاده الاقتصادية والحضارية فقط، بل امتد ضميره الإنساني إلى كافة الأشقاء العرب، وليس أدل على ذلك سوى موقفه الشخصي وموقف بلاده في دعم مصر ماديا ومعنويا في حرب العزة والكرامة والتي انتهت بنصر أكتوبر المجيد في عام 1973 واعتزازه بمصر على قدر اعتزازه بوطنه البحرين، بل كان أيضا ضميرا حيا لبلاده هو وشقيقه الراحل عيسى بن سلمان آل خليفة أمير البحرين في أن تكون البحرين أول دولة عربية تدعم مصر فى عودتها لعلاقاتها مع الوطن العربى عقب مقاطعة العرب لها على أثر اتفاقية كامب ديفيد.


ويستمر الضمير الحي، بقيادة العاهل البحريني حمد بن عيسى آل خليفة ورئيس الوزراء خليفة بن سلمان، في دعم مصر في وقت الشدائد بعد ثورة 30 يونيو 2013، بعد إسقاط حكم الإخوان الذين مدوا أيديهم إلى الشياطين من حلفائهم لإسقاط مصر وكافة الدول العربية في مخطط الخريف العربي، ليبقى أمن الخليج من أمن مصر.


بحكمة السنين يضع الأمير خليفة بن سلمان كقائد تاريخي، نصب عينيه المشروع القومي العربي كافة قضايا العرب والعالم التي غاب عنها الضمير والإنسانية في مجملها، فقناعته  "إن لدى شعوب العالم إرادة قوية بأن يكون الضمير العالمي أحد المرتكزات الأساسية لدفع مسيرة العمل الجماعي الدولي من أجل عالم أكثر أمنا واستقرارا".


الضمير هو الذي يبقى وينفع الناس، وليس أدل يقظة الضمير العربي، إجراء الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبو ظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة بدولة الإمارات اتصالا هاتفيا بالرئيس السوري بشار الأسد، يوم الجمعة 24 مارس، أكد خلاله دعم الإمارات للشعب السوري في هذه الظروف الاستثنائية وتداعيات تفشي فيروس كورونا، وأشار بن زايد إلى أن سوريا لن تبقى وحدها في هذا الظروف الاستثنائية.


الضمير العربي كان يقظا في ملمح آخر، في تغريدة الشيخ خالد بن أحمد بن محمد آل خليفة مستشار ملك البحرين للشؤون الدبلوماسية على صفحته بموقع تويتر في رثاء عبد الحليم خدام نائب الرئيس السوري السابق حافظ الأسد، الذي توفي يوم الثلاثاء الماضي في باريس، حيث كتب: "رحم الله عبد الحليم خدام، ورحم الله حافظ الأسد، إنا لله وإنا إليه راجعون.. سوريا العربية لن تبقى وحدها".


يقظة الضمير العربي، باتت تؤكد عودة سوريا إلى محيطها العربي، منذ القطيعة التي نجمت عن الخريف العربي في سوريا عام 2011، والتي باءت بالفشل، لتصبح عودة سوريا إلى بيت العرب "جامعة الدول العربية" فور الخلاص من وباء كورونا، وعودة الحياة إلى طبيعتها، لتتأكد عمق الرؤية السياسية للقيادة المصرية التي حافظت على وحدة سوريا منذ الأزمة. 


 بينما هناك دول تلوث ضميرها وأصبحت ألاعيبها الشيطانية واضحة رأي العين للعالم أجمع فإيران صدرت وباء كورونا إلى الأشقاء في دول الخليج في غفلة من الضمير، عندما قامت بتسيير رحلات لمصابي الكورونا إلى البحرين والإمارات والكويت، دون أن تظهر على جوازات سفرهم أنهم غادروا من مطار طهران. 


غاب ضمير الدول العظمي بعد توارد أخبار القرصنة الأمريكية على شحنة كمامات كانت متوجهة إلى ألمانيا وسطوها أيضا على شحنات كانت متوجهة من الصين إلى فرنسا، ومن قبلها قرصنة التشيك على شحنة كمامات وأجهزة تنفس صناعي كانت متوجهة إلى إيطاليا، لقد سقط القناع عن هذه الدول التي كانت تدعى الفضيلة وتمارس الجبروت والهيمنة على الدول الأخرى. 


وتبقى في النهاية، القضية الفلسطينية هي محكمة الضمير الحي ولب القضايا التي تتطلب يقظة العرب في مواجهة الاحتلال الغاشم وأطماع بني صهيون والغرب في مقدرات وثروات العرب.

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط