الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

أبريل بلا كذبة



حتى وقت قريب وقبل أن تسحبنا الأيام إلى دروبها وفصولها المتشابهة كتلك الأوراق النقدية التى يسعى الجميع للحصول عليها من أجل البيوت المفتوحة ومتطلبات الحياة، تلك الأيام التى كانت تبدو بلا عدد والتى أسرفنا في إنفاقها كنا نتفنن في إبداع كذبة مَحكمة مع مطلع أبريل من كل عام، حتى نبهر كل الأصدقاء والأقارب بتلك القصة المرسومة بعناية والتى كان يدخل في تنفيذها شركاء من أصدقاء وأشقاء حتى تبدو كذبتنا واقعية، لنعلن عند ذروة الحدث الملفق أنها مجرد كذبة أبريل.

كذبة أبريل التى لا ينازعها في شهرتها خلال السنوات الأخيرة سوى "جمعة اليتيم" لم تكن تخلو من الطرافة والضحك النقى والدهشة الطازجة، تلك الأيام الخفيفة وساعات النهار التى كانت تتسع لكل شئ للعب والحب والكذب والتفكير والخروج والجلوس في منازلنا والمذاكرة وتناول الطعام، ولقاءات الأصدقاء أمام المنازل أو أعلى الأسطح والحكايات التى لا تنتهى وشكوى المحبين والاتفاق على المباراة القادمة وكيف سنخوضها ومن سيحرس المرمي وهل سيكون الحارس ثابت ام نلعبها بمبدأ "اللي يجيب جون يقف". 

حكايات كثيرة كنا ننسجها وأحلام بعيدة كنا نحاول أن ندرب أذرعتنا على اقتطافها، لقاءات غابت تدريجيا مع استقلال كل شخص لقاربه ليبحر بعيدا وفقا للتيارات التى تحرك الأشرعة وإن بقيت تلك الأجهزة الحساسة المزروعة في قلوبنا والتى تلتقط سريعا اى إشارات تصدر من اى قارب لنتجمع من جديد وكأننا كنا بالأمس فوق سطح أحدنا نتذكر ونضحك، نضحك على تلك الكذبة التى اضطر صاحبها للمبيت خارج المنزل ليقنع أسرته و ابنة الجيران التى كان يتمنى أن يلمح في عينيها اى علامة للاهتمام بأنه قضى ليلته في قسم الشرطة والتى انتهت بـ"علقة محترمة" من والده وافتضاح أمره حتى أن الفتاة عندما قابلته على السلم ابتسم لها ولكنها بادرته بسؤال لم يستطع اجابته "هاتكبروا امتى؟!". 

هانحن الآن كبرنا، وأصبح معظمنا لديه أدوية خاصة به لابد من تناولها يوميا، وتدلت البطون أمامنا وفقد الكثير منا شعره، وبقيت حكايات أبريل وكذبها ونوادرها أكثر ما يمكن أن نتذكره، ولكن الآن وبعد أن أدركنا اللعبة تركنا اختيار الكذبة وتفاصيلها وحبكتها الدرامية لهؤلاء الذين يدركون تماما مصلحتنا ويعرفون ما يجب علينا فعله ليس في أبريل فقط ولكن في كل وقت، هؤلاء الذين إذا جاء ذكرهم نقول "ربنا يجعل كلمنا خفيف عليهم".
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط