الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الكتاب.. وبصمة كورونا


في الخامس من شهر مايو الحالي سجلت مملكة البحرين سابقة هي الأولى من نوعها، تضاف إلى سجلات ريادتها وتميزها، فلأول مرة في التاريخ، يتم تدشين كتاب عن بعد عبر برنامج زووم، بسبب جائحة فيروس كورونا التي يتعرض لها العالم أجمع.


وتعد هذه السابقة التاريخية، لتدشين كتاب عن بعد، والتي سجلت باسم المؤلف راشد بن عيسى الجاسم مؤلف كتاب "البروتوكولات والمراسم في عهد صاحب العظمة الشيخ حمد بن عيسى بن علي آل خليفة (1932 – 1942 م"، دليلا على مدى مواكبة مملكة البحرين وأبنائها للتطورات التكنولوجية في كافة المجالات، كصورة مشرفة لبلادهم وللوطن العربي أجمع.


أهمية هذا الكتاب الذي أصدره مركز الوثائق التاريخية بمركز عيسى الثقافي، برئاسة الدكتور الشيخ خالد بن خليفة آل خليفة، تأتي من أنه يعد وثيقة تاريخية ووجبة ثقافية دسمة نتاج جهد علمي مميز ومبدع لمؤلفه الذي برع في تأريخ وتوثيق إنجازات مملكة البحرين الحضارية والتاريخية، ومرجعًا أساسيًا للباحثين والمهتمين في مجال التاريخ والمراسم والعلاقات السياسية والدبلوماسية في مملكة البحرين.


جماليات هذا الكتاب، تأتي أيضا من أنه استلهم فكرته من مراسم تدشين إذاعة البحرين عام 1940، التي تعد أول إذاعة في الخليج العربي، وأول إنجاز يطلق بالشراكة "عن بُعد"، إذ شارك في افتتاح الإذاعة ثلاثة حكام من حكام الخليج عبر الأثير، فبالإضافة إلى خطاب حاكم البحرين صاحب العظمة الشيخ حمد بن عيسى بن علي آل خليفة، فقد بثت الإذاعة خطاب صاحب العظمة السلطان سعيد بن تيمور سلطان مسقط وعمان، وخطاب صاحب العظمة الشيخ أحمد الجابر الصباح حاكم الكويت، في لوحة جامعة، فريدة من نوعها في زمانها، عبرت عن مكنون رؤية حكيمة لتوحيد الصفوف وشراكة المصير.


هذا الكتاب، يعد موسوعة تاريخية، استعرض خلالها الجاسم أبرز سمات وخصائص البروتوكولات والمراسم الملكية خلال حقبة مهمة من تاريخ مملكة البحرين الحديث، ليؤكد على أن المراسم الملكية وأعراف الحكم الرشيد في عصر صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، تنطلق من عادات وأعراف وممارسات ملكية عريقة توارثها حكام البحرين منذ تأسيس الدولة البحرينية الحديثة، مؤكدا أن العلاقات الأخوية الحالية مع حكام وأمراء وملوك الدول العربية والأجنبية ممتدة تاريخيًا إلى ما قبل مائة عام من الزمن.


ثنايا الكتاب تضمنت تفاصيل مشوقة في توضيح جوانب البروتوكولات وأعراف المراسم الملكية عن طريق عدد من الصور والوثائق التاريخية التي تضمنها الكتاب، كالزي الرسمي للحاكم صاحب العظمة الشيخ حمد بن عيسى بن علي آل خليفة المكون من الثوب ويرتدي فوقه "الزبون" أو "الدقلة الملونة"، والحزام الذي يتوسطه الخنجر البحريني المذهب ومن فوقه البشت، وكان عظمته يرتدي على رأسه "الشال الكشميري" الفاخر ومن فوقه "الشطفة المذهبة"، ويمسك بيده سيفا، موضحًا بأن عظمته كان يرتدي كذلك في المناسبات الرسمية الأوسمة الممنوحة له من قبل قادة وزعماء الدول، وهذا إلى جانب الزي الرسمي لكبار رجالات الدولة وقضاة الشرع في المذهبين السني والجعفري.


الكتاب ضم بين دفتيه أيضا، أبرز ملامح التنظيم وإعدادات مراسم الاحتفالات المعدة في عهد صاحب العظمة كـ"الإعلان" و"الدعوة للاحتفال" وتنظيم عملية الجلوس، حيث عرض وثائق لمخططات توزيع المقاعد ومكان المنصات، والمراسم المتبعة في تنظيم المواكب والتنسيق في الاحتفالات الرسمية والأعياد والمناسبات المحلية والخارجية.


المؤرخ الجاسم قدم في كتابه الثمين، نماذج من نظام المراسلات المستخدم حينها، والذي تميز بالطابع الإسلامي العربي وتدعيمه بالطابع الغربي المعاصر من خلال إدراج اللغة الإنجليزية واعتماد الأختمام الرسمية، وعرضه صور وثائق التعميمات الرسمية حول أعلام البحرين واستخداماتها، كالعلم الخاص بحكام البحرين، والعلم الخاص بالسفن والحدود، والبروتوكول المتبع أثناء الحدادات وتنكيس العلم، واستحداث شعارات الدولة، واستحداث معزوفة السلام الوطني سنة 1935م.


ولا يبقى في النهاية، سوى القول إن التاريخ سيسجل لمركز عيسى الثقافي أنه أول مركز عربي يدشن كتابا عن بعد، في عالم أضحت فيه اليوم التكنولوجيا لغة عالمنا الحديث، كونها تتحكم في حياتنا، في شتى المناحي وعلى رأسها التعليم والثقافة، في دولنا العربية التي أصرت على اللحاق بركب التقدم.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط