الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

ظاهرة المواطن التاجر


في أثناء أزمة طاحنة تمر بها مصرنا الغالية. وفي ظل انتشار فيروس كوفيد ١٩ بين أبناء الوطن. وفي ظل تزايد الأعداد مع عدم وجود الوعي اللازم للتعامل مع مثل تلك الكوارث الطبيعيه التي تمر بها الأوطان. ورغم أن ما وصلنا إليه في مصر من أعداد الإصابات أو الوفيات فهو بالمقارنه بدول أخري تتفوق علينا في الإمكانيات والقدرات وفي تصنيف نظامها الصحي مازال الانتشار في مستويات مناسبة يمكن السيطرة عليه بمزيد من النظام والتعاون والإخلاص والتضحية. 


وأود أن أقدم تحياتي وتقديري لأعضاء الأطقم الطبية في مصر سواء أطباء او أطقم تمريض أو أطقما إدارية بالمستشفيات وذلك لمواجهتهم هذا الفيروس بمنتهي الشجاعه والتضحيه بأرواحهم من أجل التفاني والإخلاص لأخلاق المهنة والتضحية من أجل الحفاظ علي المواطنين وعلي الوطن. وأعتقد أن هناك نسبة كبيره من أعضاء الأطقم الطبية تستحق تلك الإشادة والتقدير. 


ولكن في ظل تلك الظروف الصعبه تجلت ظاهرة أعتقد أنها ليست بجديدة ولكن الظروف سلطت عليها الأضواء لكي تتجلي وتظهر أمام الجميع وهي ظاهرة سلبية تسللت إلي أنفسنا في ظل عصور سابقه تعالت فيها المصلحة الشخصيه فوق كل شيء. وهي ظاهرة المواطن التاجر. وأصبحت صفة التاجر ملازمة وملاصقة لأي مهنة يمتهنها المواطن. وبغض النظر عن مستوي الثقافه والتعليم ومع اختلاف الجنس أو المستوي الاجتماعي أو الدين أو العرق. وهذه الظاهره أكيد نستثني منها من رحم ربي. فنجد الطبيب التاجر والمهندس التاجر والمدرس التاجر والموظف التاجر والمحامي التاجر  والمحاسب التاجر وغيره من أصحاب المهن التي كانت بمثابة رسالة إنسانية في الأساس. لتصبح مهنة الهدف منها هو التربح والتكسب بغض النظر عن القيمة الإنسانية والمبادئ السامية.

 
وللأسف لا تعتبر صفة التاجر مستقلة عن مهنة المواطن أي أنه يؤدي مهنته بمعزل عن تجارته لكن للأسف أصبحت التجاره بالمهنه ذاتها فهذا طبيب يستغل الظروف من أجل رفع مقابل الكشف أو يستغل حالة المريض من اجل إقناعه بوجوب الدخول إلي مستشفي من أجل التكسب والسمسره من وراء ذلك. وهذا صاحب مستشفي استثماري يستغل مهنته من أجل التلاعب بأهل المريض وإقناعهم بضرورة الدخول إلي الرعايه المركزه وطبعا زيادة تكاليف العلاج وذلك بغض النظر عن حالته الصحية الحقيقية. وهذا محام يتلاعب بالقانون ويتاجر به ويستغل ثغراته من أجل الحصول علي المال. وكلما كان موكله مخطئا ومرتكبا لجرائم خطيره مثل تجارة المخدرات أو القتل أو البلطجة كلما كان مقابل الترافع عنه أكبر بغض النظر عن إدانته أو براءته. 


وهذا مهندس استشاري يلجأ إليه أصحاب المنازل والمشروعات التي تحتاج تقريره من أجل الحفاظ علي المبني. وبالتالي يتاجر بهم هذا المكتب من أجل إعطائهم تقريرا مناسبا. وهذا مدرس يضغط علي التلاميذ من أجل إعطائهم دروسا خصوصيه لتجنب غضب المدرس و عدم  إعطائه درجات نجاحهم. وغيرها من المهن التي تحولت إلي تجارة حتي وصلنا للموظف البسيط في الجهاز الإداري للدوله الذي يستغل منصبه البسيط من أجل عرقلة خط سير الأوراق من أجل الحصول علي إكرامية معينه. هذا بجانب سبوبة مراكز علاج الإدمان وسبوبة مراكز الحقن المجهري وسبوبة المستشفيات الخاصة وسبوبة الأدويه المستورده. حتي وصلنا إلي المواطن العادي الذي يتعامل مع كل أزمة تمر بها البلاد من أجل التجاره والتكسب والتربح من هذه الأزمه. فنجد في ظل أزمة انتشار فيروس كورونا المستجد ومع ظهور الحاجه للكمامات تقريبا كل المواطنين يتاجرون في الكمامات الطبيه بغض النظر عن المواصفات الطبية المناسبة. وتحول أغلب المواطنين للتجاره في الكحول والمطهرات و الكلور حتي وصلنا في الأيام الأخيره إلي التجاره بالفيتامينات والأدويه. حتي لو كان علي حساب حياة مواطن آخر.


للأسف أصبح الربح والمكسب هو المعيار الأساسي والمبدأ الأول في جميع تعاملاتنا. وللأسف الجميع يلقي باللوم علي مؤسسات الدوله والتي تتحمل أيضا جزءا كبيرا من المسؤولية نظرا لغياب الإجراءات الرقابيه وغياب الوسائل العقابيه واللجوء للمجاملات لأبناء المهنة الواحدة واعتبار أن إدانة أحد أفراد المهنه هو خط أحمر لا يجوز. ويجب أن ندافع عن أبناء المهنه بغض النظر عن خطأهم وخطاياهم حتي وصل بنا الأمر أننا أصبحنا في جزر منعزلة محصنة بالخطوط الحمراء وأصبح المبدأ في التعامل هو الصراع ومبدأ الغلبة وليس التعاون والمشاركه. وكان الله في عون القياده السياسيه التي تتحمل الكثير من الملفات الخارجية المصيرية الشائكة التي تمر بها سفينة الوطن في مرحله تاريخيه من عمره تجمعت فيه كل التحديات في وقت واحد. ليزاد عليها الجبهة الداخلية التي طالما أكد علي أهميتها فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي ودائما ما يرسل برسائل الطمأنينه والتحدي لكل الظروف بشرط تلاحم الجبهه الداخليه وفهمها ووعيها بالمؤامرات والسيناريوهات الشيطانيه التي يتم وضعها من أجل الوقيعه بين الشعب ومؤسساته وقيادته السياسيه الحكيمه. 


وأخيرا يجب أن يتوحد الجميع ويصطف خلف القيادة السياسية والثقة في حكمته وقدرته علي التعامل مع كل الملفات وعدم الانصياع وراء الإشاعات والدعوات الهدامه لترسيخ الانقسام والتشتت ويجب التنازل عن بعض اامصالح الشخصيه من أجل المصلحة العامه ويجب فهم قضايا الوطن وعدم الهجوم المبني علي التعاطف الساذج والوطنية الهشة في حالة التراجع في ملف معين من الملفات الهامة لأن القياده السياسيه أدري وأعلم بكل الملابسات والظروف.. ففي بعض الأوقات يجب اتخاذ قرارات تكتيكية صعبة من أجل الوصول إلي الهدف الاستراتيجي الهام..فالأمن القومي المصري هو الخط الأحمر الوحيد الذي يجب أن نقاتل ونحارب من أجله وراء قيادة سياسية تاريخية جاءت في مرحلة صعبة ومفصلية من عمر الوطن..  وحفظ الله مصر وحفظ شعبها.

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط