الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

رجائى الميرغنى


مالحة هى الكلمات عندما يُخْبِرُنَا عقلنا الواعى أنك رحلت، صعبة وثقيلة الحروف عندما تقرر أن تغادر وجداننا المصاب برحيلك، وحدك الآن في سماء صافية تتابع من أعلى ما يحدث في كوكبنا العظيم، تماما كما كنت تُحْلِق بنا في فضاءات الأمل تزرع النور في نفوسنا، تحلل وتوضح وتشرح دون ملل، تبتسم عندما تلمح بصيص من النور بدأ ينبت بداخلنا على إثر كلماتك، تستند بظهرك إلى الخلف تُشْعَل سيجارتك، تشرب ما تبقى من فنجان قهوتك المنسى وتضحك. 

في صباح يوم أحد كان اسْمُك يظهر على شاشة التليفون، قمت من النوم وتنبهت، جاء صوتك مزين بالفرحة "مبروك أنت اتعينت" لم استطيع الرد إلا بسؤال "طيب وأيمن"، فكان ردك "مبروك وأيمن كمان اتعين"، يومها دخلت إلى مكتب رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير وطالبت أن يوقع أوراق التعيين الخاصة بنا أسوة بزملائنا، فعلت دون أن نطلب منك، وقفت تدعم شباب لا يملكون إلا عملهم والتزامهم واعتمادهم على الله، في وقت، وقف الجميع في طريقهم إلا أنت كنت تفتح لنا الباب لنعبر رسميا إلى عالم الصحافة، دافع الحق بداخلك طاقة نور لا تنطفئ أبدا، دائما كنت تمثل لنا السند والقدوة بمقومات المعرفة والحق، حتى كنا نظن أننا أمام شخص أسطورى موجود في الروايات والحكايات القديمة، ولكنك بالفعل فارس تعلم فنون الحياة بكل ما فيها من صراع وخرجت منها منتصرا لأنك أدركت مبكرا جدا فنون اللعبة.

سيذكر كل أبناء جيلي حتى هؤلاء الذين لا يملكون شجاعة الذكر، كيف أنك لم تغلق مكتبك في وجه أحد، ولم يرتفع صوتك ولم تتعامل أبدا بكبرياء وغطرسة، عِلْمُك كان يزيدك تواضعا وثقافتك ورؤيتك كانت تدفعك للتعامل بشكل إنساني، وضعفهم في المقابل كان يجعلهم يختبئون خلف مكاتبهم وصوتهم المرتفع وممارستهم الخالية من اى لياقة، كُنْت تحترم ضعفنا ونقص خبرتنا فَتُشَدَّد أيادينا القابضة على الحلم وَتُبْعَد عنا هؤلاء الذين لا يملكون اى موهبة سوى إيذاء الآخرين.   

سلاما لروحك المنطلقة، ولعقلك المستنير وأفكارك المضيئة وفنك الاستثنائى، سلاما لرقيك ولمساحات الجمال الشاسعة في داخلك، سلاما لصوت ضميرك الحى الذى لم يفارقك لحظة، سلاما لكل كلمة خرجت من فمك كانت بمثابة حائط لبناء النفوس الهشة وطوق نجاة للغرقي في بحور الظلم، سلاما لَاسْمُك الذى نتشرف به في كل مكان ونفخر أننا أبناء وتلاميذ رَجُلٌ يخشى صبية الصحافة اسمه، ويتمسك بطريقه كل من اخْتَارَ درب الصدق والعدل في عالم يتناقص شره وقبحه بوجود مُعَلِّمٌ صالح يبقى اسمه حاضرا بقوة رغم الغياب.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط