الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

حوار مثقف مع «شيخى الجليل»!


سعادتى بأى عمل أدبى لا توصف .. وتضاف إليها سعادة مضاعفة حينما تعلم أن الكتاب من إمضاء "شاب عشرينى" فى مقتبل العمر ومشوار "القلم الذهنى".. ويؤمن باللغة العربية ويقدس كلماتها ومصطلحاتها الثرية .. ويمتلك الجرأة فى الإبحار داخل المعانى والأفكار ويحطم تابوهات الدين المحرمة .. والمذهل أن الأديب الصاعد ينتمى إلى طبقة اجتماعية راقية نوعا ما ويدرس بكلية الإعلام فى جامعة نوال الدجوى، ولم يعزله هذا التصنيف التعليمى عن التثقيف وعمق الإطلاع والتفكير فى تفاصيل الروح للخروج بالقيمة والرسالة الإنسانية .. فهو متمرد على "قشرة" الجامعات السوبر التى تخفى تحتها مظاهر الانفصال عن الواقع وإدمان الإنترنت وضياع حس القراءة والانفتاح على الثقافات ونوافذ التنوير العقلى!.

وكان لا بد من هذه المقدمة عن الشاب الجميل محمود إبراهيم الذى أطلق لخياله العنان ومنح قلمه فرصة التعبير بحرية عن فلسفة الدين وارتباطها بالحياة ودروب الدنيا من خلال حوار شديد العمق والثراء بين شخص ما وشيخ بصير ببواطن الأمور .. وانطلقت الكلمات وخرجت الإجابات عن ١٠٠ سؤال فى تجربة "مولانا .. أسير النفس والهوى" وحديث مفتوح حول دنيا الناس ومفاهيم متنوعة تكتظ بها حياتنا وتحتاج إلى تفسير وتحليل وتفنيد .. ما هو الحزن؟ .. الضمير .. مراحل العلم وقدرتها على التجديد فى الدين .. أشد الأمراض فتكا بالإنسان واختراقا للنفس .. كيف نستطيع أن نتغلب على الوحدة أو الغربة؟ .. الشعرة الرفيعة بين المعرفة والإدراك .. طريق الندم ومانفيستو التعامل مع الله .. الرومانسية والحب والزواج لبناء الروح النقية السوية .. منطق الزهد وتكوين عقلية المسلم .. نبذ التعصب وصناعة علاقة صحية بين الأديان واحترام اختلاف العقيدة .. الظن ومفاسده، والمدح ومفاتنه، والخسارة الكبرى المراد تجنبها، وشأن الكلمة والرحمة فى الإسلام .. ومن هو الصادق الأمين، ولماذا عاش خلفاؤه كالصِدِّيق والفاروق .. والوالدان وكيف يتحقق البر المنشود بينهما وبين الأبناء لنفرز الخلف الصالح من الطالح .. والحُلم .. حلمى وحلمك لرؤية دين ينهض ويعمر وينقل أجياله إلى مرتبة "ورثة الأنبياء"!.


تريد أن تعرف شفرة هذه المفاتيح الفلسفية والروحية، عليك بقراءة ومطالعة الحوار بين هذا الشخص والشيخ الجليل .. المنتظر .. الأمل .. شيخ يجيب بعلم، وينطق بوعى، ويصيب فيؤثر ويطبع بصمة .. رجل دين بدرجة فقيه ومكانة عالم شفاف نحو المعرفة ونور العقل المتوهج .. والمحاور إما أن يكون طالب علم مبتدئا شغوفا بالفهم والمعلومة، أو إعلاميا يبحث عن الحقيقة الشاردة وسط ضباب التفاهة والتغييب، أو رجل أمن يتحرى ليُعد تقريرا مفصلا عن "شيخنا" قبل أن يرفعه لكبار السلطة ليقرروا مصيره ويحسموا أمره، أو ملاكا حارسا يحصد الدرجات النهائية لمن أتقن واجبه وأدى أمانته فى الدنيا ويستعد لجنى ثمار أعماله وأفكاره واتجاهاته بدخول الجنة وبلوغ الدار الآخرة الخالدة!.

بأسلوب يمزج بين تكثيف العبارات وبلاغة اللغة وجمالها نحويا، صاغ "الولد محمود" نسيجا أدبيا ممتعا ومبهرا فى ترتيبه ونسقه العام .. وتضافرت الأسئلة الحائرة فى شلال من الأفكار والقيم تُحرِّض على تغيير السلوك وترشيد النفس بكل شهواتها ورذائلها ورغباتها الجامحة .. والتجربة تحتمل شكل الرواية أو المسرحية الجدلية أو القصة القصيرة القابلة للمعالجة السينمائية .. ولن نصفق لنموذج أدبى كهذا فقط لشجاعة الطرح واقتحام المجهول فى ثقة وثبات، وإنما التصفيق بحرارة أكبر لوجود "بذرة" شاب مثقف مهموم بتوعية أقرانه وأصدقائه وأبناء جيله بما يجهلونه، وتبصيرهم بما هم غافلون عنه .. شاب نفتقد ظهوره وإصراره على تجديد دماء الأدب والثقافة فى شرايين  عصرنا المقهور بالاستسهال والاستهتار بأى قيمة أو مبدأ أو فكرة!. 

- وبمجرد انتهائى من "مولانا" تخيلت الكتاب بين  يدى مسئول بوزارة الثقافة أو أحد أعضاء لجان القراءة فى الهيئة العامة للكتاب .. ورأيت دموع الإعجاب فى عينى أى منهما تدفعه إلى مخاطبة الجهات العليا وإصدار قرار حكومى باحتضان مثل هذه النماذج المضيئة لتشجيع الشباب على الإبداع والتفكير النقدى والإنتاج الغزير .. وأيضا لتحديث الخطاب الدينى فى مجتمعنا المصاب بأمراض التطرف وضعف القلوب، والاستعانة بمن يملك الموهبة والفطرة السليمة فى أهم مشروع قومى .. "بناء الإنسان" .. روحا وعقلا .. ولنقرأ جميعا وبإمعان ما قاله "الشيخ الجليل" المُحاصَر بـ "فكر ضئيل"، ويعيش فى مجتمع "ذليل"!.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط